ثلاثة حكام توالوا على حكم مصر في العصر الحديث، في فترات متباعدة، لكن شيئاً واحداً جمعهم، وهم كل من: محمد علي، جمال عبد الناصر، وعبد الفتاح السيسي، وما جمع هؤلاء الشعور بعظمة مصر، والسعي إلى تحقيق طموحها في التقدم والانطلاق والتحقق كدولة كبيرة ذات تاريخ ومكانة إقليمية / دولية، وذلك من خلال التحديث، والثورة التي هي ليست مجرد شعار أو مقولة، بل نظام حكم ونظام حياة.
خلال عهده سعى محمد علي منتصف القرن التاسع عشر، إلى إحداث نظام حديث للري بهدف تحسين الإنتاج الزراعي لبلد يعتبر زراعياً من الدرجة الأولى، كما أنه قام باعتماد نظام مستحدث للتعداد السكاني، كان الأول من نوعه في العالم، في الوقت الذي قام فيه بإنشاء جيش قوي، ليس لحماية الدولة وحسب، ولكن أيضاً لتحقيق طموحه في إقامة دولة ذات مكانة إقليمية، من خلال محاولته ضم بلاد الشام لها، أو إقامة تحالف معها، إدراكاً لدرس التاريخ، والذي مفاده أن أمن مصر يتحقق في بلاد الشام.
وبعد نجاح عبد الناصر في الإطاحة بالنظام الملكي الفاسد والمستبد، بوقت قصير، بدأ ببناء سد أسوان العالي، بهدف تحقيق أمرين: أولهما حماية الأراضي الزراعية المصرية المتواصلة مع مجرى نهر النيل من أسوان إلى البحر المتوسط، من الفيضان السنوي، الذي كان يغرق المحصول الزراعي، ويهدد حياة معظم سكان مصر، وثانيهما توفير الطاقة الكهربائية التي باتت مع منتصف القرن الماضي، عنوان وسمة التقدم للدول كافة، كذلك سعى عبد الناصر إلى إلحاق مصر بالدول الصناعية من خلال إطلاق عملية "مكننة" النسيج القطني في المحلة الكبرى، الذي كانت تشتهر به مصر، وبنفس الوقت إقامة مصانع الحديد والصلب في حلوان، إضافة إلى تحديث وتقوية الجيش المصري، وفي نفس الوقت حاول توحيد الأمة العربية بأسرها عبر شعارات الوحدة العربية، لتحقيق المكانة الإقليمية / الدولية التي تحققت _ نسيباً، رغم مواجهته للغرب وإسرائيل عبر عدم الانحياز.
عبد الفتاح السيسي، لم يكتف بأن يكون مجرد رئيس عابر في حياة دولة عظيمة هي مصر، كما فعل ثلاثة من رؤساء لها سبقوه، ومنذ اليوم الأول الذي حلف فيه اليمين كرئيس لجمهورية مصر العربية، وهو يحلم بإحداث الثورة الداخلية التي من شأنها لا أن تحل مشاكل مصر في البطالة والعجز عن تحقيق الخدمات العامة المختلفة من قبل الدولة للمواطنين وحسب، ولكن تلك التي تجعل من مصر دولة ذات مكانة واحترام إقليمي / دولي.
وقد أدرك الرجل، أن مشاكل مصر من طبيعة اقتصادية بالدرجة الأولى، وأن الحكم المستبد السابق ارتكب خطيئة حجز تطور وتقدم البلد وكبت طموحه في الانطلاق والتقدم والتحقق، ومصر كانت على نفس الخط مع كوريا الجنوبية، قبل نحو نصف قرن، كذلك كانت اليابان تسعى إليها للوقوف عند مستويات معينة من التقدم والمعرفة، لذا فقد جند مكانته وحب الناس له، وفي أيام حكمه الأولى، لتجنيد أموال المصريين المقيمين بالخارج، وتوظيفها من أجل تحقيق المشاريع التي تحقق لمصر المكانة المحترمة وللمصريين الرفاه وفرص العمل.
بدأ على الفور بمشروع توسيع قناة السويس، وعلى الفور أطلق مبادرة المؤتمر الاقتصادي السنوي بهدف تشجيع دول العالم والشركات الدولية للاستثمار في مصر، من أجل إطلاق قوة مصر الاقتصادية وفق معايير ومفاهيم العصر الحديث.
ولعل مشاركة نحو مئة دولة، والنجاح في عقد صفقات من أجل إنشاء مشاريع في مصر تقدر بعشرات مليارات الدولارات، في المؤتمر الاقتصادي الذي عقد بشرم الشيخ الأيام الماضية خير دليل، ليس فقط على نجاح السيسي في حشد العالم لدعم سياسته ونظامه والاعتراف بثورة 30 يونيو، لمن ما زال لم يعترف بحقيقة بزوغ الشمس في وضح النهار، وحسب، ولكن من أجل العبور بمصر إلى رحاب المستقبل كدولة عصرية / حديثة، تتمتع بمكانة إقليمية / دولية محترمة.
