"خارطة فلسطين من البحر إلى النهر ومن الناقورة إلى أم الرشراش موشحة بالكوفية الفلسطينية، وعلى جانبها الأيمن البندقية يُرفرف عليها علم فلسطين" هذا هو شعار حركة حماس، الذي أعلنت عنه ضمن فعاليات احتفالها بالذكرى الـ35 لانطلاقتها في الخامس عشر من ديسمبر 1987.
"حماس" التي ترفض الاعتراف بدولة الاحتلال الإسرائيلي، اعتبرت في وثيقة المبادئ والسياسات العامة التي صدرت في الأول من مايو 2017، أنَّ "إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس على خطوط الرابع من يونيو/ زيران 1967، هي صيغة توافقية وطنية مشتركة"، وأنّه "لا تنازل عن أيّ جزء من أرض فلسطين مهما كانت الأسباب والظروف والضغوط ومهما طال الاحتلال".
وتضمنت الوثيقة التي جاءت في 42 نقطة مقسمة على 12 عنواناً أنَّ القدس عاصمة فلسطين، وأنّ المسجد الأقصى المبارك حق خالص لشعبنا وأمتنا، مع رفضها كل المشروعات والمحاولات الهادفة إلى تصفية قضية اللاجئين، وأنّه "لا اعتراف بشرعية الكيان الصهيوني، وأنّه لا بديل عن تحرير فلسطين كاملةً من نهرها إلى بحرها.
في ضوء ما سبق، ما هي رسائل حماس من شعار الانطلاقة الذي يتزين بخريطة فلسطين من بحرها إلى نهرها، رغم اعترافها في وثيقة العام 2017 بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، أم أنَّ الشعار يأتي في إطار التعبئة والحشد ضمن فعاليات الحركة؟.
لكل مرحلة خطابها السياسي
من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي، هاني العقاد، أنَّ "شعار انطلاقة حماس الـ35 يُلائم المرحلة الحالية؛ في ظل ارتفاع موجة المقاومة في الضفة الغربية، وللتأكيد على أنَّ فلسطين من بحرها إلى نهرها لن تُحرر إلا بالبندقية".
وأضاف العقاد: "لا يوجد تناقض بين شعرا الانطلاقة وميثاق الحركة 2017 والذي قبِلت فيه بدولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967؛ لِكن لكل مرحلة خطابها السياسي".
واستدرك: "شعار الانطلاقة الـ35 يُخاطب عقول الجماهير العربية بالالتفاف حول المقاومة الفلسطينية؛ وبالتالي ليس من الصواب أنّ تُعلن حماس القبول بدولة فلسطينية في شعار انطلاقتها؛ لأنَّ شعارها هو تحرير فلسطين من النهر إلى البحر ثابت".
وأكمل: "لكِن تعديل الميثاق جاء لقبول مرحلة باستقلال دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران ولا يختلف مع الشعار الدائم والثابت؛ باعتبارها حركة فلسطينية مقاومة تعمل مع الكل الفلسطيني باتجاه تحرير فلسطين وإقامة دولة فلسطينية".
وعن رسائل حماس للحكومة الإسرائيلية التي يتزعمها اليمين، من شعار انطلاقتها الـ35، بيّن العقاد، أنَّ "شعار حماس في الانطلاقة الـ35، الذي يتزين بخريطة فلسطين ويتوسطها المسجد الأقصى، رسالة واضحة أنَّ المعركة قادمة مع الاحتلال فيما يتعلق بالقدس وتحذير بعدم صمت المقاومة على مخططات التقسيم المكاني والزمانيس في ظل حكم الثلاثي بن غفير، سموترتش، ننتياهو".
وأردف: "الشعار يؤكد على قواعد وأهداف معركة "سيف القدس" التي لا تزال إسرائيل تخشى أن ترد المقاومة على ما يجري في الضفة بكل ما لديها من استراتيجيات وتكتيكات، في ظل محاولات عزل غزة عن ما يجري في القدس والضفة".
لم تعترف بإسرائيل
الكاتب والمحلل السياسي المقرب من حركة حماس، مصطفى الصواف، رأى أنّه لا يوجد أيّ تناقض بين ميثاق الحركة في العام 2017 وشعار الانطلاقة الـ35، حيث إنَّ حماس تُؤكد في ثوابتها ليل نهار، أنَّ كل فلسطين للشعب الفلسطيني من بحرها إلى نهرها ومن شمالها إلى جنوبها، وفق حديثه.
