وبعيدا عن صخب الألوان، يحاول راسم هذه اللوحة من خلال حرق الخشب تصوير حياة ذكريات وحكايات الجيل الأول للنكبة الفلسطينية وحرصهم على نقل تفاصيل حياتهم قبل التهجير ومرارة النكبةوالتشريد إلى الأجيال المتعاقبة.
وباستخدام النار يبدع الفنان التشكيلي محمد الشريف في نقش رسومه على الخشب ليتدرج بالألوان المنبعثة من درجات الحرق لتتشابه إلى حد كبير مع درجات ألوان الأرض، وذلك تعبيرا عن عشق وتشبث هذا الفنان بالأرض الفلسطينية وما يستدعيه ذلك من استحضار لآلام التهجير والتشريد.
واكتُسب اسم المعرض الذي افتتح مساء أمس الثلاثاء ويستمر حتى نهاية الأسبوع من رسوم الفنان الشريف الذي يشارك لأول مرة بأربعة من رسومه في المعرض المنظم من قبل مجموعة من الفنانين التشكيليين الشباب المنضوين تحت ائتلاف محترف شبابيك للفن المعاصر ومركز حيدر عبد الشافي الثقافي للثقافة والتنمية وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
معاني الانتماء
ويركز الشريف في رسومه على معاني التمسك والانتماء والارتباط بأرض فلسطين وهي نابعة من تأثره بحكايات الآباء عن بلداتهم التي رُحِّلوا عنها قسرًا ليستقر بهم المقام في مخيمات مكتظة باللاجئين.
ويقول الشريف في حديث للجزيرة نت إن أعماله تدور حول الحياة في المخيم وأطفال المخيم وألم الجوع بعد الترحيل ونظرة المسنّين إلى ما وراء الحدود للتأكيد على أن الفلسطينيين هم أهل الأرض وتاريخها وحاضرها.
ويقول شريف سرحان من محترف شبابيك التابع لاتحاد المراكز الثقافية إن المعرض يأتي في إطار تنشيط الحركة الثقافية، والمحافظة على الثقل الفني الذي تزخر به غزة التي تحتضن أكبر عدد من الفنانين التشكيلين والبصريين على مستوى الوطن.
جماهير جديدة
ويضيف أن الفنانين التشكيليين في محترف شبابيك يسعون من خلال تنظيم هذه المعارض المجانية بالتنسيق مع مؤسسات ثقافية مختلفة إلى اكتساب جماهير جديدة وتعريفها بفنانين تشكيليين جدد من الشباب والمحترفين.
ويشارك في المعرض عشرة فنانين تشكيليين أتيح لكل واحد منهم حرية اختيار موضوعاته، وهو ما جعل المعرض يضم خليطا بين الطبيعة والرسم وفن "الديجتال آرت" المعروف بالرسم أو التصميم بواسطة برامج رقمية، و"الكالغرفك" وهو فن الجمع بين الكلمات والصور.
ويقول توفيق أبو شومر وهو أحد زوار المعرض، إنه خرج من زيارته بانطباع بأن غزة تزخر بحركة فنية وإبداعية وطاقات غير محدودة، ومواهب جديدة وأساليب تعبيرية لافتة مثل الرسم بالنار على الخشب.
ويضيف للجزيرة نت أن كل لوحة في المعرض تتطلب من الزائر الوقوف عندها مليا لاستكناه أسرارها، لافتا إلى أن الأعمال الفنية المعروضة هي حصيلة معايشة الفنانين لأوجه معاناة الفلسطينيين بكافة تفاصيلها.
وأثنى الفنان التشكيلي الكبير محمد الغف الذي جاء بصفته زائرا للمعرض، على جهود الفنانين الشباب رغم كل المثبطات والمعيقات المحيطة بهم، والحصار الذي يحرمهم من أدنى المقومات التي تعينهم على الاستمرار في إبداعهم وتألقهم الفني.