سيستمر الانشداد العربي وغير العربي لمتابعة مونديال كأس العالم حتى لو لم يظل اي فريق عربي في التصفيات بعد خروج منتخبات قطر والسعودية وتونس من الدور الاول ، ذلك ان المونديال هذه المرة يقام على ارض عربية وبنكهة عربية وبأطعمة عربية ، وسيحتفظ العرب بشكل عام والمتخصصون على وجه الخصوص بمأثرتي ان السعودية هزمت الارجنتين وتونس هزمت فرنسا .
سيحتفظ العرب ايضا ، ان المونديال في قطر قد كشف ستر العرب المطبعين مع اسرائيل، وحشرهم في احدى زواياه الضيقة ، لدرجة ان البعض لم يخف امتعاضه من نجاح التنظيم ، فهاجم قطر وهاجم المونديال ، لكن الموقف الاسرائيلي الذي تماهى تماما مع موقفهم ، زاد في فضيحتهم وربما في عزلتهم على صعيد الجماهير العربية من المحيط (المغرب) الى الخليج (البحرين والامارات) .
التماهي الاسرائيلي مع الاعراب المطبعين ، تمثل في شكاوى رسمية ضد قطر حيث تعرض رعاياها للخطر ، ومعاداة السامية ، لكن تصريح رئيس الفيفا السويسري عشية المونديال ، تجاوز عنصرية الدين والسامية الى عنصرية الجنس الابيض والعيون الزرق في اضطهاد هذه الامة عبر ثلاث الاف سنة ، وها هي تونس تهزم فرنسا فيما تقصي المغرب بلجيكا وكندا عن المونديال .
تواصل هذا التماهي الاسرائيلي مع المطبعين العرب عبر مقال افتتاحي لصحيفة "يديعوت احرنوت" كبرى الصحف الاسرائيلية، تدعو فيه الاسرائيليين النظر الى نصف الكأس الملآن (الامارات والبحرين والمغرب) حيث يذهب الاسرائيلي الى هناك بحرية ويحظى بالاحترام والضيافة . قطر ، تقول الصحيفة انها الصيغة السنية لايران الشيعية، وتعج بالفلسطينيين، وهذا هو النصف الفارغ من الكأس .
الامارات بدورها ، تماهت بطريقة مخجلة مع اسرائيل ، حين وجهت الدعوة لبن غفير لحضور حفل احياء عيد استقلالها الخمسين ، والبحرين تستعد لاستقبال الرئيس الاسرائيلي وسط مظاهرات احتجاجية على استضافته .
ومهما يكن من شيء، فسرعان ما يطوى المونديال، وتطوى معه التفاصيل ، كما طويت احداث وتفاصيل واحد وعشرين مونديالا من قبل ، وبالكاد يتذكر الناس الفريق الفائز بالكأس العالمية ، كي يتذكروا من شارك ومن لم يشارك ، واذا كانت هذه الدولة او تلك قد تأهلت للدور الثاني ام خرجت من الدور الاول ، وهكذا .
لكننا سنظل نتذكر انه في الوقت الذي كانت فيه الجماهير منكبة على متابعة احداث المونديال، ذهبت اسرائيل لاعادة انتخاب بنيامين نتنياهو ومعه زمرة الاحزاب الكهانية والكهنوتية، وانها قتلت خلاله حوالي ثلاثين فلسطينيا في الضفة الغربية والقائمة لم تغلق بعد ، وبعد ايام سيسلم لابيد مفاتيح الحكومة لنتنياهو ، وسرعان ما سيتراجع عما قاله قبل شهرين في الامم المتحدة مفاخرا، من اسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي قامت بكتاب "بقرار من الله"، لكن كل هذا جعل الكاتب المخضرم "شمعون شيفر" يقول : "وأنا، مشتاق جدا للبلد التي جئنا منها ، قرية صغيرة في هنغاريا لم تعد موجودة".
إشرأب عنق اسرائيل لاستضافة المونديال بعد ثماني سنوات بمشاركة السعودية و مصر، فهل ستستضيفه، ام ستشق طريقها نحو هنغاريا؟ .