هل من حاجة لمنظمة التحرير؟إشكاليات التمثيل
في مقالة اليوم سأحاول كما يقال دائما التفكير خارج الصندوق أي التفكير بطريقة مغايرة لما هو سائد.فموضوع المنظمة من الموضوعات المصيرية التي ترتبط بالهوية والتمثيل الفلسطيني.ولعل السبب في طرح هذا السؤال ما يطرح من مجادلات ونقاشات ومؤتمرات والحديث عن بدائل أخرى. ومن النقاشات يبدو أن هناك نوايا غير ما يطرح من آراء. إبتداء لا بد من طرح عدد من الملاحظات: أولا:لابديل لآى خيار آخر للمنظمة كممثل شرعى ووحيد للشعب الفلسطيني.والبديل الوحيد في حال قيام الدولة الفلسطينية المستقلة كما سنرى في موضوع المقالة اليوم. الملاحظة الثانية أن المنظمة في هذه المرحلة تقوم بما تقوم به الدولة من وظائف ولديها كل المؤسسات وهى تعتبر تطورا في الكينونة الفلسطينية بدءا من اللجنة اللربية العليا في ثلاثينات القرن الماضي مرورا بحكومة عموم فلسطين ، ثم مرحلة اللاتمثيل والتي تمثلت في مشروع المملكة المتحده بين الضفة الغربية والأردن وبقاء غزه ممثلة ومجسده للحالة الفلسطينية بوثيقة سفر اللاجئيين التي حملها مواطنوها وألإدارة المصرية لحكم غزه، وصولا لمرحلة المنظمة وإنتهاء بمرحلة إشكالية التمثيل بعد توقيع إتفاقات أوسلو وإجراء أول انتخابات نتج عنها السلطة التشريعية ممثلة بالمجلس التشريعى واإنتخاب اول رئيس في شخص الرئيس عرفات كرئيس للسلطة التنفيذية وحكومة تنفيذية إلى جانب السلطة القضائية، هنا بروز إشكالية العلاقة بين السلطة ومؤسساتها والمنظمة ومؤسساتها لحساب الأولى , وهذا ما خلق ما نعانية اليوم من تراجع في دور المنظمة لحساب السلطة. الملاحظة الثالثة أن دخول حماس الانتخابات عام 2007 وفوزها بأغلبية تسمح لها بتشكيل الحكومة بدون الرئاسة خلق حالة من التنازع والصراع على الصلاحيات بين رئيس حكومة منتخب ورئيس منتخب إنتهى بقيام حماس بالسيطرة والإنقلاب على سلطة هي جزء منها لتشكل سلطتها وحكومتها في غزة تحت مظلة شرعية ألإنتخابات التي فازت فيها. والملاحظة الثالثة تطور حالة ألإنقسام من مجرد خلافات حول مقاربات وقضايا سياسية لتنتقل إلى الصراع حول التمثيل ومن له حق تمثيل الشعب الفلسطيني متناسين كينونة منظمة التحرير ككينونة سياسية لها هذا الحق السيادى. وهذه المرحلة نجد صورها الكثيرة في الدعوات لبديل ، وتطوير وإصلاح ، وعقد مؤتمرات وندوات وغير ذلك وكلها تهدف في النهاية في دعم موقف طرفى الإنقسام. والملاحظة الأخرى الحاجة الضرورية لإصلاح المنظمة وتطويرها وتفعيلها لتضم كافة المنظمات، ومن هذا المنظور يعتبر اى بقاء خارج المنظمة يفتقر لصفة الشرعية والتمثيل، فالأساس هنا في التمثيل للمنظمة في إطارها الموسع، وهنا تبرز جدليات وخلافات حول ماهية ألإصلاح؟ والرؤية الوطنية او البرنامج السياسى الذى قامت عليه المنظمة . والحاجة لإعادة صياغة القانون ألأساسى الذى تأسس عليه النظام السياسى ، فنحن في حاجة لنظام سياسى واضح المعالم والعلاقات وليس كما هو قائم متأرجحا بين البرلمانية والرئاسية , وهذه من أهم قضايا الإصلاح.ونعود لسؤال مقالتنا هل من حاجة لمنظمة التحرير؟ ومتى يمكن الذهاب لمرحلة تمثيل أخرى؟ألأساس في التمثيل للدولة وليس لآى كينونة سياسية أخرى كمنظمة أو غيرهأ, على أساس ان الدولةتعتبر أعلى المؤسسات السياسية القائمة والموجوده وما دونها لا يحق له التمثيل، فالدولة تتجمع فيها العناصر الثلاث لإقليم والشعب والسيادة .ولا تتوفر لغيرها. والمشكلة فلسطينيا ليس في من هو الممثل الشرعى فهذه قضية محسومة ، ولكن في السؤال هل لنا دولة ؟ وهل يمكن إعتبار دولة مراقب أو دولة كاملة العضوية تحت الاحتلال بإعتراف الأمم المتحده؟ وهل يمكن إستبدال المؤسسات القائمة بمؤسسات الدولة ؟ وباى وسيلة وآلية ؟مشكلة التمثيل الواحد حلت مع منظمة التحرير بإنشائها عام 1964 وتم الإعتراف بها ممثلا شرعيا من قبل القمة العربية وإعتراف كثير من الدول وبحضورها بصفة مراقب في العديد من المنظمات. وباتت تمثل الكل الفلسطيني في الضفة وغزة والمخيمات.لكنها لم تمارس عنصر السيادة على الأرض أو أي جزء منه بسبب الإحتلال.وكما أشرنا ورغم مرحلة أوسلو والإعتراف المتبادل مع إسرائيل ، بقيت المنظمة هي الممثل الشرعى والوحيد والذى طرأ إنتقالها إلى فلسطين وهنا تكاملت العناصر الثلاث الأرض والشعب والسلطة لأنه لا سيادة مع الاحتلال. وحيث أن إتفاقات أوسلو قد إنتهت بعام 1999 والتي كان يفترض معها قيام الدولة ، ألآن دخلنا في مرحلة جديدة بين التارجح بين المنظمة والدولة تحت ألإحتلال.ويبقى خيار المنظمة كممثل شرعى ووحيد للشعب الفلسطيني مرتبط بأمران ألأول إنهاء الاحتلال، والثانى قيام الدولة الفلسطينية الكاملة . وفى هذا السياق في حال قبول فلسطين دولة كاملة العضوية تحت الاحتلال في الأمم المتحده سنكون أما مرحلة جديدة ستنتقل معها للدولة الفلسطينية بكل مؤسساتها وهذايعنى إعادة بناء كل المؤسسات السياسية بما فيها مؤسسات المنظمة ودمجها في مؤسسات الدولة من خلال الانتخابات وبلورة برنامج عمل أو رؤية وطنية للفترة الإنتقالية ملزمة لجميع القوى السياسية بالتوافق حول برنامج عمل سياسى متكامل ويستجيب لتطورات القضية الفلسطينية . وفى هذه المرحلة يكون هناك قرار سياسى واحد وسلطة تشريعية واحده. وهذا يتطلب أيضا إعادة صياغة القانون الأساسي كما أشرنا وتحديد مكانة المنظمة. وحتى قيام أو الوصول لهذه المرحلة تبقى الحاجة لتفعيل وإصلاح المنظمة لتضم كل القوى السياسية وتشكل المرجعية العليا للعمل السياسى الفلسطيني خيارا حتميا.