تحتفل حركة المقاومة الاسلامية حماس بالذكرى الخامسة والثلاثين لانطلاقتها التي شكلت ولا زالت اضافة نوعية للمقاومة الفلسطينية ولا زالت تؤكد تمسكها بالاهداف التي انطلقت وتأسست من اجلها ، فهي حاضرة على كل المستويات وتشهد التفافا جماهيريا حاشدا يؤكد ان الاستفتاء على الحركة لا خيار اخر له سوى انه استفتاء عظيم من أبناء الشعب الفلسطيني تقديرا لاهداف وغايات وتطلعات الحركة على نحو خاص والمقاومة بشكل عام …
وقدمت حماس في مسيرتها الاف الشهداء والجرحى والاسرى ويتم استهدافها من قبل اسرائيل بشكل دائم وابعاد واعتقال قادتها ونشطائها ورغم ذلك ظلت الحركة في طليعة ومقدمة المقاومة ملتزمة ببرنامجها السياسي الاستراتيجي رغم كل المؤمرات التي تحاك ضد القضية الفلسطينية ..
ومنذ حدوث الانقسام الفلسطيني في العام ٢٠٠٧ سيطرت حماس وحتى اللحظة على قطاع غزة الذي اصبح منذ ذلك التاريخ رقعة سياسية وقانونية تختلف عن الضفة الغربية وغير معترف بها دوليا او عربيا وتخضع لحصار اسرائيلي مشدد تطور في السنوات الاخيرة الى معارك طاحنة شنها الاحتلال على القطاع وتسبب باضرار اقتصادية واجتماعية جسيمة جدا لا زالت آثارها حتى اللحظة ويحتاج القطاع لسنوات طويلة حتى يتعافى منها …
ادى هذا الوضع مع استمرار الانقسام السياسي وفشل جهود المصالحة الفلسطينية مرارا وتكرارا الى بقاء قطاع غزة في ازمة انسانية مزمنة والسؤال الذي يطرح نفسه هنا بعد كل هذه السنوات الطويلة ..ما هو مستقبل قطاع غزة والى اين يتجه ؟
ان بقاء المعطيات الرئيسية قائمة وفي مقدمتها الحصار الاسرائيلي الخانق والانقسام السياسي واصرار اسرائيل على محاربة اي جهد وحدوي فلسطيني وبقاء حماس على سدة الحكم في القطاع اضافة لبقاء الورقة الاقليمية المجاورة وخصوصا مصر وتركيا وقطر والاردن وايران على حالها دون ان يجمعها موقف ثابت وموحد بحماس سيبقي الوضع على حاله لسنوات اخرى قادمة يكون ضحيتها المواطن الغزي الذي سيبقى الحلقة الاضعف في معادلة الصراع خاضعا لمزاج اسرائيل وسياستها التي تصنف حماس كحركة ارهابية وبالتالي لا يمكن في افق قريب ان نرى تغييرا في سياسة الاحتلال نحو قطاع غزة كما ان حماس وانطلاقا من برنامجها السياسي لا يمكن لها على الاطلاق الاعتراف باسرائيل ومن هنا فان اي معاهدة سلام او اتفاق مع الكيان الاسرائيلي ستفشل وياتي بدلا منها ما يسمى الهدنة سواء قصيرة الامد او طويلة الا انها غير كافية لنقل قطاع غزة الى مستقبل افضل ويمكن اختراقها بسهولة للعودة الى حالة الحرب والصدام والمواجهة مجددا …
تبدو حماس وهي تحتفل بذكرى انطلاقتها هادئة الى حد بعيد وصبورة وغير متسرعة للاقدام على اي خطوة جديدة في ظل التحديات والخيارات المطروحة فهل تقبل مستقبلا لانهاء الانقسام وتتلاشى شروط فشل اتمامه حتى هذه اللحظة ام انها ستبقى متمسكة بشروطها حتى تنال اعترافا بقطاع غزة الذي تسيطر عليه ويصبح كيانا جديدا مشابها للضفة الغربية ام انها ستقبل بتولي السلطة الفلسطينية المسؤولية عن القطاع ؟
تبدو هذه الخيارات صعبة ومعقدة في الوضع الراهن وسط تنامي الشعور بالخيبة لدى شرائح فلسطينية عديدة داخل القطاع وخارجه حيث ان تعليق الامل على مصالحة تنهي الانقسام وتدفع بالقطاع الى واجهة جديدة من التطور اصبحت شبه معدومة ولكن هذا الخيار يبقى الافضل ويبدو اننا سنشهد محاولات دبلوماسية اضافية خلال العام الجديد في مسعى لوضع حد لمعاناة القطاع ..
ان خيار المصالحة الفلسطينية يعتبر الحل الامثل للدفع باتجاه حل الدولتين القائم حاليا لكن ايديولوجيات حماس لا يمكن ان تدفعها بهذا الاتجاه خوفا من فقدان شعبيتها كحركة مقاومة من الطراز الاول وعليه فان بقاء حالة العداء بين اسرائيل وحماس ستبقى جاثمة على صدور الفلسطينيين في ضوء استمرار المضايقات والانتهاكات الاسرائيلية اليومية ورغم تقديم بعض التحسينات الاقتصادية والاجتماعية والامنية الا ان الهدف الاستراتيجي والتغيير المنتظر حول وضع قطاع غزة القانوني والسياسي والامني سيبقى لسنوات اخرى يراوح في نفس المكان …