"مونديال الكراهية، شوارع الدوحة بالنسبة لنا كإسرائيليين خطيرة، الإسرائيليون محاطون بالعداء، ومهددون في كل زاوية"، هكذا افتتحت صحيفة يديعوت أحرونوت، صفحتها الأولي، اليوم الأحد، تعليقاً على تعامل الجماهير العربية والعالمية المناصرة للقضية الفلسطينية خلال كأس العالم - قطر 2022.
صدمة "إسرائيل" من المونديال
عبّر مراسل صحيفة يديعوت أحرنوت، راز شاشنيك، عن تجربة العشرة أيام فقط، من المونديال في قطر، بالقول: "بعد عشرة أيام في الدوحة، من المستحيل عدم إطلاعكم على ما نمر به هنا، نحن لا نريد التجميل، نشعر بالكراهية، نحن محاصرون، عداء غير مرحب بنا، أخبرنا قطري ودود عندما أخبرناه بأننا من إسرائيل، أنّه غير مرغوب بكم هنا، وابتعدوا من هنا بأسرع ما يمكن".
وقال مراسل القناة “12” العبرية: "بالنسبة للجماهير العريية الحاضرة في قطر، ففلسطين أهم شيء في المونديال جاؤوا من أجله لا من أجل البطولة، حيث تراهم منشغلون بالمشاركة في التظاهرات المؤيدة لفلسطين خلال اليوم الذي ستلعب به منتخباتهم، عدا عما يقوموا به على المدرجات من رفع شعارات داعمة للفلسطينيين".
وتحدث مراسل "كان" العبرية للمونديال، حول ما يُشاهده من تعامل عربي رافض له ولكيانه، سواء في المطعم أو مع سائق التكسي أو في أي مكان، قائلاً: "الجميع يطردنا أخبرونا من يوافق من الشعب على التطبيع".
ما سبق يكشف زيف محاولات دولة الاحتلال الإسرائيلي، التي تُروج لقبول الشعوب العربية باتفاقيات التطبيع وطي صفحة القضية الفلسطينية، لكِنه يطرح تساؤلات عن كيفية استثمار الاحتفاء العربي والعالمي بالقضية الفلسطينية؟.
المونديال.. وأكذوبة التطبيع
بدوره، رأى الكاتب السياسي في جريدة الأيام الفلسطينية، عبد المجيد سويلم، أنَّ "إسرائيل حاولت التسويق لجمهورها، بأنّه تم تجاوز الفضية الفلسطينية من خلال التطبيع عبر الترويج بأنَّ إسرائيل مقبولة لدى الشعوب العربية، أو في طور أنّ تُصبح كذلك".
وقال سويلم، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ إسرائيل تُجري محاولات حثيثية في هذا الإطار وتصرف ميزانيات في سبيل ذلك"، مُتسائلاً: "لكِن ماذا كانت النتيجة؟، جاءت حادثة " المونديال" في قطر؛ لتكشف حقيقية رفض الشعوب العربية بشكل قاطع التطبيع مع الكيان؛ طالما أنّه ينتهك حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإنهاء الاحتلال وإقامة دولته المستقلة".
وأشار إلى أنَّ الوعي "الإسرائيلي" أصيب بصدمة، لأنّه تم تضليله على يد "الماكنة الصهيونية" بترويج تقبل الشعوب العربية لهم وأنّها لم تعد مهتمة بالقضية الفلسطينية؛ وبالتالي يستطيع الاحتلال أنّ يضعها جانبًا ويستمر من خلال عمليات التطبيع".
وتابع: "أما الصدمة الأخرى للجمهور الإسرائيلي إلى جانب التضليل، أنّه بدون منح الشعب الفلسطيني حقوقه، فلن يستطيع أحد مهما كانت قوته الإعلامية، إقناع الشعوب العربية بالتعايش مع الحالة الإسرائيلية".
وأوضح أنَّ ما يجرى من تأييد للقضية الفلسطينية في "مونديال قطر"، بمثابة انتصار للشعب والقضية الفلسطينية بدون تخطيط وبدون ميزانيات، مُستدركاً: "حادثة المونديال أضافت بُعدًا عالميًا للقضية الفلسطينية، حيث الآلاف يرفعون العلم الفلسطيني دون أيّ دافعية خارجية، وإنّما شعور الظلم تجاه الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال الإسرائيلي، ما كشف أنّها دولة مارقة وفاشية وعنصرية، وأنَّ الشعب الفلسطيني مناضل".
استثمار المونديال
وبالحديث عن كيفية استثمار هذا التأييد الجارف للقضية الفلسطيني، رأى سويلم، أنَّ "استثمار المونديال حدث بالفعل، حيث لا يوجد أيّ قضية في هذا المونديال حظيت بهذا الاهتمام كالقضية الفلسطينية، ففلسطين موجودة في كل الملاعب".
وأكمل سوسلم: "يجب إعادة حشد الطاقات الوطنية الفلسطينية واستعادة الوطنية الفلسطينية وإعادة بناء منظمة التحرير، من أجل استثمار هذا التأييد الشعبي العربي في استنهاض الشعوب العربية لصالح القضية الفلسطينية، بدلاً من انتظار الأنظمة المطبعة مع الاحتلال".
من جهته، بيّن المختص في الشأن الإسرائيلي، عاهد فروانة، أنَّ "ما أوردته صحيفة "يديعون أحرنوت"، بأنَّ "دولة قطر بمثابة عدو لكل إسرائيلي"، يكشف عن حجم الصدمة والذهول لديهم من معاملة العرب لهم، حيث كان يعتقدون بأنّ المونديال فرصة لهم للتقرب للشعوب العربية.
وقال فروانة، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ صدمة الاحتلال من رفض العرب التعامل مع الإعلام الإسرائيلي، جعلهم يشنون هجوماً على قطر والمنظمين للمونديال؛ لأنَّ الأمور جرت عكس ما تم التخطيط له وتوقعه".
واستدرك: "لم يمض سوى أسبوع واحد فقط على بدء المونديال، لكِنه شهد هذا الحشد والدعم والمناصرة من الشعوب العربية وكذلك من الشعوب المناصرة للقضية الفلسطينية، برفع العلم الفلسطيني في كل الملاعب، الأمر الذي يؤكد عدالة القضية الفلسطينية وفشل كل محاولات التطبيع مع الاحتلال".
وختم فروانة حديثه، بالتأكيد على أنَّ أقوى استثمار لحالة التأييد والمناصرة للقضية الفلسطينية، بحملات المقاطعة الرياضية لدولة الاحتلال إلى جانب المقاطعة الأكاديمية، مُشيراً إلى حالات كثيرة عربية رافضة للتعامل مع أيّ لاعب "إسرائيلي" خلال بطولات رياضية سابقة، انتصاراً وإيماناً بعدالة القضية الفلسطينية.