مع ذلك، ومع الإعلان عن التوصل لاتفاقات بإقامة مشاريع عديدة، خاصة في مجالي الإسكان والطاقة، ومع إعلان الرئيس المصري نفسه بأن مصر تحتاج إلى نحو 200 _ 300 مليار دولار لتحقيق طموحها في التحول لدولة حديثة وعصرية، ذات مكانة إقليمية / دولية، بعد أن سبق ذلك بتعديل السياسة الخارجية المصرية بفتح الأبواب على موسكو وعقد صفقات تحديث سلاح الجيش المصري معها، وبعد إحياء القاهرة لمحور مصر / السعودية للقيام بالدور الإقليمي في مواجهة محاور إقليمية عديدة، تسعى كلها لإلحاق العرب بأحد دولتي فارس / بيزنطة العصر القديم: إيران أو تركيا العصر الحديث، فإنه يمكن ملاحظة أكثر من مفارقة، لعل أولها وأهمها، أن دولاً عربية بالذات، تمتلك مليارات الدولارات، وتبدي الاستعداد لفتح الدول العربية المركزية، إن لم نقل من أجل تدميرها، لا تبدي الاستعداد ذاته _ على الأقل _ من أجل الاستثمار ليس في مصر وحسب، ولكن في دول عربية لديها القوة البشرية والمصادر الطبيعية للاستثمار، وتفضل أن "توظف" ملياراتها لتحقيق أهداف سياسية عابرة، في مجالات كرة القدم أو في دول أخرى، مثل الولايات المتحدة أو غيرها.
كذلك أن معظم المشاريع التي أعلن عنها، تنتمي إلى حقلي الإسكان والطاقة، وذلك تحت ضغط حاجة المجتمع المصري في مواجهة مشكلتي نقص الطاقة الكهربائية بالذات وعدم توفر المساكن، كذلك إن ذلك يحدث في وقت طال فيه تنفيذ خارطة الطريق، خاصة في شق إقامة نظام المؤسسات، حيث ما زالت مصر دون برلمان حتى اللحظة، لذا من الضروري أن تفكر مصر لاحقاً، وبعد التحرر من الضغط، ليس الأمني في سيناء وحسب، ولكن ضغط معالجة ومواجهة المشكلات الملحة مثل البطالة والسكن، المواصلات، وغيرها، إلى الإنتاج، ذلك أن قوة اليابان والصين وألمانيا تكمن في انتشار السلع التي تنتجها في كل مكان من العالم، الذي لم يعد مصدر قوة الدول فيه القوة العسكرية، فحتى روسيا وأميركا لا تحققان مكانتهما بفضل ما تمتلكانه من "نووي"، بل من قوة اقتصاد، الأولى مصدرها الثروة الطبيعية _ الغاز والنفط، والثانية الهاي تيك، والبرمجيات عموماً.
خلال عهده سعى محمد علي منتصف القرن التاسع عشر، إلى إحداث نظام حديث للري بهدف تحسين الإنتاج الزراعي لبلد يعتبر زراعياً من الدرجة الأولى، كما أنه قام باعتماد نظام مستحدث للتعداد السكاني، كان الأول من نوعه في العالم، في الوقت الذي قام فيه بإنشاء جيش قوي، ليس لحماية الدولة وحسب، ولكن أيضاً لتحقيق طموحه في إقامة دولة ذات مكانة إقليمية، من خلال محاولته ضم بلاد الشام لها، أو إقامة تحالف معها، إدراكاً لدرس التاريخ، والذي مفاده أن أمن مصر يتحقق في بلاد الشام.
وبعد نجاح عبد الناصر في الإطاحة بالنظام الملكي الفاسد والمستبد، بوقت قصير، بدأ ببناء سد أسوان العالي، بهدف تحقيق أمرين: أولهما حماية الأراضي الزراعية المصرية المتواصلة مع مجرى نهر النيل من أسوان إلى البحر المتوسط، من الفيضان السنوي، الذي كان يغرق المحصول الزراعي، ويهدد حياة معظم سكان مصر، وثانيهما توفير الطاقة الكهربائية التي باتت مع منتصف القرن الماضي، عنوان وسمة التقدم للدول كافة، كذلك سعى عبد الناصر إلى إلحاق مصر بالدول الصناعية من خلال إطلاق عملية "مكننة" النسيج القطني في المحلة الكبرى، الذي كانت تشتهر به مصر، وبنفس الوقت إقامة مصانع الحديد والصلب في حلوان، إضافة إلى تحديث وتقوية الجيش المصري، وفي نفس الوقت حاول توحيد الأمة العربية بأسرها عبر شعارات الوحدة العربية، لتحقيق المكانة الإقليمية / الدولية التي تحققت _ نسيباً، رغم مواجهته للغرب وإسرائيل عبر عدم الانحياز.
