الحكومة الإسرائيلية: روح اليمين المتطرف بدأت تعمل منذ الآن !

عاموس-هرئيل.jpg
حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل


تجري الأمور، ربما يتعين علينا أن نسميها عمليات، بسرعة أكثر بكثير مما قدرت وسائل الإعلام أو الجمهور مسبقا. فجر الجمعة أعلن "الليكود" و"قوة يهودية" عن اتفاق ائتلافي في إطاره تم تعيين إيتمار بن غفير في منصب غير مسبوق، وهو منصب وزير الأمن القومي، وهو مزود بصلاحيات واسعة. بعد بضع ساعات على ذلك تم توثيق جندي إسرائيلي من لواء جفعاتي وهو يضرب ناشطا يساريا في الخليل، في حين شرح زميله للكاميرا بأن "بن غفير سيعمل نظاماً في هذا المكان. أكلتوها. أنا الذي أضع القانون هنا".
في غضون ذلك حرق يهود خمس سيارات في أبو غوش كما يبدو انتقاماً للعملية التي قتل فيها مواطنان في القدس، الأربعاء الماضي.
رياح الإسناد يتم الشعور بها الآن حتى قبل استكمال تشكيل حكومة نتنياهو الجديدة. هذا يعني، سواء في اليمين المتطرف أو في أوساط الجنود، تصريحاً غير محدد لاستخدام القوة ضد العرب وفرصة لتوضيح علاقات القوة الجديدة لليساريين. تسرب هذا الفهم بسرعة إلى أسفل، إلى جنود كتيبة تسبار في لواء جفعاتي، الذين تورطوا حتى قبل الحادثة الأخيرة في عدة أحداث عنف في الخليل.
لكن قرار الجيش الإسرائيلي إيقاف الجندي الذي تم توثيقه وهو يهدد (خلافا لزميله الذي ضرب) قرار خاطئ. لا تكمن المشكلة في الجندي الثرثار، بل في الجندي العنيف، ولا يقل عن ذلك إقلاقا الخوف الذي يبثه بن غفير وأمثاله في أوساط القيادة العليا في الشرطة وفي الجيش.
نشر رئيس الأركان، أفيف كوخافي، أول من أمس، رسالة لجنود الجيش، أدان فيها سلوك الجنود في الخليل، وطلب التصرف بشكل سليم وبانضباط. وقال بن غفير، في مقابلة مع "حداشوت 12" بأنه سيطلب توضيحاً لرسالة كوخافي، واتهم نشطاء من اليسار باستفزاز الجنود.
يكفي رؤية لغة الجسد المحرجة للمفتش العام للشرطة، كوفي شبتاي، بوجود من سيكون الوزير المسؤول عنه من أجل الفهم إلى أي درجة تتغير الأمور وبأي سرعة. سيتم إعفاء كبار ضباط الجيش الإسرائيلي، كما يبدو، من خوض تجربة مشابهة تحت قيادة بتسلئيل سموتريتش وزيرا للأمن. ولكن روح العصر، مثل علاقات القوة الآخذة في التبلور للحكومة القادمة، مفهومة لديها. سيكون من الصعب وقف استمرار هذا الانجراف، وهذا بالتأكيد يسري في مناطق مثل الخليل، الملعب البيتي لبن غفير والذي هو في الأصل تسود فيه منظومة علاقات معيبة من الأساس بين الجيش والمستوطنين.
لا ينبع التغيير في مكانة بن غفير، الذي حتى قبل سنتين لم ينجح في انتخابه للكنيست، فقط من اللقب المضخم الذي طالب به وحصل عليه. وبناء على طلبه وعده "الليكود" بصلاحيات كثيرة تجاه الشرطة، التي حتى الآن حافظت على درجة من الاستقلال تحت وزراء الأمن الداخلي. وقد أُضيفت إلى ذلك سابقة خطيرة أُخرى وهي إخضاع وحدات حرس الحدود في الضفة الغربية مباشرة للوزير. ومن غير الواضح بعد هل وكيف سيتم تطبيق ذلك، لكن سيكون هنا كسر مطلق لسلسلة القيادة. ليس بالصدفة أشار وزير الدفاع السابق، بني غانتس، إلى أن نتنياهو يخلق لبن غفير نوعاً من الجيش الخاص في الضفة، الذي سيكون خاضعاً لإمرته.
سيجلس بن غفير، الذي أيديولوجيته المتطرفة جداً معروفة، على طاولة الكابنت، في الوقت الذي سيمكنه التأثير على القضايا الحساسة جداً لاستخدام القوة في القدس وفي المدن المختلطة وفي القرى العربية.
وإذا لم يكن هذا كافياً فهو سيفعل ذلك في الوقت الذي ستكون فيه له صلاحيات زائدة، وحيث ستكون قوات حرس الحدود خاضعة له مباشرة.
في الضفة وحدات حرس الحدود هي قوة الاحتياط الأسرع والأكثر توفراً وسرعة.
هذه هي الوحدات الأولى التي سيتم استدعاؤها إلى الميدان، مثلا أثناء مواجهات حول إخلاء بؤر استيطانية أو مواجهات بين الفلسطينيين والمستوطنين.
هل ستكبح هذه الوحدات العنف، أو بالتحديد ستغض النظر بروحية سياسة الوزير الجديد، عندما يكون المهاجمون من اليهود؟
يطالب سموتريتش، الآن، بإجراء عملية مكملة لنجاح بن غفير: نقل الإدارة المدنية لمسؤوليته وزيرا مستقبليا للمالية.
لا يدور الحديث هنا عن تعيين آخر أو زيادة صلاحيات. تحاول الصهيونية الدينية السيطرة على هدف بعيد المدى من ناحية قيادة المستوطنين – السيطرة على المخزونات الموجودة، ورسم الخرائط، وستفيد معرفة الإدارة في خطط توسيع المستوطنات وستساعد على وقف بناء الفلسطينيين. في الوقت ذاته سيحقق المستوطنون بذلك نفوذاً أكبر على جهاز الأمن في "المناطق".
في التحالف الذي عقده مع اليمين المتطرف يحدد نتنياهو في الوقت الحالي إلى أين ستتوجه حكومته القادمة. في الأولوية الأولى توجد عمليته في تغيير منظومة القضاء من أساسها. ولكن من أجل تحقيق أهدافه فإنه يضع المزيد من الصلاحيات في يد الوزيرين الكبيرين، المتطرفين جدا.
هذه العمليات ليس فقط ستؤثر على اتخاذ القرارات في "المناطق"، بل يمكن أن تنعكس أيضا على الوضع الأمني هناك وداخل حدود إسرائيل.
في هذه الأثناء يتم نشر تحليلات كثيرة متزنة، بطبيعة الحال، في محاولة للتنبؤ بتوجه نتنياهو. ماذا يحدث في مبادرته وأي القرارات التي اضطر إلى الموافقة عليها فقط بسبب الضغط الذي يستخدمه عليه شركاؤه؟
بالإجمال، من الصعب تفسير خطواته إذا تجاهلنا ما يبدو محركا أساسياً له. يريد نتنياهو منع إمكانية أن يجلس في السجن بعد انتهاء محاكمته. هذا هو الهدف ولا يوجد غيره. ومن أجل تحقيق هذا الهدف فإن كل الوسائل تقريبا مباحة، بما في ذلك الانضمام للعنصريين والتنازل عن صلاحيات حاسمة مع خطر واضح وهو تدهور الوضع الأمني في الضفة.

عن "هآرتس"