الحملة والبطولة

201958134341122636929198211223735-1565767256.jpg
حجم الخط

بقلم غسان زقطان

 

 

دخل العالم في طقس كأس العالم لكرة القدم مساء أمس، الآن سينظر الجميع إلى قطر الجزيرة الصغيرة التي تقع على ضفاف شبه الجزيرة العربية كما لو أنها نبع في خاصرة الصحراء، هناك حوالى 1500 مصور محترف سيلتقطون كل لحظة في ذلك الفضاء، وآلاف الصحافيين الذين سيلاحظون الغبار في كل ركن، ومئات آلاف العيون والكاميرات المحمولة التي تحدق من كل زاوية وفي كل زاوية.
ستكون هذه الدولة الصغيرة الطموحة منذ الأمس وحتى الثامن عشر من كانون الأول القادم وحيدة على المنصة أمام الكوكب، الذي يراقب الفعالية الرياضية الأهم وهي تحدث للمرة الأولى على أرض عربية. والثانية التي تنظم في قارة آسيا بعد نسخة 2002 التي تشاركت في تنظيمها كوريا الجنوبية واليابان.
بموازاة عمليات الإعداد وتجهيز البنية التحتية الهائلة للفعالية تحركت حملة احتجاج، أوروبية في الغالب، ضد اختيار قطر لتنظيم البطولة، وتركزت في البداية على شبهة فساد اللجنة المنظمة والمشرفة على الاختيار من جهة، ثم على ملف وضع حقوق الإنسان في قطر وظروف العمال الذين توافدوا على الجزيرة للعمل في ورشة البناء الهائلة، فيما ذهب بعض الاحتجاجات إلى الشك في قدرة الدولة المنظمة على القيام بالمهمة، وذهب البعض إلى احتساب الحواجز التي يمكن أن تتسبب بها التقاليد الاجتماعية للمجتمع المحافظ في البلد العربي، مثل منع المشروبات الكحولية في الملاعب.
تصاعدت الاحتجاجات لتتحول إلى حملة، تكاد تكون منظمة، ولكنها تكتسب مع تصاعدها شبهة العنصرية، وبدا أنه من الصعب على أوروبا البيضاء أن تتقبل خروج الاحتكار، احتكار تنظيم مثل هذه الفعالية الكبرى، من منطقة نفوذها، أو أن متعة اللعبة والفرجة لا تحدث إلا على ملاعب "بيضاء"، وهي حملة شاركت فيها إسرائيل، دولة الأبارتهايد العنصرية الوحيدة في العالم، والتي تقودها الآن مجموعة من الفاشيين والمطلوبين الجنائيين والقتلة والفاسدين، يمكن استعراض كاريكاتير ظهر أول من أمس في صحيفة "نتنياهو" إسرائيل اليوم يسخر من البطولة ومباراة الافتتاح بين الفريق القطري المضيف وفريق الإكوادور.
تفككت الاحتجاجات مع ضربة البداية في المباراة الافتتاحية إلى مجرد اتهامات عنصرية صغيرة، أمام الإنجاز المدهش لأرضية الحدث والقدرة على التنظيم، وتكثير المكان عبر حلول وابتكارات إبداعية، وتوفير المرافق والمعمار المدهش وإنشاء البنية التحتية في المرافق وخارجها، أما بالنسبة للجعة فيمكن اعتماد إجابة رئيس الفيفا جياني انفانتينو: "يمكن للإنسان أن يعيش ثلاث ساعات بدون جعة"، أو اقتباسه في مكان آخر:
"أوروبا تمارس النفاق في تقييم أوضاع العمال وعليها أن تقدم اعتذارها للشعوب بدل إلقاء الدروس".
في التاسع عشر من كانون الأول سيكون لدى قطر، إضافة إلى الخبرة، بنية تحتية رياضية تهيئ لنهضة كروية في الدولة والمحيط.