نتنياهو يدافع عن "فكرة" طوال عمره السياسي ويحترم نفسه وفكرته ولا يتخلى عنها وهي "قوة دولته ومنع قيام دولة فلسطينية"، ولذلك لو تعثر مرة فسيعود أقوى وهذا عنصر مفقود لدى الآخرين والأهم مفقود لدى الفلسطينيي بشكل خاص الذي لم يثبت على "فكرة".
نتنياهو منذ عقود هو عنصر يُجمع عليه غالبية في المجتمع الإسرائيلي ودليل ذلك المدة الزمنية الطويلة التي حكم فيها اسرائيل وإعادة انتخابه، وهذا يعني أن موقف نتنياهو يعكس ثقافة وموقف المجتمع الإسرائيلي لأن الانتخابات الاسرائيلية هي انتخابات ديمقراطية لنظام ديمقراطي في داخل مجموعة السكان التي يتشكل منها هذا المجتمع.
المجتمع الإسرائيلي ديمقراطي في ذاته ويمنع الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان عن الشعب الفلسطيني، فهو يحتله ويتحكم في كل شؤونه بشراسة ويمارس هذا الاحتلال كل أنواع العنف والقتل والاعتقال خارج ما أقره القانون الإنساني.
الحال الفلسطيني متراجع او متدهور باستمرار ولا يحافظون ولا يتفقون على فكرة حقيقية ثابتة كما ثبات فكرة نتنياهو لحشد قوتهم، وإن التقطوا الفكرة فلا يستطيعون إدارتها لصالحهم ولذلك هل سيبقى ميزان القوة أي ميزان الفكرة مهتز لصالح نتنياهو الذي يحمل فكرة ثابتة؟
ثبات الفكرة أساس الحضور المتواصل لحاملها ... الفلسطينيون ما انفكوا يتوهون في تفاصيل ذواتهم وحزبيتهم ونعراتهم السطحية وفسادهم ومصالحهم الخاصة ولهم في كل جزئية أزمة فيكثرون من إضاعة الوقت في تفاصيل جزيئاتهم المنقسمة وغير الموحدة والتائهة ومئة عام منشغلين في خلافات بينية لأجسام سياسية فشلت أو أفشلت لا فرق، والإصلاح في حالهم لم يعد مفيدا للنهوض بعد كل هذا لدالزمن في الإخفاق والفشل.
رغم التقاط الفكرة الأفضل تاريخيا بظهور حركة فتح إلا أنها تناثرت وهي مهددة بمرور الوقت وقد تضيع الفكرة بترهل فتح وإدخال عنصر انقسامي عمدا وافتعال انقسام الأرض والشعب ولعب جزء من العرب والمسلمين والاحتلال دور الحسم في ذلك، ونجحوا في تفتيت كل شيء أو منعوا تشيؤ فلسطيني جديد حول فكرة جوهرية للنهوض من جديد ومازلنا في أزمة الفكرة وصيانتها مهما كانت تظهر بائسة فهي أفضل مما نسير إليه فيتشظى كل شيء،
نجح نتنياهو في الحفاظ على الفكرة حتى الآن وعاد لقيادة اسرائيل أقوى لأنه تمسك بالفكرة وأقنع غالبية شعبه بها واحترم شعبه فاحترموا فكرته، أما نحن فلا نحترم شعبنا ولا نشاركه وشعبنا لا يحترمنا ولا يشاركنا لأنه دائما يسبقنا ولا نواكب فعله وسبقه وكأننا معزولون عنه لا نفهمه ولا يفهمنا ..
ضعفنا الدائم أن القيادات والأحزاب في واد وشعبنا في واد آخر.
إذا كان نتنياهو قويا فهذا يعني أننا ضعفاء ولكن شعبنا ليس ضعيفا ما يعني أن من يقودونا ومن يديروا شؤوننا هم الضعفاء. .. وعليه لا نحتاج إصلاحا بعد كل هذه الكوارث
بل نحتاج ثورة حقيقية:
الفرق بين الاصلاح والثورة،
أن يصبح المواطنون أحرارا
كيف يستطيع المواطن أن يكون حرا مع الطغم الحاكمة الديكتاتورية والفاسدة؟ لن يسمحوا لكم بالمشاركة الحقيقية والعدالة في تقلد الوظائف والمواقع لأنهم قادرون على تزييف كل شيء من الوعي وحتى الانتخابات فيخرجوكم خارج إمكانية التغيير ..
التغيير يحتاج ثورة على الحال كله ولا ثورة بالتصحيح والاصلاح لأن ورطتنا أكبر من الاصلاح والتصحيح ولم تعد حوامل لذلك بعد أن أفسدوا كل شيء .. هذا هو الفارق بين الثورة والاصلاح.
الاصلاح هو أن الأسياد الحكام يقومون بتحسين تفهم المواطنين ليصبحوا محكومين أفضل لخدمة الديكتاتوريين وانتاج أغنياء جدد منهم ليصبحوا امتدادا للقمعيين والديكتاتوريين من أولادهم وعوائلهم ومن بُني أحزابهم وشللهم لتتشكل دائرة مغلقة تتجدد الأجيال داخلها ويصبح ابن الحاكم حاكم وابن الفقير يرث فقر أبيه.