بينيت كشف المواقف الحقيقية لليمين الإسرائيلي

a67d76ae-987f-4ffb-8f49-00e7eed0ad13_16x9_600x338
حجم الخط
لم أستطب هذه الحملة الانتخابية. وكدت لا أعتبر أي قول فيها أصيلا أو صادقاً، أو يأتي من المنطق ودفائن القلب. رأيت الضائقة الانتخابية لكل حزب ولكل زعيم والاقوال التي فرضها عليه من صمم له تصريحاته – الاستراتيجي السياسي أو المستشار الاعلامي.
لقد خاض يائير لبيد حملة ناجحة ولكنها ضعيفة الحجة. فلم يُسر أناس كثيرون بهذا القدر خلف أحد يقول: «نحن نعمل بكد من أجل المواطن. جربنا اصلاحات وأُفشلنا. منعونا، ولكننا حاولنا». 
فهذا يشبه في نظري الطليعي في كرة القدم الذي يشرح في نهاية الموسم بأنه فوت الكثير من الاهداف بسبب أخطاء في التحكيم الوحشية المبالغ فيها للخصوم وانعدام الحظ، فكل هذه لم تمنحه دعوة إلى فريق المنتخب الوطني.
آريه درعي لبس ثوب الشرقي، الرجل الذي تحدث في السنوات الأخيرة عن حزب للعلمانيين والمتدينين برئاسته عاد سنوات إلى الخلف بشعار «الشرقي يصوت للشرقي». 
شعار مغلوط وغير ذي صلة، يغضب معظم الشرقيين، أولئك الذين لا يريدون أن يتمسكوا بالآراء المتحجرة التي تبخرت على مدى السنين.
ولكن القاسم المشترك بين لبيد ودرعي هو أنه في طريقهما لكسب الأصوات لم يوجها نظرهما نحو الحقيقة مباشرة، بل إلى المخزون المحتمل الكفيل بأن يكون متأثرا بالرسائل عن صدق مساعي الأول وإبراز شرقية الثاني.
ومن فوق الجميع برز نفتالي بينيت، وبودي أن اقول شيئا في الثناء عليه. 
فبينيت يعرف كيف يظهر: فهو سلس، كاريزماتي ومصمم. نشط ولا يبقي مسألة أو تساؤلا دون ان يجيب عنه. بينيت ليس عنصريا يتحدث عن طابور خامس، فهو اكثر ذكاء من ذلك. 
وفي الثناء عليه يقال إنه أطلق تصريحات سياسية واضحة، لم يتجرأ أي حزب طموح أن يفعل مثله، فالاستراتيجية السياسية بُنيت على الصد، النفي، الإخفاء أو التلميح، أما بينيت فخرج عن الصف وأطلق أقوالا واضحة.
أعترف بأنني للحظات ظننت أن بينيت هو دسيس في أوساط اليمين، لخدمة المعارضين. سألت نفسي لماذا يخدم بهذا الشكل الكامل أحزاب البديل؟ فقد قال بينيت على مدى حملة الانتخابات الأمور التالية: معارضة نقل سنتيمتر من أرض «بلاد إسرائيل» إلى العرب، معارضة المسيرة السياسية لأنها تفرض التنازلات، معارضة إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، هذه أقوال أراد اسحق هرتسوغ ورفاقه جدا أن يسمعوها من بنيامين نتنياهو.
وبعد أن كرر بينيت ذلك المرة تلو الأخرى، فقد حزبه التأييد وازدادت الكتلة المضادة ببطء – لأن هذه المواقف تتعارض ومواقف أغلبية الجمهور. 
فأغلبية الجمهور قلقة وتريد مسيرة سلمية، وفي ظل الشك بنتائجها تخشى أن يؤدي سعي بينيت إلى دولة يهودية كبيرة، دون التنازل عن سنتيمتر، إلى حرب تجبر إسرائيل على التنازل. 
كما أن أغلبية الجمهور تعرف بأنه إذا ما نجح طريق بينيت ستصبح إسرائيل، في افضل الأحوال، دولة ثنائية القومية وفي الحالة الأقل جودة دولة ابرتهايد، وفي الحالة الأسوأ هذين الشرين معا.
لقد موه اليمين مواقفه بالقول إنه لا يوجد شريك. يدنا ممدودة للحل، ولكن لا يوجد من نصنعه معه. إلى أن جاء بينيت واعطى حملة الانتخابات اللون الصحيح وساعد في تعريف اليمين العقائدي بأنه منقطع عن مواقف أغلبية الجمهور. 
لقد أخطأ بيني لأنه اعتقد بان الشك والعداء للعرب يدفعان اغلبية الجمهور ليكونوا اوري ارئيل واوريت ستروك.
يجدر بنا في ختام حملة الانتخابات المليئة بالتشهير ان نثني على من هو جدير اكثر من أي شخص آخر: بينيت. لقد اعطى بينيت الطابع الايديولوجي الصحيح لحملة الانتخابات وأيقظ الجمهور ليقرر بين الخير والشر.

عن «هآرتس»