ظل قطار Orient Express وعرباته القديمة منسيّة لسنوات عديدة، فى محطة سكة حديد صغيرة اسمها ماواشيفيتشيه، على الحدود الفاصلة بين بولندا وبيلاروسيا، وشاهد أحد عشاق السكك الحديدية، الفرنسى آرتور ميتّيتال، العربات الزرقاء المميزة فى مقطع فيديو على يوتيوب عام 2015، ما دفعه لاستهلال رحلة عبر أوروبا بهدف تعقّب القطارات المفقودة.
مجموعة الضيافة Accor، اشترت العربات المكتشفة مجددًا، واستعانت بالمهندس المعمارى الباريسى ماكسيم دانجاك، لترميمها بدقة متناهية كى تكون جاهزة للتشغيل على خط سكة حديد ينطلق من باريس ويقف فى محطته الأخير بإسطنبول، على أن يبدأ رحلاته من عام 2025، وفقا لما هو مقرر له.
تصاميم التجديد الداخلى لعربات القطار، توحى بأنها الهادفة إلى توفير تجربة سفر فاخرة تجمع بين سحر فن الآرت ديكو والرفاهية المعاصرة، وقطار Orient Express القديم، العابر لأوروبا، الذى خلّدته الروائية أجاثا كريستى التى اشتهرت برواياتها البوليسية لم يعد موجودًا، فإن الاسم بات مرادفًا للأناقة القديمة.
وتشغل شركة السفر الفاخرة "بلموند" رحلات تكرّم قطار Orient Express بين المدن، ضمنًا لندن وأمستردام، وعلى نحو منفصل، تطلق "أكور"، التي وضعت تصورات مبهرة لعربات ماواشيفيتشيه المُعاد اكتشافها مجدّدًا، وتضيف خدمة Orient Express فى إيطاليا عام 2023.
ألقى الفرنسى ميتّيتال نظرة خاطفة على داخل كل من المقصورات المحفوظة داخل محطة ماواشيفيتشيه لأول مرة، وشعور بالذهول من حقيقة أنه "لم يلحق بها ضرر تقريبًا، فقط تآكل مرور الوقت"، رغم وقف استخدامها منذ عقد فى الحد الأدنى، وكان ميتيتال قال ، فى يوليو الماضى: "كانت جميع الزخارف سليمة وبدا الأمر وكأن الزمن توقّف هنا".
وشملت التصاميم الداخلية لوحات مطعّمة بالزخارف على طراز فن الآرت ديكو، لمصممى الديكور الإنجليز موريسون ونيلسون، بالإضافة إلى الألواح الزجاجية للحرفى الفرنسى رينيه لاليك، وفيما كانت العربات محفوظة بشكل جيد، كان من الواضح للفريق لدى "أكور" أن عملية الترميم الواعى ضرورية قبل عودة العربات إلى السكك الحديدية، وهنا يأتى دور دانجياك.
وقال المصمم دانجيا، إنّ الهدف كان الحفاظ على تاريخ القطار مع إضفاء لمسة مستقبلية عليه، وأشار إلى أنه "يجب أن نفكر تمامًا فى كيفية مواكبة هذا القطار بشكل يتماهى أكثر مع المستقبل، فنحن بحاجة للتأكد من أننا حافظنا على جذوره القوية"، وأضاف أنه فى حين أن العربات القديمة أصغر من نظيراتها الحديثة، فقد استمتع بالتحدى المتمثّل بـ"إيجاد أساليب لتحقيق أقصى درجات الراحة والرفاهية لاسيما فى المساحات الصغيرة".
وأصدرت "أكور" صورا توضح تصاميم داخلية فخمة، استُخدمت فيها ألواح خشبية داكنة اللون لإضفاء أجواء مريحة، تتخلّلها ومضات غنية بالألوان، مثل الأرائك المخملية خضراء اللون، وتعزّز فكرة الزجاج المتكرّر والمرايا الشعور بالانفتاح، حتى فى عربة الطعام التى تتمتع بسقف عاكس مذهل.
وأعرب دانجاك عن شعوره بالفخر الكبير من النتيجة الأخيرة للأجنحة، حيث أوضح أنّ التصاميم تجسد "روح العشرينيات" وستكون مثيرة فى الليل والنهار على حد سواء، تشمل الأجنحة أسرّة تتحول إلى أرائك خلال النهار، وتحتوى أيضًا على طاولات ومرايا دائرية، صمّمها دانجياك لإضفاء "رقة وتوازن" على هيكل القطار والعربات المتسمة بالزوايا.
وقال آرتور ميتّيتال، الذى أعاد اكتشاف عربات ماواشيفيتشيه قبل سبع سنوات، ويعمل راهنًا كمدير للتراث والثقافة فى Accor Orient Express، إنه مسرور بإلقاء نظرة أولى على التصاميم الداخلية التى أعيد تصوّرها، وأضاف أنه يعتقد أن دانجاك "التقط طابع وجو هذا القطار وتاريخه على الفور ووصله بالحداثة".