مع تعزّز احتمال طيّ صفحة الحكومة الإسرائيلية الحالية (حكومة لبيد - بينت) قريبًا، كما تؤكد أغلب التوقعات، نرى وجوب إعادة التذكير أنه فيما يخصّ سياساتها العامة وبالأساس حيال المسألة الفلسطينية، تعهّد رئيسها الأول، نفتالي بينت، في جلسة التصويت على الثقة بها التي عقدها الكنيست الإسرائيلي يوم 13 حزيران/ يونيو 2021، بضمان ما وصفها "المصالح الوطنية الإسرائيلية في منطقة ج (في الضفة الغربية)"، و"العمل على تحرير عدد أكبر من مناقصات البناء هناك بعد أعوام كثيرة من الإهمال"، فضلًا عن تعهّده بألا تسمح إسرائيل لإيران بامتلاك سلاح نووي، وبعدم العودة إلى الاتفاق النووي مع طهران.
وما بيّنته وثيقة الخطوط العريضة لهذه الحكومة، واتفاقيات الائتلاف بين أحزابها، أن القضايا الاقتصادية والاجتماعية والقضايا الداخلية الأخرى، تحتلّ الأولوية في برنامجها، بسبب أن الاقتصاد ما زال يعاني تبعات أزمة جائحة كورونا. إلى جانب ذلك، أولت الخطوط العريضة أيضًا أهمية لطابع الدولة، فقد أكّدت أن الحكومة ستعمل على تعزيز أسس إسرائيل دولة يهودية، وديمقراطية، وأنها ستعزّز وحدة الشعب اليهودي في العالم، وستشجّع الهجرة اليهودية إلى إسرائيل، وستزيد من التفاهم المتبادل بين إسرائيل ويهود العالم.
كما أكّدت الخطوط العريضة أن الحكومة الإسرائيلية ستستمر في تهويد مدينة القدس. وجاء في اتفاقية تشكيل الائتلاف أن الحكومة ستعمل من أجل "نمو وازدهار القدس عاصمة إسرائيل، وستستمرّ في البناء فيها بشكل كبير من أجل تحويلها إلى ميتروبولين دينامي ومتجدّد"، ما يعني تعزيز الاستيطان اليهودي في القدس المحتلة.
وأكّدت الخطوط العريضة أيضًا أن الحكومة ستنقل جميع وزاراتها ووحداتها القُطرية إلى القدس في أقرب وقت، بغية تعزيز مكانتها رمزًا وقاعدة للحكم. ووفقًا لما جاء في اتفاق الائتلاف، ستقدّم الحكومة دعمًا ماليًا إضافيًا لميزانية جامعة أريئيل في مستوطنة أريئيل في الضفة المحتلة.
وتجاهلت الخطوط العريضة للحكومة واتفاقيات الائتلاف الحزبية القضية الفلسطينية تجاهلًا تامًا. وفي الوقت نفسه، أكّد أحد بنود اتفاق الائتلاف المبرم بين حزبَي يوجد مستقبل ويمينا وجوب ضمان المصلحة الإسرائيلية في المنطقة (ج) في الضفة. ومن أجل تحقيق ذلك، ذُكر أن الحكومة ستعزّز الإدارة المدنية في وزارة الدفاع بوظائف وبإمكانات من أجل منع الفلسطينيين من البناء في تلك المنطقة، ومنعهم من تثبيت وجودهم على أراضيهم فيها.
وحرص بينت، في أول خطاب له رئيسا للحكومة ألقاه أمام الكنيست، على أن يظهر بالمظهر الذي سبق أن أكّده مرارًا وتكرارًا، وهو أنه أكثر يمينيةً من رئيس الحكومة المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو بدرجات.
ولدى الانتقال إلى الرئيس الثاني للحكومة الإسرائيلية نفسها، يئير لبيد، فأول ما ينبغي أن نعيد الأذهان إليه، أنه في مناسبة مرور الأيام المئة الأولى على تأليف الحكومة، نشر مقالًا في هآرتس (19/9/2021) بعنوان "الأيام المئة الأولى من سياسة خارجية مختلفة"، لا يصعب الخروج منه بانطباع فحواه أن سياسة الحكومة الجديدة حيال القضية الفلسطينية هي السياسة القديمة نفسها للحكومات السابقة، والتي هناك شبه إجماع بين المحللين داخل إسرائيل وخارجها على أن من بات يُحدّدها هو اليمين، وأن "معسكر الوسط - اليسار" يسير منقادًا وراءه بإرادته. وينعكس هذا الأمر في ما كتبه لبيد ضمن المقال المذكور في منحيين: الأول، بذل "كل شيء، بما في ذلك مواجهات علنية مع أصدقائنا، كي نكشف الطبيعة الحقيقية للنظام الإيراني ومشاريعه للحصول على سلاح نووي". الثاني، عدم التردّد في "شنّ عمليةٍ ضد قطاع غزة إذا ما واصلت حركة حماس إطلاق الصواريخ على مواطنينا"!
وأصلًا، يقترح حزب لبيد في برنامجه السياسي تبنّي "حلّ الدولتين"، ولكن ليس بدافع الاعتراف بحقوق الفلسطينيين القومية، بل لغاية الحفاظ على إسرائيل دولة يهودية ذات أغلبية يهودية. ويعتبر المستوطنون في أراضي 1967 صهيونيين حقيقيين، كما يشير البرنامج إلى أن "السلام هو الحل المعقول الوحيد للتهديد الديمغرافي، ولأفكار هدّامة مثل دولة كل مواطنيها ودولة ثنائية القومية". عن "عرب ٤٨"
لبيد: بن غفير سبب ازدياد الهجمات وتدهور الأمن
04 اغسطس 2024