عبد الفتاح السيسي، لم يكتف بأن يكون مجرد رئيس عابر في حياة دولة عظيمة هي مصر، كما فعل ثلاثة من رؤساء لها سبقوه، ومنذ اليوم الأول الذي حلف فيه اليمين كرئيس لجمهورية مصر العربية، وهو يحلم بإحداث الثورة الداخلية التي من شأنها لا أن تحل مشاكل مصر في البطالة والعجز عن تحقيق الخدمات العامة المختلفة من قبل الدولة للمواطنين وحسب، ولكن تلك التي تجعل من مصر دولة ذات مكانة واحترام إقليمي / دولي.
وقد أدرك الرجل، أن مشاكل مصر من طبيعة اقتصادية بالدرجة الأولى، وأن الحكم المستبد السابق ارتكب خطيئة حجز تطور وتقدم البلد وكبت طموحه في الانطلاق والتقدم والتحقق، ومصر كانت على نفس الخط مع كوريا الجنوبية، قبل نحو نصف قرن، كذلك كانت اليابان تسعى إليها للوقوف عند مستويات معينة من التقدم والمعرفة، لذا فقد جند مكانته وحب الناس له، وفي أيام حكمه الأولى، لتجنيد أموال المصريين المقيمين بالخارج، وتوظيفها من أجل تحقيق المشاريع التي تحقق لمصر المكانة المحترمة وللمصريين الرفاه وفرص العمل.
بدأ على الفور بمشروع توسيع قناة السويس، وعلى الفور أطلق مبادرة المؤتمر الاقتصادي السنوي بهدف تشجيع دول العالم والشركات الدولية للاستثمار في مصر، من أجل إطلاق قوة مصر الاقتصادية وفق معايير ومفاهيم العصر الحديث.
ولعل مشاركة نحو مئة دولة، والنجاح في عقد صفقات من أجل إنشاء مشاريع في مصر تقدر بعشرات مليارات الدولارات، في المؤتمر الاقتصادي الذي عقد بشرم الشيخ الأيام الماضية خير دليل، ليس فقط على نجاح السيسي في حشد العالم لدعم سياسته ونظامه والاعتراف بثورة 30 يونيو، لمن ما زال لم يعترف بحقيقة بزوغ الشمس في وضح النهار، وحسب، ولكن من أجل العبور بمصر إلى رحاب المستقبل كدولة عصرية / حديثة، تتمتع بمكانة إقليمية / دولية محترمة.
مع ذلك، ومع الإعلان عن التوصل لاتفاقات بإقامة مشاريع عديدة، خاصة في مجالي الإسكان والطاقة، ومع إعلان الرئيس المصري نفسه بأن مصر تحتاج إلى نحو 200 _ 300 مليار دولار لتحقيق طموحها في التحول لدولة حديثة وعصرية، ذات مكانة إقليمية / دولية، بعد أن سبق ذلك بتعديل السياسة الخارجية المصرية بفتح الأبواب على موسكو وعقد صفقات تحديث سلاح الجيش المصري معها، وبعد إحياء القاهرة لمحور مصر / السعودية للقيام بالدور الإقليمي في مواجهة محاور إقليمية عديدة، تسعى كلها لإلحاق العرب بأحد دولتي فارس / بيزنطة العصر القديم: إيران أو تركيا العصر الحديث، فإنه يمكن ملاحظة أكثر من مفارقة، لعل أولها وأهمها، أن دولاً عربية بالذات، تمتلك مليارات الدولارات، وتبدي الاستعداد لفتح الدول العربية المركزية، إن لم نقل من أجل تدميرها، لا تبدي الاستعداد ذاته _ على الأقل _ من أجل الاستثمار ليس في مصر وحسب، ولكن في دول عربية لديها القوة البشرية والمصادر الطبيعية للاستثمار، وتفضل أن "توظف" ملياراتها لتحقيق أهداف سياسية عابرة، في مجالات كرة القدم أو في دول أخرى، مثل الولايات المتحدة أو غيرها.
كذلك أن معظم المشاريع التي أعلن عنها، تنتمي إلى حقلي الإسكان والطاقة، وذلك تحت ضغط حاجة المجتمع المصري في مواجهة مشكلتي نقص الطاقة الكهربائية بالذات وعدم توفر المساكن، كذلك إن ذلك يحدث في وقت طال فيه تنفيذ خارطة الطريق، خاصة في شق إقامة نظام المؤسسات، حيث ما زالت مصر دون برلمان حتى اللحظة، لذا من الضروري أن تفكر مصر لاحقاً، وبعد التحرر من الضغط، ليس الأمني في سيناء وحسب، ولكن ضغط معالجة ومواجهة المشكلات الملحة مثل البطالة والسكن، المواصلات، وغيرها، إلى الإنتاج، ذلك أن قوة اليابان والصين وألمانيا تكمن في انتشار السلع التي تنتجها في كل مكان من العالم، الذي لم يعد مصدر قوة الدول فيه القوة العسكرية، فحتى روسيا وأميركا لا تحققان مكانتهما بفضل ما تمتلكانه من "نووي"، بل من قوة اقتصاد، الأولى مصدرها الثروة الطبيعية _ الغاز والنفط، والثانية الهاي تيك، والبرمجيات عموماً.