ماذا قبل النجاحات الدولية؟

تنزيل (2).jpg
حجم الخط

بقلم د بكر أبو بكر

 

 

تأتي دعوة برلمان الاتحاد الأوروبي، إلى عقد مؤتمر دولي للسلام على أساس حل الدولتين، وكما ذكر البرلمان من ضرورة حماية حل الدولتين (الأولى لنا نحن القول المطالبة باستقلال دولة فلسطين القائمة بالحق الطبيعي والقانوني والسياسي) ودعم جهود إقامة وتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض، بما في ذلك المطالبة بإنهاء الاحتلال ووقف جميع القرارات الاستيطانية بناءً على القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية بما فيها قرارات مجلس الأمن وسياسات الاتحاد الأوروبي ومبادرة السلام العربية.
ولربما تكون خطوة في ظل الجمود السياسي الذي يلف القضية الفلسطينية، ولكنها مهمة ومن الممكن البناء عليها لاسيما وأن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أقرّت حق السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل، على موارده الطبيعية.
ان النجاحات الفلسطينية المتواصلة في المحافل الدولية قائمة على عدالة الرواية والقضية وبهاء فلسطين، وعلى جهود وطنية دبلوماسية حثيثة.
إنها نجاحات قائمة أيضًا على فلتان صبر العالم الحر من "الأبارتهايد" والفصل العنصري، والاحتلال الصهيوني المتواصل، ومما يشاهده العالم الحر يوميًا من قتل وإرهاب وتعملق الفكر اليميني المتطرف الذي يحكم "إسرائيل". ولكن هذا لا يكفي!
إن مهمة ترميم العلاقة الفلسطينية-العربية الرسمية تأتي بأولوية كبرى لا تدانيها إلا أولوية استرجاع الوحدة الوطنية بين كافة الفصائل، فلا فصيل لوحده يستطيع الادعاء أنه ممثل فلسطين فيصول ويجول، كما أنه لا فصيل لوحده يستطيع الادعاء أنه الممثل لحصري للدين أو الممثل الحصري للمقاومة، أو غيرها من شعارات تتغطى بها بعض الفصائل أمام جمهورها المتقلص.
لقد أثبتت جموع الشبيبة والجماهير المتحفظة أو الرافضة اوالمخالفة لنهج الادعاءات والأكاذيب وفصائل الشعارات بين هنا وهناك أنها تستطيع التحرك مستفيدة من الحسّ الوطني العام في ظل اقتتال قيادات الفصائل على الموارد والمراكز وأوهام الخلافات السياسية، وفي ظل ضعف مؤسسات الجمع والتوحد التي تجد فيها من الانتهازيين الذين يميلون حيث تميل الريح، فلا تيار ثالث حقيقي وإنما مدرسة جديدة للانتهازية تندفع وراء الحدث، فتمجد هذا الطرف وتدين ذاك أوالعكس بناء على المصلحة الحزبية أو الشخصية.
إن التحركات الدولية وهي ما تصر على إدامته السلطة الوطنية الفلسطينية مما يبعث على الاحترام الشديد كما الحال بما يتعلق بالرواية الفلسطينية العادلة في مواجهة الأساطير الصهيونية وهي على أهميتها كما نعود ونؤكد ليست بكافية بدون الدعم العربي الرسمي المفروض على الأمة باعتبارها كما قال سيد الخلق-أو يجب-كالجسد الواحد يشد بعضه بعضَا دون أن ينجرف للعلاقة الذيلية مع الإسرائيلي، والأرض المقدسة والأقصى يئن وينادي.
لا مناص من أن يتكلم الفلسطينيون فيما بينهم، وأن يتكلموا بصراحة بحقيقة الصراع السلطوي القائم بينهم، حيث ارتاحت أقفية البعض على مقاعد السلطة في قطاع غزة من قبل قيادات في "حماس" هناك، وبعض الانتهازيين في أطر السلطة الوطنية بالاتجاه الأخر. وحيث نفخت دول الإقليم بالصراع داعمة هذا ومانعة عن ذاك، فتفسخت القضية، وانفرط من حولها عقد العرب، وسادت مدرسة التشهير والتقبيح والاتهام والتخوين الفتنوية (قال محمد الغول القيادي في حماس بالأمس15/12/2022: إن المعزول عن شعبيته وعن أبناء شعبه دائما يخشى أي شيء، والسلطة بالضفة الغربية لأنها معزولة عن أبناء شعبها تنتهج حماية الكيان الصهيوني"!؟)
الحديث الأهم بين المتصارعين، ليس بالسياسات فهي المتقاربة الى حد التطابق بعيدًا عن (هيلمات) وادعاءات ما يرفعونه من شعارات، وليس مدرسة الفسطاطين/المعسكرين/النهجين التي يتخفّون تحت ردائها، إنما هو حديث المراكز والمناصب والنفوذ ومصير الأموال وحجومها (حسب المعلومات ما يصل "حماس" لوحدها يوازي ميزانية السلطة الوطنية المصروفة على الشطرين!؟) ومصلحة الفصيل أي ببساطة اقتسام الأموال والنفوذ والسلطة والمناصب...
لقد تحولت المساحات الجغرافية المتباعدة (بالشطرين حيث محافظات شمال وجنوب) لخدمة المصلحة الحزبية تمامًا كما خطط (شارون)، حيث هناك من يتلقى من الأموال ما يكفيه كفصيل وكان الله بالسر عليم.
إن موسم الاحتفال بالانطلاقات للفصائل جمعاء الذي يأتي في شهر 12 وشهر 1 وشهر 2 يجب أن نستغله في الضم والتقارب والدعوة للوحدة من بوابة المحبة والاحترام للاختلاف، وليس من بوابة مدرسة الردح والتخوين التي لن تنتهي. فالأولى أن نحترم أنفسنا واختلافنا -ليحترمنا العالم-دون إسفاف الاتهامات بقنوات الحد الأقصى، والأقصى من هؤلاء بريء!