الحرب الباردة السعودية الإيرانية وانعكاساتها على المنطقة (قراءة تحليلية)

1d6759158aca00a7d772d13cd6d513a7
حجم الخط

بقلم : د ناصر اليافاوي

توطئة
تشهد ساحة الشرق الاوسط -الملتهبة دوما – اليوم صورة جديدة من تطور الصراع للهيمنة على المنطقة  بين السعودية الممثلة للقطب السنى ، وايران زعيمة القطب الشيعي ، ومما لاشك فيه ان هذا الصراع يغذى بشكل ممنهج من المنظومة الغربية والامريكية واستحسان صهيوني خالص ، وهذا ما تابعناه من تغريدات ليهود صهاينة عبر موقع واللا العبري 
مفهوم الحرب الباردة وخصائصها :
الحرب الباردة هي مصطلح يستخدم لوصف حالة الصراع والتوتر والتنافس ، وتأخذ اشكالا مختلفة من الصراع الديني – المذهبي – الاقتصادي – الخ 
ومن خصائص الحرب الباردة انها دوماً تكون قائمة على حالة تأهب ومواجهة تصل الى ذروتها ، ومن ثم تعود تخمد ولكنها تتجدد في لحظات متقطعة ،وتبدو وكأنها ستنفجر وتتطور الى مواجهة علنية في اي لحظة ، وهذا الامر ربما  سينسحب على السعودية وايران ..
الحرب الباردة السعودية الايرانية في التاريخ المعاصر:
من خلال دراستنا للتاريخ وجدنا  العلاقة السعودية الايرانية منذ عام     1979  مرت بثلاث مراحل: 
المرحلة الاولى : المواجهة العلنية في الثمانينيات
 المرحلة الثانية :مرحلة انفراج قصير المدى في التسعينيات
 المرحلة الثالثة :حرب باردة وصراع على النفوذ  خاصة بعد الاحتلال الامريكي للعراق، والتحرك الشيعي الواضح في الخليج والمنطقة ..
وممكن اعتبار المحددات الاساسية التالية  سببا في تطور الحرب الباردة بين الدولتين :
-     ملف ايران النووي  قد أجج الصراع الخفي بين الدولتين .
-    قضية محاولة ايران اغتيال السفير السعودي عادل الجبير التي اطلق عليها «شيفروليت» كمحاولة لإيقاف نشاطه المضاد لنظام بشار الأسد في واشنطن وكمساعدة إيرانية لحليفهم الذي يخشون فقدانه للأبد واضمحلال نفوذهم في المنطقة.
-    مقتل الاف الحجاج الإيرانيين في موسم حج 2015م
-    مقتل عالم الفضاء الشهير أحمد حاتمي ضمن ثمانية إيرانيين قتلوا في حادثة سقوط الرافعة في مكة المكرمة في السعودية ايضا في نفس موسم الحج وكثرة اللغط حول  مسببات الحادثة .
-    اعدام الزعيم الشيعي المعارض السعودي نمر النمر وما صاحبه من ملاسنات اعلامية بين البلدين ..
-    مهاجمة السفارة والقنصلية السعودية في طهران ومشهد الايرانيتين .
 ومما يعقد هذه الحرب الباردة هو وجود اطراف اخرى من مصلحتها تسخين الحرب، وأهمها اسرائيل . 
مصلحة اسرائيل من تطور الحرب الباردة بين السعودية وايران :
اولا بالنسبة للسعودية :
تدرك اسرائيل ان حجم التسلح الكبير في السعودية ،  قد يدى الى خلخلة موازين القوى في المنطقة ، وكون ان السعودية دولة عربية اسلامية ، وبغض النظر على طبيعة ما يشاع ، الا ان كميه السلاح المستورد وخاصة سلاح الطيران قد يشكل خطر على المنظومة الامنية الصهيونية ، وبالتالي ومن اجل انهاك السعودية وفكفكة قواها لابد من العمل على اشغالها بحرب استنزاف مع ايران حتى يتسنى لإسرائيل ان تنفذ مخططاتها تجاه السعودية وانهاكها وتقسيمها الى دويلات متناحرة يسهل الهيمنة عليها ، وحرف مسارها عن فلسطين 
