الإرهاب هو نفس الإرهاب، بغض النظر إذا كان المخرب مسلماً أو يهودياً أو من أية ديانة أخرى، ولا يمكن الانتصار على الإرهاب بواسطة الخطابات.
معتمرو القبعات والمستوطنون لم ينفذوا العملية في دوما، وعرب إسرائيل لم يطلقوا النار في شارع ديزنغوف.
لا يمكن اتهام جمهور كامل بالقتل، فالحديث هو عن أفراد وعن أقلية متطرفة، وإذا تم جرنا إلى حرب تحريض في داخلنا فإن أولئك المتطرفين الهستيريين سيكونون قد حققوا أهدافهم المتمثلة بخلق الانقسام وتأجيج الكراهية.
دولة إسرائيل موحدة، ونحن الملايين الكثيرة، مواطنيها، جئنا من أصقاع مختلفة وثقافات مختلفة وأغلبيتنا يهود، ولكن يوجد بيننا أيضاً مسلمون ودروز ومسيحيون، بعضنا متعلمون، والبعض منا بالكاد أنهى تعليمه الإلزامي، يوجد بيننا مجموعة من الأثرياء جداً والكثير من الفقراء ويوجد نباتيون أيضاً.
لدينا يوجد كل شيء، وهذا جزء لا يتجزأ من الواقع في الدولة التي أقيمت على أنقاض مملكتين قديمتين تم تدميرهما بسبب الكراهية، بلاد جمعت في داخلها ضحايا الكارثة ومطاردي ولاجئي الحروب.
وقد كنا في الشتات أقلية تفخر بما تملكه من روحانيات وكررنا مقولة: «ما تكرهه لنفسك لا تتمناه لصديقك».
كان آباؤنا أبناء شعب مشتت تم استيعابهم في قطعة الأرض التي كانت حتى عام 1948 أرض كل سكانها ومُحتليها، وإذا قمنا للحظة بتجميد مفهوم «الحق التاريخي» – فرسمياً لم تكن هذه البلاد تابعة لأحد.
«القدماء» هنا لم يكونوا، وربما اليوم أيضاً، أبرياء من أخطاء استيعاب المختلفين من العالم، ولكن إلى متى سنستمر في الحديث عن هذه «الأخطاء»؟
في أيام كهذه بالذات، حيث لإننا غاضبون ونتألم بسبب العمليات الصعبة – سواء قتل مدنيين أو قتل عائلة وهي نائمة في دوما – من واجب القيادة في الأساس، ومن واجب الجمهور في الشوارع، الحذر بشكل مضاعف في الردود.
أفعالنا كشعب في هذا الوقت ستحدد مستقبلنا، وكل استبعاد للجمهور العربي، حتى لو كان صغيراً، سنحصل مقابله في المستقبل على طابور خامس نتيجة أفعالنا (ربما نكون أوجدنا أفرادا كهؤلاء).
كل استبعاد للجمهور الديني القومي سيكلفنا نفس الثمن بالضبط (ربما أننا أوجدنا أفرادا كهؤلاء).
مسؤوليتنا كأغلبية هي تبني الهوامش وعدم إفساح المجال لها لتكون غريبة ومنفصلة عنا.
الحل لا يكمن في إقامة المزيد من مراكز الشرطة في القرى العربية، أو إدخال المزيد من عملاء «الشاباك» إلى داخل اليمين المتطرف. هذه الخطوات ممكنة، لكن إذا كان واضحا أنها ممن اجل معالجة المتطرفين بشكل مؤقت، وليس تجاه السكان ككل.
الحل يكمن في الاستيعاب، ليس بشكل يدفع جمهور معين إلى التنازل عن هويته، بل بشكل يحتضنه ويقلل من عدم الرضى وشعور التمييز والاضطهاد، الذي يحولهم في نظر أنفسهم إلى هوامش.
النقص في مراكز الشرطة والسيادة الإسرائيلية الضعيفة يوجد بنفس القدر في القرى العربية وفي البؤر غير القانونية، والمفارقة هي أنه في البؤر لا يتم احترام القانون رغم التواجد العسكري المكثف هناك. والحاجة إلى إرسال جنود ورجال شرطة ورجال من «الشاباك» إلى تلك البؤر يمنع من إعطاء الأمن لمواطني إسرائيل المحافظين على القانون، ويتطلب هذا أيضاً الأموال الطائلة التي يمكن تخصيصها للطبقات الضعيفة.
يجب فرض القانون على رجال اليمين المتطرف بشدة وبأية طريقة، حتى وإن كانت الطريقة صعبة، وهذا سيزيد من سيطرة الدولة على ذلك الجمهور الذي يشعر نفسه صاحب العدل الوحيد ولا أحد سواه. العدل الذي يُبنى في الغرف المغلقة داخل الكرفانات الموضوعة على تلال بعيدة لم تطأها أقدام الإسرائيليين إلا عند التجند لخدمة الاحتياط. «بعيداً عن العين، بعيداً عن القلب». هذا القول تحول مع الوقت إلى «بعيداً عن العين، بعيداً عن القانون». وهذا لا يمكن قبوله والتسليم به في دولة ديمقراطية.
تطبيق القانون بشدة يسري أيضاً على المتطرفين داخل عرب إسرائيل الذين لا يحترمون قوانين الدولة ولا يترددون في استخدام أموال الدعم من قبل مؤسساتها. وقد حان الوقت ليختار عرب إسرائيل ممثليهم للكنيست بناءً على مدى اهتمامهم بذلك الجمهور، مواطني الدولة، وليس الفلسطينيين في الضفة وغزة، حيث يؤيدون هناك الإرهاب ويطلقون الصواريخ بدون تمييز على مدن الدولة وقراها.
تجنيد عرب إسرائيل للخدمة الوطنية الإلزامية – عسكرية أو مدنية – في عملية طويلة الأمد، أمر صعب لكنه ليس سيزيفيا، وهذا من شأنه أن يُسرع تحويلهم إلى مواطنين متساوي الحقوق في دولة إسرائيل، دولتهم. سوف يساهمون عامين أو ثلاثة في دولتهم، مثل باقي شبان إسرائيل. وفي المقابل يحصلون على قروض السكن وحقوق أخرى مكفولة لمن يخدم، كيف سنتوقع من شخص أن يشعر أنه جزء من الدولة في الوقت الذي نمنعه فيه من خدمتها؟.
وكشعب عاش شعور الأقلية خلال ألفي عام، لنحافظ على نفسنا كشعب واحد، شعب أخلاقي وموحد، قوي ومصمم تجاه الأعداء في الخارج والداخل، وتجاه المُخلين بالنظام، وفي المقابل مد الأيدي للأغلبية التي تريد ربط مصيرها بمصير الدولة.
تعالوا لا نسمح للإرهاب – العربي أو اليهودي – بأن ينتصر.
خطابات ومقالات حول «دولة تل أبيب» أو الأغلبية اليهودية مقابل الأقلية غير اليهودية، لن تفيد، بل تزيد من صب الزيت على النار.
عن «هآرتس»
-