لم يعد هناك كثيرا من "ترف الوقت" امام قيادة حركة فتح لتبقى واقفة متفرجة على تطور الأحداث، دون ان تذهب الى تغيير شامل في سلوكها العام، الوطني والتنظيمي، بعدما أصبحت "الفاشية الدينية اليهودية" حكما وحكومة في الكيان العنصري، ببرنامجها التهويدي الشمولي المكثف في الضفة والقدس، وتعزيز الحالة الانفصالية في قطاع غزة.
لا أسرار في المشروع المعادي جذريا للوطنية الفلسطينية، ولم يعد الأمر بحاجة لترقب وانتظار، او الدخول في "نفق الوهم" بأن ذلك ليس سوى "كلام انتخابي" يزول مع أول ضوء في اليوم التالي، فما حدث بعدما تأكد فوز "التحالف الفاشي الديني"، تنامي عدوانيتهم ولخصها بشكل مكثف "نجمهم الساطع" بن غفير (كاهانا ب)، وللمرة الأولى يخرج منهم من يعلن بأنهم ذاهبون لتغيير "الوضع القائم" في الحرم القدسي، الى جانب تعزيز مشروعهم التوراتي.
والاعتقاد، ان أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي (الغرب الاستعماري العام) سيكون قوة كابحة لـ "تحالف الفاشية الدينية" في الكيان، ليس سوى اتكالية هروبية، لن تصل أبدا في ظل الخمول العام، ودون ان تهتز السكونية الكفاحية التي سادت طويلا.
اهتزاز "السكونية الكفاحية" تبدأ من الذهاب عمليا نحو ترتيب "البيت الفتحاوي" بكامل محتوياته، بعيدا عن حسابات الصغار، ودون البحث عما يصيب الحركة صاحبة الرصاصة الأولى بما ينهك قوتها وحضورها، وتجارب السنوات الماضية كافية لتصبح دليلا لا يحتاج "قاموسا ناطقا" لشرح مفردات مرحلة ظلامية سادت وطال زمنها.
الحديث عن مواجهة المشروع التهويدي العام، كلمته الأولى تنطلق من حركة فتح، بصفتها عامود الثورة ورافعتها، وحاملة مشروع الوطنية، وهي دون غيرها جداره الواقي، وأي هوان بها لا ينحصر بذاتها، بل سيصيب جسد المشروع العام، وكل ما مضى كاشفا لتلك الحقيقة السياسية.
جوهر المسألة، والتي يجب أن تقف أمامها قيادة فتح، هل تعتقد أن "التحالف الرباعي الفاشي" سيجد وقتا ليميز بين أبناء الحركة، ويضع علامة ملونة لهذا أو ذاك، وهل تعتقد أنها بوضع الحركة الراهن – الواهن، يمكنها أن تقف "سدا" لمواجهة ما بدأ معلوما من مشروع عدواني مركب.
موضوعيا، لا خيار لقيادة حركة فتح، سوى البحث بكل السبل لإزالة كل ما أصابها مرضا أقل من انقسام، وأكثر من "تململ تنظيمي"، وموضوعيا عاشت فتح في ظروف سابقة حالات كان أكثرها تأثيرا سلبيا في حينه، ما عرف بانشقاق "فتح الانتفاضة" 1983، ولكن القيادة التاريخية بزعامة الخالد المؤسس ياسر عرفات، لم تقف متفجرة على الحدث الخطير، وواصلت العمل الى أن عاد غالبية الذين "تورطوا" بتضليل الشعارات و"النوايا الحسنة" في حينه، دون ان تنصب محاكم تفتيش لمن اختلفوا، وأصروا أن يكونوا "فتح" ولا سواها فصيلا، فـ "من كان بلا خطيئة فليرجمهم برصاصة".
مواجهة المشروع المعادي، دون أن تستعيد حركة "فتح" وضعها، وترتيب شأنها، وتعزز وحدتها الداخلية، بلا حسابات ضيقة، يصبح ذلك "كلاما مخروما" لا قيمة عملية له، بل لن يكون محل ثقة وطنية، فمن لا يستطيع انهاء إشكالية خاصة لا يمكنه أبدا ان يتمكن من التصدي لما هو أخطر.
دون وحدة فتح وتصليب شأنها بمختلف جوانبها لا يمكنها أبدا، عرقلة "المشروع التمثيلي البديل"، الذي ينتظر بقوة دفع ليست فلسطينية، ليست مجهول الهوية، تعمل بما يمكنها ليكون حاضرا في لحظة صفرية.
"المسألة الفتحاوية" لا تتعلق بمنتسبيها فحسب، بل هو شأن عام، لما للحركة من مكانة ودور وأثر على المشروع الوطني، وقيادتها المؤسسة الرسمية التمثيلية، منظمة ودولة في الطريق.
ملاحظة: قيام إدارة مستشفى "عين كارم – هداسا" الإسرائيلية بفصل الطبيب أحمد محاجنة، لأنه مارس دوره الإنساني الذي تعلمه، قبل أن يكون ابن بلد محب لأهله، وقدم قطعة "حلويات" للفتى المصاب محمد أبو قطيش...حيثيات الفصل ورقة إثبات لـ "عنصرية متحولة" مش محتاجة شرح ابدا!
تنويه خاص: فرحة الشباب العربي بفوز فرقهم بكأس العالم، شي ممتع وممتع جدا، لكن اللي مش ممتع نهائيا أن تتحول "الأفراح" الى شغب في بلاد استقبلتهم وحملوا جنسيتها..الوطنية لا ثمن لها..لكن الحذر مهم جدا لأنه التطرف غير الذكي ينتج "عنصرية"..بدها شوية انتباه!