علي خلفية انتخابات الكنيست الأخيرة في دولة الاحتلال برزت العديد من الظواهر لشعبنا الفلسطيني بالداخل تعكس أزمة نخبتة السياسية في مواجهة الخطر المركزي المجسد بصعود الفاشية العنصرية الي سدة الحكم ونجاح أقصي اليمين بقيادة نتنياهو.
يمكن تلخيص هذة الظواهر بوهم التاثير و بالمقاطعة ،وارباك التقديرات والتحالفات بما يشمل استبدال العدو المركزي بالخصم الثانوي،وتقويص العمل الوحدي، وتراجع احترام قيم التعددية والرأي الاخر .
اولا :- وهم التاثير :-
لقد اخفقت القائمة المشتركة عندما قامت بأحدي الانتخابات السابقة بالتوصية علي غانس لتشكيل الحكومة في مواجهة نتنياهو.
وقد استغلت ذلك القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس عبر امعانها في تبني فكرة التاثير ودعمها لحكومة نفتالي بنت بحجة الحصول علي بعض (المكتسبات) المعيشية والموازنات التطويرية بالرغم من عدوانية وعنصرية حكومة بنت والتي صعدت من عدوانها بحق شعبنا.
تكمن الخطورة هنا باستبدال ثقافة المقاومة الشعبية والاعلامية والدبلوماسية بثقافة التملق للحكومة الصهيونية لقاء وهم الحصول علي بعض (المكتسبات) .
غني عن القول ان المستفيد الأكبر من ذلك هي الحكومة الصهيونية بهدف تجميل وجهها القبيح والعنصري أمام العالم عبر الادعاء بوجود عرب داعمين للحكومة اي ليسوا يهودا فقط هم الداعمين لها .
أعادة سياسة التاثير الفلسطينيين الي مرحلة الخمسينات اي بعد تأسيس دولة الاحتلال اثر التهجير القسري لشعبنا عام 1948حيث ساد اعتقاد حينها بأن التملق للاحزاب الصهيونية من الممكن أن يحمي الفلسطينيين بدلا من مقاومتها.
يشار هنا الي ان هذة السياسة تم شطبها من عمل القيادات الفلسطينية بعد هزيمة حزيران عام 1967 كما تم العمل علي استنهاض الحالة الكفاحية عبر يوم الأرض الخالد وغيرة من الهبات الشعبية الباسلة ومنها هبة الكرامة .
ثانيا :-المقاطعة :- هناك فئة محدودة تقاطع الانتخابات لأسباب ايديولوجية تحت مبرر عدم تشريع منابر الصهيونية ومنها الكنيست .
بقيت هذة النسبة محدودة حيث أن الاغلبية تؤمن بالمشاركة واستخدام الكنيست كمنبر اعلامي لمواجهة وفضح المشاريع الصهيونية والاحتلالية والعنصرية .
وقد أشارت نتائج استطلاع الرأي بالانتخابات الأخيرة عن حملة نظمها نتنياهو لدفع الجماهير الفلسطينية لعدم المشاركة بالانتخابات لان ذلك يصب لصالح اليمين .
علما انة يجب احترام فكرة المقاطعة من الناحية الايديولوجية الا انها لا تنسجم مع التفاعل والعمل السياسي المؤثر بالحياة العامة.
ثالثا :- ارباك التحالفات والعمل الوحدي :-
عندما تم تشكيل القائمة المشتركة حققت خمسة عشر مقعدا باحدي الانتخابات الماضية واصبحت الكتلة الثالثة بالكنيست حينها الامر الذي اقلق قادة الاحزاب الصهيونية .
ان شعبنا تواق للوحدة وهو يدرك أولوياتة ويعرف العدو المركزي المجسد بالاحزاب الصهيونية وهذا ما دفعة للتصويت المرتفع حينها .
لقد حدث مؤخرا ارباكا بالقائمة المشتركة من خلال انسحاب القائمة الموحدة برئاسة منصور عباس تحت شعار التاثير ثم الاخفاق لاحقا بالابقاء علي وحدة القائمة المشتركة من خلال خروج حزب التجمع منها .
تكمن الخطورة هنا باستبدال العدو المركزي بالثانوي فبدلا من التحذير من مخاطر الكاهنية الجديدة والمجسدة بحزب الصهيونية الدينية وتحالفها مع نتنياهو بما سيفرز الحكومة الأكثر فاشية بدولة الاحتلال والتي تؤمن بالتفوق العرقي واستئصال شعبنا وضم الضفة وتوسيع الاستيطان وممارسة القتل والتنكيل بحق شعبنا و الإسراع بتهويد القدس والامعان بالحصار والعدوان علي قطاع غزة .
تم القفز عن ذلك نسبيا (بإستثناء الايام الاخيرة قبل يوم الانتخابات) عبر تصعيد الحملات الشعبية والاعلامية ضد المكونات التي كانت تشكل القائمة المشتركة وخاصة بين الجبهة والتجمع.
ان حكومة نتنياهو -بن غفير تشكل خطرا وجوديا علي شعبنا بما يتضمن ذلك من مخاطر التطهير العرقي والتهجير القسري المطروح في برنامجهم الانتخابي .
شهدنا مع الأسف الشديد انشدادا للتراشق الإعلامي بين القوائم الفلسطينية بما في ذلك بين الجبهة والتجمع الذين يعتبروا الأقرب لبعضهما البعض انتخابيا رغم التباينات الايديولوجية بينهما .
لقد وصلت حالة التراشق الإعلامي بينهما الي مرحلة عدم توقيع اتفاقية فائض الأصوات الأمر الذي صب بغض النظر عن النوايا لصالح معسكر اليمين واهدر الاف الأصوات والتي كانت ستزيد من عدد مقاعد الفلسطينيين بالكنيست .
لا بد من العمل علي إعادة تصويب البوصلة عبر التركيز علي العدو المركزي بدلا من الخصم الثانوي .
وعلية فمن الهام بعد زلزال نتائج الانتخابات الأخيرة في دولة الاحتلال إعادة صياغة المعادلة علي قاعدة وحدة الجماهير الفلسطينية بالداخل وتعزيز القواسم المشتركة بينهما واحترام قيم التعدديةبين حلفاء الأمس من مكونات القائمة المشتركة وتحديدا يين الجبهة والتجمع واستثني هنا القائمة العربية الموحدة التي انتهجت مسارا سياسيا مختلفا تحت وهم التاثير .
اعتقد انة من الهام الاتفاق علي رؤية واليات لمقاومة الصهيونية الكاهنية العنصرية في دولة الاحتلال واري ان الجبهة والتجمع سيشكلان اذا ما اتفقا علي التنسيق والتفاهم المرتكز الهام لمواجه التحديات الوجودية الجديدة المجسدة بحكومة الفساد والعنصرية بقيادة نتنياهو .
من الضروري المزج ما بين العمل البرلماني كمنصة اعلامية لفضح السياسات والقوانين والممارسات العنصرية وبين العمل الشعبي الكفاحي وذلك عبر تشكيل جبهة للمقاومة الشعبية تضم جميع المكونات الكفاحية وبما يشمل الحركة الإسلامية فرع الشمال وحركة أبناء البلد وكل المكونات من قوي وفاعليات وشخصيات تؤمن بالكفاح الشعبي علي قاعدة مقاومة الاحتلال والاستيطان والتهويد والتميز العنصري .