نجاح القمة السعودية والعربية مع الصين والمتوقع منها

حجم الخط

بقلم صادق الشافعي

 

 

 

كان الرئيس الأميركي بايدن واضحاً عندما زار المملكة العربية السعودية الصيف الماضي حين قال "ان الولايات المتحدة لا تنوي الانسحاب من منطقة الشرق الأوسط وترك فراغ تحتله الصين او روسيا او إيران.
وتعد الصين الشريك التجاري الأكبر للسعودية. ولذا تنظر الولايات المتحدة باهتمام، بل وربما بقلق، لزيارة الرئيس الصيني شي جينبنغ" الناجحة الى السعودية وما يمكن ان ينتج عنها، فما بالك وقد تطورت الزيارة وزادت - إضافة الى قمة الوفد الصيني الناجحة مع المملكة العربية السعودية وفي نفس التوقيت الزمني- قمتان من نفس المنطقة والاقليم.
قمة مع كل دول مجلس التعاون الخليجي، وقمة صينية عربية شارك فيها عدد واسع نسبياً من دول عربية أساسية ووازنة وبحضور معظم رؤسائها.
زاد من قيمة هذا الحدث وحساسيته بالنسبة لأميركا انه جاء بعد زمن قصير من رفض المملكة العربية السعودية، ومعها منظمة الدول المنتجة للنفط "أوبك بلس"، الطلب الأميركي بعدم الزيادة في ضخ النفط والذي ترافق مع الزيادة في سعر برميله.
خصوصاً وان ذلك حصل في زمن الحرب الروسية الاوكرانية والانغماس الأميركي العميق ومعه حلف الاطلسي في مجرياتها الى جانب أوكرانيا.
هذا الحدث، ليس مقدمة لدور وموقف ضد أميركا او غيرها من الدول والتشكيلات الدولية القائمة، لكنه مؤهل لأن يشكل بداية ومدخلاً لتبلور مواقف أساسها عربي بالدرجة الأولى تلعب دوراً مؤثراً في أحداث المنطقة بالدرجة الأولى وفي أحداث العالم بشكل عام.
ويمكن الادعاء ان توقيت القمة وبدايات آفاق تشكل المواقف المذكورة قد لعبت دوراً في القرار الذي صدر عن الهيئة العامة للأمم المتحدة في أواخر الأسبوع الماضي يؤكد السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني على موارده الطبيعية، وان القرار صدر بأغلبية عالية (159 مع/ موافقة مقابل 8 معارضة وامتناع) والقرار بذلك شكل انتصاراً دبلوماسياً متقدماً ويفتح المجال ويوفر أساساً للبناء عليه.
لكن الأهم يبقى ان هذا الحدث يشكل عنواناً أساسياً ومهماً لموقف عربي جامع تجاه القضية الوطنية الفلسطينية مؤهل ليشكل اطاراً موحداً وأساساً لمواقف عربية محددة وموحدة في الدفاع عن الحقوق الوطنية الفلسطينية وفي دعم ومساندة نضالات الشعب الفلسطيني المشروعة والمتواصلة بكافة الاشكال، وفي كل المناطق ضد الاحتلال بكافة أشكاله وتعبيراته، وبكافة مشاريعه وتطلعاته الاحتلالية والتوسعية والعنصرية.
وتزداد أساسية وأهمية هذا العنوان في المرحلة الراهنة في مواجهة ما تنذر به دولة الاحتلال من تصعيد نوعي، شامل وغير مسبوق في اشكال ومستويات احتلالها ومن زيادة وارتفاع مستوى قمعها الدموي، ومن توسع نوعي في استيطانها وفي درجة ومستوى وشمولية أعمالها القمعية، وغير ذلك من الأشكال والمستويات الاحتلالية.
وكل ذلك يقوم على أساس متعاظم من إنكار أي حقوق وطنية للشعب الفلسطيني في ارضه ووطنه ورفض مبدئي لحقه في كيان سياسي وطني مهما كانت محدوديته وضعف صلاحيته، وانكار أيضاً لحقوقه الدينية ومعتقداته، ورفض مبدئي لأي تفاوض مع قياداته و...و..إلخ.  
يقوم بكل ذلك، وغير ذلك، حكومة مؤكدة يجري تشكيلها وسيعلن عنها في الأيام القليلة القادمة من أقصى اليمين الديني الصهيوني والفاشي.
      وإذا كان الحديث عن هذا الدور والرؤيا للموقف العربي واهميته بمثل هذا التطلع الوطني، فلا بد في نفس الوقت من الرؤيا الواضحة الضرورية لتوفره وتشكله.
وهذه الرؤيا هي أولاً وأساساً وحدة الموقف الوطني الفلسطيني ووحدة قيادته ومؤسساته الوطنية.
وإذا كان اتفاق الجزائر قد وضع الأساس السياسي والرؤيوي لهذه الوحدة منذ ثلاثة شهور فانه لم يتحقق للأسف أي إجراء تنفيذي على ارض الواقع لنقل هذا الاتفاق من الورق الى حقائق سياسية ومؤسساتية ومجتمعية وقيادية ملموسة على كل المستويات وفي كافة المجالات. وهذه مسؤولية المؤسسات والتنظيمات السياسية القائمة.
وللأسف، فإنه لم يحصل أي اتفاق او فعل جماعي ولم يقدم أي مقترح ذي قيمة بهذا الاتجاه. ومع ان أكثر من تنظيم كان له خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة مناسبات احتفالية او اجتماعات دورية لهيئات تنظيمية قيادية وصاحبة قرار، فإنه ومع ذلك لم يحصل ان بادر أي تنظيم منها الى تقديم مبادرة محددة وتفصيلية قابلة للجدل الديموقراطي والمجتمعي لنقل اتفاق الجزائر من الورق الى حيز التنفيذ.
ولا تلوح في الأفق أي مؤشرات على قرب تحقيق ذلك، بل يبقى السائد والمستمر تمسك كل طرف بـ "حاكورة سلطته" واتخاذ من الإجراءات المنفردة ما تؤدي الى زيادة قبضته عليها.
هل تدفع الأمور بتخطيط وإرادة او بدونهما نحو تمرد قاعدي او جماهيري؟