اعتداءات متواصلة على المقدسات

تحذيرات من تحول الصراع إلى ديني .. وخبراء :الدين -لإسرائيل- مُجرد وسيلة

23a297377f84277d7a476d9a53288dd0
حجم الخط

منذ أن تفشى الاستيطان الاسرائيلي على الأرض الفلسطينية تحت غطاء الصهيونية العالمية وبدعم من الاستعمار البريطاني مُكّملاً عنه الاستعمار الأمريكي، اخترعوا لهم مبدأً ينطلقون منه على أساس الدين، يرى أن هذه الأرض لهم وهي وعد من الله دون الاستناد على أي مرجع ديني حقيقي.

ولأن التحول الحقيقي في تاريخ الصراع بدأ منذ أن أقرت بريطانيا ومن خلال وعد بلفور تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين، وبعد مرور أكثر من (98) سنة على هذا الوعد، كان الوقت أكثر من كافياً ليعلم الجميع – بما فيهم اسرائيل- بُطلان هذا القرار البريطاني الذي أعطى من لا يملك لمن لا يستحق، وفشل الدولة الإسرائيلية بتنحية الفلسطينيين ولو قدم عن قضيتهم وحقهم في هذه الأرض.

حاول الكيان الصهيوني – وليس من اليوم بل منذ 1929- بحكومته اليمينية تحويل الصراع في القدس وفلسطين إلى صراع عقائدي ديني، ومن صراع على الأرض إلى صراع على ما تحت الأرض، علها تجد مساراً تُصبح فيه الحلقة الاقوى بعد أن فشلت في مسار سرقة الحق في الأرض.

الاعتداءات على المقدسات ليس بجديداً

في سياق الاجراءات الاسرائيلية التعسفية بحق المسجد الأقصى ومحاولة تقسيمه مكانياً وزمانياً، والاقتحامات اليومية لباحاته، يرى الكاتب والمحلل السياسي د. محمود العجرمي، أن كل ما يحدث من محاولات لتدنيس الأقصى ما هي إلا جزء من مشروع الحركة الصهيونية القائم الذي اعطى ثماراً مُرّة على دولة العدو، معتقداً أن هذه السياسة بدأت تنعكس سلباً على اسرائيل والتي باتت تواجه مأزق وجودي حقيقي وهذا السعار الديني والاستيطاني الدموي هو نتاج لوصول الدولة إلى العد العكسي لوجودها.

الاعتداءات الاسرائيلية مستمرة على المسجد الاقصى منذ حرب الايام الستة، يوّضح الكاتب والمحلل السياسي" د.خالد صافي" ذلك أن هذه الاعتداءات موجودة منذ الاستيلاء على حائط البراق وجعله " حائط المبكى" وهدم المساجد والبيوت في حي المغاربة، مضيفاً أنه منذ ثورة البراق كان هناك بعد ديني -وهو ليس وليد اللحظة - مشيراً إلى أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي له بعد سياسي وديني ويحدث أن يتأجج البعد السياسي ويتراجع الديني فيما  يتصدر المشهد الديني أحياناً اخرى.

وأضاف : أنه في اطار تصريحات نتنياهو ومحاولة هدم الاقصى والاقتحامات المتكررة له يعطي المشهد الديني بُعداً ومظهرا كبيراً واضافياً للصراع الفلسطيني الاسرائيلي.

الدين  -لإسرائيل-  مُجرد وسيلة

ولفت "د. العجرمي " إلى أن ما يحدث في الاقصى نابع من عقيدة الحركة الصهيونية التي تستعمل الدين وسيلة فقط وهي تعتبر البعد الديني جزء من جوهر القضية وليس أساس الصراع، موضحاً أن الحركة الصهيونية بأساسها هي علمانية ومنذ تأسيسها حتى تولي بنيامين نتنياهو، هم علمانيون لا يوجد بينهم أي متدين.

وأشار إلى أن المتدينين لا يخدمون في الجيش ولا يدافعون عن التجسيد العملي لفكرة الصهيونية، لكن الحكومة تستخدم كل العوامل لطرد الفلسطينيين من أرضهم بما فيها العامل الديني.

ويتفق معه في هذا الإطار "د. صافي" حيث استبعد ان تتحول القضية لصراع على الدين، موضحاً أنه في مرحلة من المراحل يتم توظيف الدين ويصبح المشهد الديني متصدر بشكل اكبر في الساحة الاعلامية والسياسية، كما هو الان في الانتفاضة .

وأضاف :" لأن ذلك يعني أن المواجهة ستجعل من المسلم مقابل اليهودي وتكون المواجهة أكثر شمولية وليست سياسية متعلقة في الأرض والقدس والحدود، مشيراً إلى أن الصراع الديني أكثر عنفاً وتطرفاً من السياسي."

الدين والتاريخ وسيلة لمصالح نتنياهو

وعن تصرفات رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو، يقول " د. صافي" أن نتنياهو دائماً يرغب بتأجيج المجتمع الاسرائيلي ضد الإسرائيلي بأي طريقة كانت حتى وان استخدم تزوير التاريخ أو حتى الدين.

وأضاف :" سابقاً قام بتزوير التاريخ باتجاه قضية الهولوكوست واتهم الفلسطينيين ان لهم يد في المحرقة، ونتنياهو يمارس الاكاذيب السياسي ولا يتوانى عن التوظيف الديني لجعل المجتمع الاسرائيلي اكثر يمينية والتهرب من أي استحقاقات سياسية ويتلاعب بالتاريخ واحياًنا يوظف الدين خدمة في مشاريعه السياسية .

ولفت أن نتنياهو يرغب في تعزيز عنصرية وشعبية حكومته كون المجتمع يتجه نحو اليمين من خلال العزف على وتر اليمينية وكسب المجتمع تجاه سياسته العنصرية الضاربة بعرض الحائط أي تسويات فلسطينية اسرائيلية.

يُشار إلى أن تصريحات كثيرة صدرت من الكيان الصهيوني بدءأ من نتنياهو والذي عبّر عن انزعاجه من اصوات الأذان، وإنتهاء بزعيم "لاهافا" المتطرف الذي قال أن المسيحيين مصاصي دماء ويجب منع احتفالاتهم، في الوقت الذي حذر الرئيس الفلسطيني محمود عباس والسلطة الفلسطينية بشكل عام من نية نتنياهو بقلب القضية الفلسطينية إلى قضية دينية.