تُقدم بنوك مركزية حول العالم على زيادة استحواذها على الذهب تحوطاً من التضخم ولدعم اقتصادات بلادها، لتشهد الفترة بين يوليو وسبتمبر من العالم الجاري أعلى وتيرة شراء ربعية منذ أكثر من 50 عاماً، عندما كان الدولار يرتبط بقاعدة الذهب.
وبحسب خبراء اقتصاد، أكدوا ، أن الإقبال على الذهب يأتي في الوقت الذي تستمر فيه حالة من عدم اليقين والمخاوف الناجمة عن التوترات الجيوسياسية بين روسيا وأوكرانيا وتداعياتها على الاقتصاد العالمي.
ووفقاً لأحدث تقرير صادر عن مجلس الذهب العالمي، ارتفع الطلب على الذهب بنحو 18 بالمئة خلال الأشهر التسعة الأولى من العالم بواقع 3386.5 طن، فيما ارتفع المعروض العالمي بنحو 3 بالمئة ليصل إلى 3551.1 طن.
وأظهر التقرير أن البنوك المركزية لدول العالم اشترت نحو 700 طن من الذهب منذ يناير الماضي، منها 399 طنا في الربع الثالث من العام الجاري (2022).
كيف تدخر في أوقات التضخم؟
ويصف الخبير الاقتصادي وضاح الطه في حديثه ، إقبال البنوك المركزية على الذهب بالشراء المحترف والاحترازي، مشيراً إلى أن الذهب يمثل أداة جيدة للتحوط من التضخم.
ويوضح الطه أن "محافظ الـ (إي تي إف) التي كانت تتضمن الذهب باعت بشكل مكثف ما أدى إلى انخفاض سعر المعدن الأصفر، وكان هناك شراء مكثف بالنسبة للبنوك المركزية والأفراد، والشراء من قبل البنوك المركزية يؤخذ عادة على أنه شراء احترازي يحطاط لفترات مستقبلية ويعزز احتياطيات الدولة التي تقوم بعملية الشراء".
ويضيف الطه: "إن شراء البنوك المركزية خلال الربع الثالث من العام الجاري 399 طناً من الذهب يعد أعلى وتيرة شراء ربعية منذ أكثر من 50 عام عندما كان الدولار يرتبط بقاعدة الذهب وهذا دليل على أن بعض البنوك المركزية تركز على عمليات شراء الذهب لدعم اقتصادات بلادها، وفي مقدمة الدول التي اشترت بنوكها المركزية الذهب بشكل مكثف الهند وقطر وأوزبكستان وتركيا وهذه الأخيرة تعد أكثر الدول شراء، وكذلك فإن كمية شراء الذهب بالتجزئة من قبل الأفراد خلال الفترة ذاتها كانت أكثر من 1180 طناً بهدف الحفاظ على السيولة خلال بسبب الظروف الاقتصادية العالمية الصعبة".
من جانبه، يقول رائد الخضر محلل الأسواق العالمية: "شهدت أسعار الذهب تراجعات ملحوظة خلال الربع الثالث من العام الجاري، حيث تأثرت بالسلب جراء استمرار الفيدرالي الأميركي في وتيرة التشديد النقدي.
ولكن بالرغم من تراجع أسعار المعدن الأصفر، إلا أن حجم الطلب خلال الربع الثالث ارتفع بدعم من قوة شراء البنوك المركزية والمستهلكين ليعود من جديد لمستويات ما قبل تفشي الجائحة، ولكن على الجانب الأخر، تراجع الطلب من قبل القطاع التكنولوجي 8 بالمئة، والاستثمارات بشكل عام 47 بالمئة، الأمر الذي يعكس بالفعل مخاوف تباطؤ النمو العالمي".
ويرجع الخضر لجوء البنوك المركزية لزيادة عمليات شراء المعدن الأصفر إلى اعتباره أداة رئيسة للتحوط ضد التضخم الذي وصل لأعلى مستوياته في العديد من الدول، ويضيف: "وبالطبع يأتي هذا في الوقت الذي تستمر فيه حالة من عدم اليقين والمخاوف الناجمة عن التوترات الجيوسياسية بين روسيا وأوكرانيا وتداعياتها على الاقتصاد العالمي، وبالأخص مع تصاعد المخاوف من احتمال انزلاق العالم إلى الركود التضخمي في حال استمرت البنوك المركزية في تشديد السياسة النقدية خلال العام المقبل 2023.
وتعد حكومات الدول الناشئة الأكثر اهتماماً بزيادة احتياطاتها من الذهب في محاولة منها للتخلي عن اعتمادها على الدولار خاصة مع التقلبات القوية التي تعاني منها عملاتها خلال الفترة الأخيرة، فمنذ أن بدأ الدولار في الارتفاع مع بداية عام 2022، أصبحت أغلب الاقتصادات الناشئة تعاني مع استمرار الفيدرالي الأميركي في رفع الفائدة بوتيرة قوية ما تسبب في زيادة مديونية أغلب الدول وهروب رؤوس الأموال خارج البلاد، وبالتالي لجأت البنوك المركزية في زيادة استحواذها على الذهب في محاولة لدعم اقتصادها، وفقاً لمحلل الأسواق العالمية الخضر.
المصدر: سكاي نيوز عربية