معاريف : إسقاط حكم السلطة؟!

حجم الخط

بقلم: تل ليف رام

 

 



العملية في أرئيل امس، هي من أقسى العمليات التي وقعت في «يهودا والسامرة» في السنوات الأخيرة. فحقيقة أن ثلاثة إسرائيليين قتلوا وفي المستشفيات تواصل الطواقم الطبية الكفاح  في سبيل حياة جرحى آخرين تشكل مؤشراً واضحاً على أن التصعيد الأمني في السنة الأخيرة من غير المتوقع أن يختفي الى أي مكان.
إن إحباط عمليات الارهاب التي ينفذها فلسطيني بمبادرة خاصة، والذي لم يكن حتى لحظة تنفيذ العملية معروفاً لجهاز الأمن ولم يكن يحتاج لغرض تنفيذ العملية سوى سكين، بلطة او سيارة، كان وسيبقى التحدي الأكثر تعقيداً لجهاز الأمن في التصدي لموجة الإرهاب الأخيرة في الضفة الغربية.
ما بدأ في شهر آذار بعمليتين نفذهما عربيان إسرائيليان على خلفية التأييد والنشاط تحت علم الدولة الاسلامية في بئر السبع وفي الخضيرة تبناه مخربون عملوا انطلاقاً من مفهوم وطني فلسطيني في العمليات القاسية في بني براك، في تل أبيب وفي إلعاد. في العمليات الخمس هذه وحدها  قتل 17 شخصاً. في جهاز الامن لم يشخصوا في الوقت المناسب خلايا ارهاب الدولة الاسلامية والبوادر الاولية التي كانت في الميدان. والاعمال التي قام بها بعد ذلك الشاباك الى جانب  التنكر والاستنكار الواضح من المجتمع العربي في اسرائيل كبحت حتى الآن استمرار الميل. غير أن الشرارة التي اشعلها في مدن إسرائيل مخربون من مؤيدي داعش استغلت للتحريض والتشجيع على الإرهاب، وأساس من منطقة جنين وشمال السامرة ومن هناك خرج المخربون الذين نفذوا العمليات القاسية في تل أبيب، في بني براك وفي إلعاد.
عمق الجيش الإسرائيلي نشاطه ضد الإرهاب في جنين وفي شمال السامرة وعزز بشكل كبير خط التماس الذي كان سائباً تماماً. بشكل عام يمكن القول ان ميل العمليات في اراضي اسرائيل انخفض بشكل كبير في ضوء الجهود العملياتية التي بذلت. وانتقل الانتباه الى قتال قوات الامن في قلب المدن الفلسطينية ولا سيما في مخيمات اللاجئين في جنين وفي نابلس. ظاهرة تنظيم «الارهاب» «عرين الأسود» في نابلس وتنفيذ عمليات اطلاق نار عديدة من تنظيمات ارهابية جديدة اجتذبت الانتباه حول هدف واضح من الاسهل على الجيش ان يتصدى له. ضربت سلسلة من العمليات المركزة  «عرين الاسود» بشكل شديد لكن الواضح الآن ان هذا لا يكفي. إذ ان صفات قسم كبير من العمليات في الشهرين الاخيرين تعبر منذ الآن عن ميل آخر تماماً ومرحلة أخرى في تصعيد أمني اخطر. هذه ليست انتفاضة كونها ليست في هذه المرحلة شعبية. لكن عمليات الطعن والدهس وإطلاق النار في الأشهر الأخيرة – من غور الأردن، عبر شرقي القدس وكريات أربع وحتى أرئيل – تعبر منذ الآن عن ميل واضح لاتساع موجة «الإرهاب» الى مناطق عديدة في يهودا والسامرة مثلما في موجة «الإرهاب» في 2015.
مخزون منفذي العمليات الذين حتى لحظة القرار للخروج الى العملية لم تكن لهم مشاركة في «الارهاب» وليسوا معروفين لجهاز الامن، يوجد في ارتفاع دراماتيكي. التقدير المعقول في جهاز الامن هو ان الاشهر القادمة ستكون مشحونة على نحو خاص، فما بالك انه مقارنة بارهاب السكاكين في 2015، في موجة الإرهاب الحالية تنفذ العمليات بالسلاح الناري بقدر اكبر. ولم نتحدث بعد عن الساحة السياسية. في الإدارة الأميركية لا يحاولون إخفاء قلقهم من امكانية أن يعين بتسلئيل سموتريتش في منصب وزير الدفاع القادم. هكذا بحيث أنه واضح انه بالسياسة الإسرائيلية في «يهودا والسامرة» توجد آثار ليس فقط على الوضع الأمني بل وايضا على الساحة السياسية في إسرائيل وعلى العلاقات مع الأسرة الدولية وبخاصة مع الولايات المتحدة.
في موجة الارهاب في 2015 عندما كان بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء، اخذ بموقف جهاز الامن بعدم المس بمكانة السلطة الفلسطينية، والفصل قدر الامكان بين السكان المدنيين الفلسطينيين ومحافل الارهاب وعدم المس برزقهم.
من السابق لاوانه أن نعرف كيف سيختار نتنياهو هذه المرة، لكن واضح ان المحيط السياسي المتبلور حالياً سيشكل له تحديات مركبة. مثلاً، رئيس المجلس الاقليمي في السامرة يوسي داغان الذي تمتع نتنياهو بدعمه في حملة الانتخابات الاخيرة يطالب أن تضع حكومة اسرائيل التالية رئيس السلطة الفلسطينية ابو مازن هدفاً أمنياً. وعلى حد فكره فان السلطة الفلسطينية هي التي تقف خلف موجة الإرهاب الأخيرة. عملياً يدور الحديث عن طلب للعمل على إسقاط حكم السلطة ووقف التعاون مع أجهزة الامن الفلسطينية. في الماضي رفض نتنياهو هذه الإمكانيات رفضاً باتاً. اما الآن فان التنازل عن حقيبة الدفاع في صالح سموتريتش كفيل بأن يشكل مؤشراً اول ايضا على استعداده لاتخاذ خط صقري أكثر حتى حيال السلطة الفلسطينية.

عن «معاريف»