تظاهــرة اليمـين فـي ميـدان رابـين: هــدوء وخــوف

20151603210938
حجم الخط

في مظاهرات اليمين الكبرى، في عهد «أوسلو» و»فك الارتباط»، ساد الغضب في الميادين. وكان هناك إحساس حقيقي: نكون أو لا نكون. أما مظاهرة اليمين، أول من امس، في ميدان رابين، فكانت منضبطة، بل تكاد تكون هامشية.
جاء المتحدثون بقرار مصمم على ألا يرتكبوا الأخطاء، ألا يقولوا أي كلمة بسببها قد يتهمونهم بعد ذلك بخسارة الانتخابات. «آمل ألا تكون هنا استفزازات هذا المساء»، قال نتنياهو في بداية حديثه. «ولكن اذا ما كانت، فلا تنجروا».
وبسبب اضطرارات الحراسة، تحدث نتنياهو من خلف زجاج مضاد للرصاص. ففي المخابرات لم يتحملوا المخاطرات: يكفيهم رئيس وزراء واحد قتل في الميدان. غير أن الزجاج الفاصل لا يحسن للخطاب.
كان المهرجان شرعياً تماماً ومثيراً للانطباع. أما الأعداد فيصعب إحصاؤها، وذلك لأن كل القسم الامامي من الميدان يوجد قيد الترميم. وفي الصفوف الاولى ساد اكتظاظ كبير، يكاد يكون حتى الاختناق. اما في الخلف فكان واسعا جدا. وأقدر بأن الاعداد كانت تشبه تلك التي سجلت في مهرجان اليسار قبل ثمانية أيام.
كان الجمهور في غالبيته الساحقة صهيونيا – دينيا. في اغلبيته الساحقة رجالا. في اغلبيته الساحقة جاء من الخارج. باصات شركات المجالس الاقليمية في «المناطق» توقفت شمال شارع بن غوريون في مسارب مزدوجة وثلاثية (تمويل السفر سيكون على أي حال موضوعا لتقارير تحقيقية نشطة فور الانتخابات). وعلى نحو كبير، هذا هو جمهور حزب «البيت اليهودي»، قبعات دينية محبوكة كبيرة، ومتوسطة، فتيان من المدارس الدينية الصهيونية، وبنات المعاهد.
في الساعة التي سبقت الخطابات انتظم الشباب في حلقات رقص، البنون على حدة والبنات على حدة. رقصوا متعانقين بأصوات عالية، بنشاط لا يكل، وأنشدوا «غنوا نظروا ورأوا»، من الاناشيد القديمة لحركة العمل، بوتيرة عيارات من السلاح الاتوماتيكي.
ونصب نشطاء «البيت اليهودي» في أماكن مختلفة من الميدان شخوصا من الكرتون تحمل صورا مبتسمة لبينيت والى جانبه شخوص يلبسون القمصان قصيرة الاكمام تحمل شعار «أنا لا أعتذر». وفي مكان الرأس يوجد ثقب، وعلى الثقب تاج ذهبي. والثقب بارتفاع الولد. وكان الناس يجلبون أولادهم، وأحيانا أنفسهم، ليقفوا خلف الثقب ويقومون بتصوير أنفسهم. جميل، وإن لم يكن تربويا جدا.
وكانت هناك منصة تسجل المتطوعين للانتخابات في المدن، حيث توجد احياء عربية. رأيت باروخ مارزيل الكهاني يمر من جانبها، يحيطه فتيان متحمسون يشقون له الطريق نحو المظاهرة. مارزيل في ميدان رابين: صورة ليست سهلة على الهضم.
وكان النصب لذكرى الكارثة، والذي كان نشطاء «اسرائيل بيتنا» علقوا عليه لافتتين كبيرتين، «عقوبة الموت للمخربين» و «باختصار ليبرمان» مع صورة كبيرة للزعيم وخلفية بنفسجية – سوداء. كما أن عاملي «الليكود» علقوا لافتة تقول: «إما نحن أو هم، فقط نتنياهو»، وكذا فعل عاملو «البيت اليهودي» الذين علقوا لافتة «نتوقف عن الاعتذار». لا يوجد حزب في اسرائيل لم يعلق شيئا ما عن الكارثة. ولكن كيفما اتفق، فإن لافتة ليبرمان كانت اكثر لذعاً.
دانييلا فايس، بطلة البؤر الاستيطانية غير القانونية، كانت هي المضيفة. وقد قدمت نتنياهو بأدب. ورد الجمهور بحرارة: أعلام ولاقتات رفعت. وحاول نتنياهو اقناع الجمهور بالتصويت لـ»الليكود» وليس لبينيت. وقال: «طالما كان الليكود في الحكم سيكون المعسكر الوطني في الحكم. ولن تكون هناك تنازلات». وقد وعد من فوق المنصة بمنصب الوزير الكبير لكحلون (المالية) وبينيت (الدفاع؟). اما الجمهور فلم يتأثر.
يفهم بينيت بأن نتنياهو يحاول أن يشرب الاصوات منه. وقد رد بأحبولة خاصة به: بعد دقيقة من نشر نتائج العينة سينشئ كتلة مع «الليكود». ومعا سيتوجهان الى الرئيس. وبهذه البشرى أيضا لم يتأثر الجمهور.
وامتشق بينيت غيتارة وغنى «قدس الذهب» احتجاجا على منع القاضي جبران عمير بانيون الغناء في المظاهرة. وغنى الجمهور معه بحماسة لا بأس بها. وأنا ايضا غنيت فكيف بي لا أفعل إلى أن توجه الي أحد قدامى «غوش ايمونيم» وهو شخصية معروفة وهمس في أذني: «يمكن لبينيت ان يكون مرشد بني عكيفا في حيّك». فتوقفت عن الغناء.

عن «يديعوت»