الحروب دمّرت آلاف المنشآت السكنية

الأشغال: غزة تُعاني من عجز في الوحدات السكنية بحوالي 120 ألف وحدة

الشقق السكنية
حجم الخط

غزة - وكالة خبر

أكد وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان بغزة ناجي سرحان، على أن قطاع غزة يُعاني من عجز في الوحدات السكنية بحوالي 120 ألف وحدة سكنية، تبلغ قيمة إنشائها حوالي نصف مليار دولار.

وأشار سرحان في تصريح صحفي اليوم الأربعاء 7 ديسمبر 2022، إلى الواقع الإسكاني في القطاع، من خلال تقرير أصدره الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، في شهر مايو الماضي، حيث وصفه بـ"أكثر بقاع العالم اكتظاظًا بالسكان".

وأوضح أن القطاع المحاصر منذ 16 عامًا، والذي تبلغ مساحته 365 كيلومترا مربعا ويعيش فيه نحو مليونين و300 ألف نسمة، يعاني من أزمة كبيرة في الإسكان، منوهًا إلى أن القطاع يحتاج سنويًا إلى نحو 14 ألف وحدة سكنية جديدة لمعادلة النمو السكاني، لكن ما يتم توفيره سنويا لا يتعدى ثلث حجم الاحتياج المطلوب.

وأفاد بأن الحروب التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، على غزة منذ عام 2007 دمّرت حوالي 18 ألف وحدة سكنية كليا و250 ألف وحدة جزئيا، مبينًا أنه منذ العام 2007 شنّت قوات الاحتلال 4 حروب على غزة تخللتها اعتداءات عسكرية تسببت في تدمير آلاف المنازل والبنى التحتية وأوقعت مئات الضحايا.

وحسب تصريحات سرحان، فإن حوالي 400 ألف وحدة سكنية توجد حاليا في غزة، قائلًا إنه عدد "قليل ولا يلبّي حاجة السكان".

وأرجع قلة الوحدات السكنية إلى تردي الظروف الاقتصادية إذ يقتصر توفيرها في معظم الأحيان على القطاع الخاص، موضحًا "القطاع الخاص هو الجهة الأساسية التي تبني الوحدات السكنية وبطبيعة الحال تكون بحاجة لمشترين يملكون على الأقل دفعة أولى تُقدّر عادة بحوالي 50% من قيمة السعر الأساسي للوحدة، وهذا الأمر لا يتوفر لدى السكان بسبب تراجع قدرتهم الشرائية وسط ارتفاع نسب الفقر والبطالة".

وعلى إثر الحصار الإسرائيلي المشدد منذ 2007، أفاد تقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، تعاني غزة أوضاعا اقتصادية ومعيشية متردية للغاية، مع نسبة بطالة بلغت 47%.

وتابع سرحان بالقول: "الحياة في غزة عادت للنمط القديم بحيث تسكن العائلات المُمتدة في وحدة سكنية واحدة بعدد كبير من الأفراد".

ووفقًا لتقرير صدر عن مجلس العلاقات الدولية، في نوفمبر الماضي، فإن 20% من العائلات الغزية تعيش في وحدات سكنية مكتظة (أكثر من 3 أشخاص في الغرفة).

وقال سرحان إنه لم تبق في غزة أراضٍ خالية إلا ما يتم استغلالها لأغراض الزراعة، و"بالأصل يعاني القطاع من مشكلة توفير الغذاء للمواطن نتيجة شح الأراضي الزراعية التي تم تحويل غالبيتها إلى أراض سكنية".

وشدد على أن هذه المشكلة "تحتاج لتوازن دقيق"، لكن من الصعب تحقيقه لعدم وجود حلول لحالة الاكتظاظ السكاني والحاجة لبناء المزيد من الوحدات السكنية، مبينًا أن الواقع الصعب الذي تعيشه غزة يتطلب وجود حلول حقيقية تتماشي مع الواقع المستقبلي. 

