راجمة "الصواريخ الكاذبة"...نتنياهو!

1638599527-781-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 في قمة "واي ريفر" 1998 برعاية الرئيس الأمريكي "النشط" في حينه، بيل كلينتون، وافق رئيس حكومة دول الاحتلال نتنياهو ومعه الإرهابي شارون على "عناصر تفاهم خاصة"، حول إعادة انتشار قوات الاحتلال من مدن وبلدات بالضفة وضواحي القدس، وفقا للاتفاق الانتقالي الموقع عام 1995، بعدما توقف نتاج اغتيال اسحق رابين رئيس حكومة إسرائيل.

واعتقد الرئيس الأمريكي أن نتنياهو، ربما بدأ مسارا مختلفا عما كان عشية قيادته مظاهرات اليمين الإرهابي ضد الاتفاق مع منظمة التحرير، والتي مهدت الباب واسعا لاغتيال رابين، كمقدمة لاغتيال اتفاق "إعلان المبادئ – أوسلو"، ولكن خاب ظن كلينتون جدا بما فعله نتنياهو، عندما وصل مطار اللد، ووجد في استقباله متظاهرين من بني جلدته الفاشيين، يهاجمون ما حدث من "تفاهم" حول إعادة الانتشار من أراض الضفة، ومن أرض المطار أعلن أنه لم يلتزم ولن يلتزم ، ولن ينفذ ما حدث "تفاهما" مع منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية.

التذكير بما حدث في "واي ريفر"، دون مسار نتنياهو الطويل المليء بكل ألوان الدجل العام، كونها اتفاقية مع رئيس أمريكا وفريق يهودي كان منذ البداية معاديا لاتفاق أوسلو، ورافضا لها بقيادة دينس روس، ولكن نتنياهو وجد أنه سيفقد قاعدته الانتخابية لو أكمل مسار التفاهم، وربما يواجه مصير رابين، وفقا للتعبئة التي سبقت، فكان قرار إدارة كلينتون العمل السريع لإسقاطه، وشكلوا خلية عمل خاصة وعلنية لذلك (ربما كانت سابقة)، وحققوا مرادهم بانتخاب من كان أكثر كراهية للسلام يهود باراك 1999.

الإشارة الى تلك الحادثة السياسية، مقدمة لتذكير البعض بمن هو نتنياهو، الذي استخدم قناة "العربية" السعودية في أول مقابلة له مع وسيلة إعلام عربية، لإطلاق جملة من الأكاذيب التقليدية جدا، والباهتة الى حد القرف السياسي.

نتنياهو، والذي بدأ سعيدا جدا وفرحا كطفل بتلك المقابلة، حاول أن "يتذاكى" في ملف السلام وقضية فلسطين، وعلاقة أمريكا بالعربية السعودية، ولنترك ذلك الملف راهنا، خاصة عندما قال إنه سيبحث "تدهور علاقات المملكة مع إدارة بايدن" والتي لها موقف مسبق منه، لكن ذلك ليس "بيت قصيدنا الوطني راهنا".

خلال المقابلة يوم الخميس 15 ديسمبر 2022، قال "أعتقد أننا نواجه إمكانية ليس مجرد توسيع السلام، أعتقد أنه يمكن أن يكون لدينا مبادرة سلام جديدة من شأنها أن تشكل قفزة نوعية لتحقيق الحل لكل من الصراع العربي الإسرائيلي وفي نهاية المطاف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".. و ""إنني أشير إلى ما يمكن أن يكون سلامًا تاريخيًا رائعًا حقًا مع المملكة العربية السعودية"، مشيرا إلى أن "السلام مع السعودية سيخدم غرضين، حيث ستكون نقلة نوعية للسلام الشامل بين إسرائيل والعالم العربي، وستغير منطقتنا بطرق لا يمكن تصورها".