ثانيا بالنسبة لإيران :حيث ان مصلحتها ترتبط بهزيمة النفوذ الايراني خاصة في لبنان 
حيث تعتقد مثل هذه الهزيمة ستلغي بالضرورة عدوها اللدود المتمثل بحزب الله وستقطع عنه الدعم المالي والمعنوي ، ومن ناحيية اخرى تعتقد ان توجه ايران لامتلاك قنبلة نووية ، ايضا يصب في غير مصالحها الرامية الى  ابقاء اسرائيل المهيمنة في موازين القوى الشرق اوسطية ، والحل بنظرها هو افتعال اشتباك مع السعودية الاقرب توترا ، واحياء اهداف  وسيناريوهات الحرب الإيرانية العراقية 1980م....
موقف دول الخليج من تطور الحرب الباردة والصراع السعودى الايراني :
لا نلمس حماساً واضحا  في دول الخليج رغم محاولات السعودية  الخفية في دفع عجلة الامور الى توجيه ضربة خاطفة لإيران.  وسنستعرض مواقف الدول المحيطة بشكل موضوعي كالتالي :
اولا الكويت :
باعتقادي  ليس من مصلحتها مواجهة النفوذ الايراني الذي امتد الى العراق وليس من مصلحتها اقتراب الحرب الى حدودها، لانها تكون الخاسرة ، وتدرك قيادتها ان مشاركتها بأي تحالف ضد ايران سيعيد الى الاذهان ما فعلته العراق معها سنة 1990م
ثانيا الامارات :
ربما ترى  التزام حالة الصمت على جزرها المحتلة على حرب مفتوحة مع دولة ايران المقابلة لها ،  فتقوض اقتصادها ومصالح بنوكها والتي كانت خلال العقود السابقة نافذة تجارية انتفعت منها. لذا ستلجأ الى خيار الدبلوماسية حبا في كينونتها،  واستمرار ازهار اماراتها ..
ثاثا  دولة قطر :
قطر كعادتها ومنهجيتها الحديثة  تتبنى خطاب التهدئة  ونبنى زعمنا  من خلال ما صرح به رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري ملتزما بالعلاقات الجديدة رغم عدم الاتفاق السياسي. ومما يساعد قطر في تبني خطاب التهدئة علاقاتها الخارجية ليست مبنية على نبش الملفات الدينية الملتهبة مما جعلها اكثر براغماتية حسب المحللين . كذلك لا تخاف قطر من مجموعات شعبية محلية تشكك في ولائها وتتهمها بالتبعية لإيران تماما كما يحصل في السعودية. لذلك من مصلحة قطر ان لا تدخل المنطقة الخليجية في صراع لا تعرف نتيجته.
 رابعا سلطنة عمان :
حتى هذه اللحظة تظل تلتزم الصمت ولا تقرع طبول الحرب حيث ان لها من المشاكل الداخلية المتعلقة بالبطالة والامور المعيشية ما يجعلها تنأى بنفسها عن صراع لا يخدم مصلحتها القومية. وليس عندها ايضا مشكلة مع شيعتها حيث استوعبتهم منذ زمن طويل ولا تتهمهم بالولاء للخارج. عدا عن العلاقات التاريخية والمناصرة الواضحة بين البلدين ، ودور ايران في تثبيت اركان نظام قابوس 
خامسا  البحرين :
كالسعودية تظل البحرين الدولة الوحيدة في الخليج التي تعتقد ان المواجهة مع ايران قد يخلصها من مشاكلها الداخلية وثورات محتملة من الغالبية الشيعية في المنطقة
تأسيسا لما سبق نرى ان الفترة المقبلة من العلاقات الإقليمية لا تبشر بخير وستتغير خريطة المنطقة عنوة الا ان يقضى الله امرا كان مفعولا