يظن الكثيرين أن الغرب الأوروبي يمثل مهد الحرية والقيم الإنسانية متناسين أن الشرق كان فيه الوجود الإنساني بقيمه الحضارية والإنسانية أسبق بكثير من وجود الغرب وقيمه الحديثة، التي تقوده اليوم إلى الإنحطاط الأخلاقي والقيمي بسبب الشطط في تطبيقات الحرية الفردية المطلقة التي يأخذ بها دون أدنى ضوابط تراعي الحفاظ على الأسرة والمجتمع وحتى على الفطرة الطبيعية التي فطر عليها الخَلق ..
لقد ظهرت وزيرة الداخلية الألمانية أمس أثناء تشجيعها لفريقها في مباراته مع اليابان وقد وضعت على ذراعها شارة المثلية في تحدٍ منها للإجراءات المتخذة من قبل الدولة المنظمة للأولمبياد دولة قطر، والتي من ضمنها حظر مثل هذه الشارة للمثليين والترويج لها ولشعاراتهم لتعارضها مع القيم الدينية (اليهودية والمسيحية والإسلامية)، ولتعارضها وتناقضها مع الفطرة الطبيعية التي فطر عليها الخلق من بني البشر وكافة المخلوقات الحيوية، ولا يمكن لمفاهيم الحرية المطلقة أن تكسر قوانين الطبيعة وقوانين الخالق التي بات الإلتزام بها يمثل تخلفا وقمعا للحرية في نظر هذا الغرب المتهافت والساقط بإسم الحرية الفردية وحرية التعبير المطلقة من عقالها، كما جاءت الصورة التي التقطت وتشرت للفريق الألماني قبيل انطلاق المباراة مع الفريق الياباني تعبر عن احتجاجه على إجراءات الدولة القطرية التي حظرت نشر اعلام وشعارات المثليين بوضع أيديهم على أفواههم، كإشارة إلى أن قطر تقمع حرية الرأي والتعبير ..!
ليس من حق المانيا ومعها الغرب كله أن يفرض قيمه ومفاهيمه الدينية والاخلاقية على غيره من الدول والشعوب التي لا ترى في مثل تلك القيم إلا شذوذا وسقوطا قيميا واخلاقيا لتعارضها مع ما تؤمن به من قيم ومبادئ وأخلاق..
على المانيا وغيرها من دول الإنحدار القيمي والأخلاقي أن تدرك أن حريتها تقف عند حدود حرية وقيم الآخرين ولا يحق لها تجاوزها تحت أي مسميات كانت، كما تقف حرية الفرد عند حدود حرية الأفراد الآخرين.
قطر ومعها كافة الدول العربية والإسلامية وكثير من دول العالم وخاصة منه الشرق كافة يجمع على رفض تلك القيم الغربية الهابطة أن تنتشر في مجتمعاته ودوله لإعتباراته العقدية والقيمية وعاداته وتقاليده الراسخة، إن مجتمعات تلك الدول قد حافظت على احترام قيم وعقائد شعبها وبالتالي ترفض نشر وإباحة مثل هذه القيم الهابطة والمنافية للطبيعة والفطرة الإنسانية في دولها بإسم الحرية الفردية المطلقة وحرية التعبير المنفلتة من عقالها ...الخ، التي باتت تهدد مستقبل حياة ووجود وبقاء تلك المجتمعات المنحلة ...!
كان أحرى بالوزيرة الألمانية أن تحترم وتلتزم الإجراءات المتخذة من قبل الدولة المنظمة للأولمبياد هي وفريقها على السواء.
هكذا تحت مسمى الحرية وحرية التعبير المطلقة انتشرت الرذيلة في الغرب وتم شرعنتها في الكثير من المجتمعات والدول الغربية ويسعون إلى تعميمها على كافة الدول في العالم.
أننا مع الحرية التي تحفظ للإنسان كرامته وللمجتمع وحدته وتطوره ومستقبله وتحافظ على فطرته، ولسنا مع أي حرية تتعارض مع القيم الدينية ومع العادات والقيم الأخلاقية التي تتسم بها مجتمعاتنا العربية والشرقية.