تلخيص مكثف لما قاله الفاشي المستحدث نتنياهو، فيما يتعلق بالسلام كما يريد، بعيدا أنه تجاهل بوعي او بغباء أن مبادرة السلام العربية 2002 في بيروت أصلها مبادرة سعودية، وكانت بابا لحل الصراع ومن رفضها جملة وتفصيلا حكومة الليكود بقيادة الإرهابي شارون، واختارت المضي قدما بحربها لتدمير السلطة الوطنية واغتيال ياسر عرفات، والذهاب لتحضير الانقسام الفلسطيني عبر انقلاب حركة حماس لاحقا 2007.

نتنياهو، تحدث عن أنه سيكون هناك "سلام تاريخي رائع"، ولكن بعدما تقوم العربية السعودية بتقديم كل ما لديها من أوراق لطبعنة علاقتها بإسرائيل، وفتح الباب واسعا لدولة الكيان، مقابل وعد بـ "سلام تاريخي رائع"، وتجاهل كل ما هو قائم من علاقات تطبيعية ورسمية بين دول عربية والكيان، كرشوة ساذجة منه للرياض.

وليت صحفيي القناة ذاتها يكملون "فعلتهم" ويسألونه ما هو "السلام الذي يراه" من أجل حل الصراع العربي الإسرائيلي فالفلسطيني...هل يتضمن الاعتراف بقرار الأمم المتحدة 19/ 67 لعام 2012 حول دولة فلسطين وفق الحدود التي جاءت في نص القرار، وهل يعتبر الرئيس محمود عباس "شريكا حقيقيا" في السلام، وان حكومته ستلتزم بوقف كل أشكال التهويد و "تورنة" مناطق فلسطينية، وأن القدس الشرقية هي أرض محتلة ستكون جزء من أرض دولة فلسطين، وسيتم التفاوض حول قضية اللاجئين وفقا للشرعية الدولية.

هل السلام التاريخي يشمل وقف دولة الكيان دعم الانفصال الكامل الذي بدأ منذ يناير 2006 وتكرس يونيو 2007، في قطاع غزة، وسيعود للالتزام بأن ممثل الشعب الفلسطيني هو منظمة التحرير، والتفكير العملي لاستكمال بعض قضايا تفاوضية خاصة بالطريق الرابط بين الضفة وقطاع غزة، وفقا لما كان متفق عليه.

أسئلة واضحة لتحديد جوهر "السلام التاريخي الرائع" الذي تحدث عنه نتنياهو، دون تجاهل ان يوضح مفهوم السيادة الفلسطينية ومظاهرها على دولة فلسطين، كونه سبق حديثا نافيا كليا أي بعد سيادي لها...

بعد ذلك يمكن القول إن هذا الرجل تغير حقا، وهو ليس ذات الشخص الذي كذب على الرئيس الأمريكي كلينتون، الذي استضاف "توقيع اتفاق إعلان المبادئ 1993، ثم توقيع الاتفاق الانتقالي 1995، وقمة واي ريفر 1998، فقمة كمب ديفيد 2000).

الحقيقية التاريخية المسجلة منذ انتخاب نتنياهو لأول مرة 1996 رئيسا لحكومة دولة الكيان، وهو يمثل النموذج الأكثر سوادا سياسيا، ودورا تدميرا، وما يمكن صناعته فعلا هو "التخريب التاريخي" لأسس سلام حقيقي تنهي الصراع الدائم.

الوصف الحقيقي لنتنياهو هو " راجمة الصواريخ الكاذبة"، والتي لن تتوقف سوى بفعل يبطل مفعولها بـ "صفعات صاروخية" متلاحقة..ذلك ما يمكنه أن يكون ردا وغيره ليس سوى طحن الكلام!

ملاحظة: مفيد جدا للرسمية الفلسطينية أن تعيد قراءة تصريحات عضو كنيست من حزب ليبرمان اللي ابدا مش مناصر للفلسطينيين، بقولها لو ترشح قاتل رابين الآن لفاز بعضوية الكنيست..استخدام نموذجي لنمو الفاشية داخل دولة الكيان...نموذج يجسد "حقيقة سياسية" يخافون رؤيتها..والسبب مش مجهول أبدا!