كما وحذر من تحول القطاع المكتظ إلى منطقة غير قابلة للحياة خلال السنوات المُقبلة في حال استمرت الأوضاع الحالية، منوهًا إلى أن التوسع العمراني في غزة يأخذ طابعا رأسيا عبر عمارات متعددة الطوابق لصعوبة التوسّع الأفقي؛ جراء ندرة توفّر الأراضي فضلا عن غلاء المتاح منها.

وأفاد بأن هذا النوع من التوسّع تترتب عليه مشكلات بسبب قلة الإمكانات في غزة، مثل أزمة الطاقة الكهربائية التي يعانيها القطاع، بينما تشكل الكهرباء أساسا لعمل المصاعد في العمارات المرتفعة.

وذلك النوع من التوسع، بحسب سرحان، بدأت غزة التوجه إليه مع تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994، لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الفلسطينيين من دول الشتات.

واستطرد: "في ذلك الوقت بدأت فكرة التوسع الرأسي على استحياء لاستيعاب القادمين الجدد لعدم توفر قطع كثيرة من الأراضي، في حين أن ثقافة الناس كانت تحارب آنذاك فكرة السكن في عمارات مشتركة متعددة الملاك".

لكن اليوم أصبح العيش في هذه العمارات عادة لدى سكان غزة، بحيث يتم تنظيم العلاقات بين الجيران والخدمات الخاصة بكل عمارة بالتوافق، محذرًا من انفجار باتجاه الاحتلال بسبب ظروف الحياة غير المناسبة، دعا سرحان إلى إيجاد حلول للمشاكل الإسكانية في غزة.

وأوضح أن "عملية الضغط على المواطن وعدم توفير متطلباته الأساسية من مسكن وعمل ووسائل الراحة سيدفعه للثورة ضد المحتل".

وبحلول عام 2030 أوضح أنه لن يتبقى في غزة متسع لبناء المزيد من الوحدات السكينة حيث ستبدأ الأزمة بالتفاقم بشكل كبير في حال لم يتم إيجاد حلول، مضيفًا أنه بحد أقصى تستوعب غزة بين 4 و5 ملايين نسمة، و"في حال تم إعمار كافة الأراضي لتلبية الخدمات الإسكانية للمواطنين فإن ذلك يعني نشوء مشاكل زراعية وبيئية واجتماعية".

وقال إن "الناس تحتاج لوجود مناطق ترفيهية ومساحات خضراء وملاعب للترويح عن النفس، لكن في تلك الحالة من الصعب توفير هذه الخدمات"، معربًا عن اعتقاده بأن حلول أزمة الإسكان في غزة قد تكون سياسية بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وانتقال عدد من سكان القطاع إلى الضفة الغربية التي تضم أراض واسعة يلتهمها الاستيطان أو من خلال التوسّع باتجاه الأراضي المحتلة.

وبحسب سرحان فإن ترميم غزة يحتاج على الأقل حوالي 5 مليارات دولار لتوفير الاحتياجات والمتطلبات الأساسية للسكان دون الخدمات الترفيهية، موضحًا أن تكلفة تغطية ما دمّرته إسرائيل من وحدات سكنية منذ عام 2007 تبلغ حوالي 200 مليون دولار.

وحلًا للأزمة أوضح أن زيادة التعداد السكاني يجب أن يترافق معه، بجانب الوحدات السكنية، زيادة في "الخدمات الحيوية والمدارس والبنى التحتية وغيرها من المرافق الأساسية".

وشدد على أن عملية إصلاح وترميم غزة لتلبية الاحتياجات الأساسية للقطاع لا يمكن أن تتم إلا بمساعدة حقيقية من المجتمع الدولي وبعض دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى رأسها "السعودية والإمارات وقطر والكويت".

وختم سرحان قوله، بدعوة تلك الدول إلى "توفير إسهامات حقيقية لترميم القطاع نتيجة 16 عاما من الحصار وحروب مدمّرة وتصعيدات عسكرية".