وقال الصواف: "إنَّ ما عُرض في وثيقة 2017، هو المرحلية التي يؤمن بها كل الشعب الفلسطيني وهي آمنت بها ولم تعترف بالكيان، حتى تقول إنَّ الدولة الفلسطينية هي فقط على حدود عام 67، ففلسطين بكل مساحتها وجغرافيتها هي ملك للشعب الفلسطيني".
وأضاف: "المرحلية التي جاءت في الميثاق، يُراد منها جمع الشعب الفلسطيني على هدف محدد، ومن ثم استكمال هذا الهدف وترك الأمر للأجيال القادمة؛ لكي تعمل على تحرير بقية فلسطين، وهذا هو الشعار الذي تؤمن حماس بأنَّ فلسطين من بحرها إلى نهرها ملك لشعبنا".
وبالحديث عن رسائل الحركة للاحتلال من شعار الانطلاقة 35، فقال الصواف: "إنَّ حماس لا زالت تؤمن بأنَّ القدس هي عاصمة الدولة الفلسطينية، وأنَّ فلسطين ملك لنا من بحرها إلى نهرها، بغض النظر عن أيّ حكومة صهيونية؛ وبالتالي فإنَّ شعار الانطلاقة الـ35 ليس وليد اليوم وليس حديث اللحظة، ولو راجعنا وثيقة حماس وأدبيات قادتها لوجدنا ذلك واضحاً، حيث لا يعنيها إنّ كان نتنياهو أو بن غفير على رأس الحكم، وما يعنيها هو الاحتلال بغض النظر من يقوده".
وتساءل: "من قال إنَّ حماس تُروج للعالم بأنّها تُريد دولة على حدود 67؟"، مُردفاً: "حماس تُؤكّد أمام الجميع أنَّ أرض فلسطين مغتصبة ومحتلة، وبالتالي هذا العدوان والاحتلال لابّد أنّ يواجه سواء بالعمل الدبلوماسي أو العسكري، كذلك فإنّها لم تعترف بالكيان حتى تقول دولة فلسطينية على حدود عام 67".
وأردف: "العالم كله يعرف أنّ حماس تُريد إقامة دولة العودة إلى كل الأرض الفلسطينية، بغض النظر عن قبول العالم بذلك من عدمه، لأنّه سيقبل في نهاية الأمر رغماً عن أنفه".
الحل المرحلي للدولة الفلسطينية ليس نهائي
أما الكاتب والمحلل السياسي، عمر عساف، فقد رأى أنَّ "شعار حماس، في ذكرى انطلاقتها الـ35، ربما يكون فيه رسالة تأكيد على تمسك شعبنا الفلسطيني بكامل فلسطين من بحرها إلى نهرها ومن رأس الناقورة إلى أم الرشراش، وذلك للرد على صعود اليمين الصهيوني وزيادة نفوذه".
وبيّن عساف، أنَّ "حماس لم تتخل عن خط أنّها تُريد فلسطين من البحر إلى النهر،.لِكن ما جاء في الميثاق عام 2017 هو القبول بحل مرحلي وشكل من أشكال التوافق الوطني المجمع، ليكون هناك إمكانية لإقامة دولة فلسطين في الضفة الغربية وغزّة".
واستطرد: "حماس ربما في ضوء علاقاتها الخارجية المتجددة والواسعة وآخرها زيارة وفدها إلى سوريا، وعلاقاتها الإقليمية والعربية، بما فيها علاقاتها مع محور المقاومة، أرادت التأكيد على التزامها بتوجهات المقاومة بتحرير فلسطين كاملة من بحرها إلى نهرها".
وختم عساف حديثه، بالقول: "إنَّ العالم كله يعي أنّه ليس بمقدور أيّ فصيل فلسطيني القبول بالحل المرحلي كحل نهائي، فالاعلم ليس جاهلاً بل لديه خبراء وساسة، ويعلم أنَّ حماس أقرب للتمسك بالثوابت، لأنّها تعتبر أرض فلسطين وقفاً إسلامياً".