مع كل الاحترام ليوم الانتخابات، فإن إنزال البطاقة في الصندوق لا ينفي المشاركة والالتزام بالإجراءات الديمقراطية في مطارحنا. العكس هو الصحيح؛ فيوم الانتخابات ليس فرصة المواطن الوحيدة لعرض رأيه والتعبير عن موقفه. ومن هنا، فإن الادعاءات بأن الاحتجاج الجماهيري المتسع مناهض للديمقراطية في جوهره، هي ادعاءات مدحوضة ولا شيء فيها غير محاولة إسكات أصوات الميدان.
الجمهور الغفير، وبالحديث يدور عن جمهور غفير وليس عن “يساريين مستائين” فقط، ليس قطيع غنم تثغو بأقوال تتأثر بمجرد حديث عن تعيين وزير واحد لوزارتين: الصحة والداخلية. التأثر والترحيب بقرار كهذا لم نسمعهما أول أمس فحسب عن الضائعة الرهيبة في المستشفيات، وكأن فيها “صفر جواب” لغرض حقيقي يتمثل بإعطاء جواب للجهاز المنهار. كل هذا قبل أن نتحدث عن تعيين آريه درعي، الرجل والملفات.
الحكومة المتحققة هي بالفعل حكومة انتخبت بأغلبية الأصوات. فضلاً عن ذلك – بخلاف سابقتها، هي ليست عجينة غامضة من المذاهب المتضاربة التي ارتبطت معاً بقوة الملابسات، بل حكومة حظيت بثقة أغلبية الناخبين، ولكن بقي هناك احتمالات غير الهجرة إلى برلين أو أن يكون المرء مهاجراً في بلاده، وهي أن للمواطنين إمكانية أخرى: أن يقولوا رأيهم. وإذا كان ممكناً في ميدان المدينة، فليكن هناك.
بخلاف الادعاءات، فإن الخروج إلى الشوارع لا يعني أن جمهور المتظاهرين يرفض قبول نتائج إحصاء الأصوات، بل يعني أن الجمهور قلق جداً جداً، مما يوشك أن يفعله المنتخبون بالقوة التي أعطيت لهم، وأن فقرة التغلب بأغلبية 61 صوتاً ليست مقبولة عنده، حتى لو وافق بعض المتظاهرين على وجوب تنفيذ إصلاحات في جهاز القضاء، وحتى لو اعتقد بعض من المتظاهرين بأن توسيع صلاحيات وزير الأمن الداخلي ضروري لأجل تفضيل مواضيع على جدول أعمال الشرطة. وهذا يعني أن التدخل بات واجباً مدنياً اليوم، وكذلك الاحتجاج ضد نية تنصيب وزيرين في وزارة الدفاع، وتقسيم وزارة التعليم إلى أربعة أو خمسة أو ستة وزراء لإرضاء كل واحد منهم، وضد محاولات سيطرة الحريديم على أنماط الحياة هنا، وضد تقسيم مشوه للميزانيات كما يلوح في منشورات المساومات في الفعل الائتلافي، وضد الإحساس بأن له ما يستند إليه من تحت أنف قسم كبير من مواطني دولة إسرائيل وأن صفقات تنضج بينها وبين المصلحة العامة الواسعة ولا وجود لشيء أو نصف شيء، أو إذا أردتم يمس به مساً خطيراً.
الاحتجاج يمثل قيماً يؤمن بها كثيرون، ويعبر عن المطالبة من الحكومة، مثلما من كل حكومة أخرى، بالاعتراف بها. الآن بالذات، في المصاف الأخير، قبل لحظة من عقد الصفقات والتوقيع على الاتفاقات، تتعلق الاتفاقات ليس فقط بإشغال الوزارات، بل أيضاً بمسألة ما الذي ينوي الوزراء عمله بالتكليف الذي تلقوه. تجنيد إلزامي؟ حمل متساوٍ للعبء؟ قانون الحلال؟ تعيين قضاة؟ يقول نتنياهو: سيكون كهرباء في السبت، ألا تتكون هنا دولة شريعة؟ هل سيبقى الوضع الراهن؟ ألن يكون مس بالمثليين؟ هل سينفذ الإصلاح في القانون الحلال؟ حسناً، إذا كان الأمر هكذا، فليس عليه إلا أن يرحب بالاحتجاج الذي سيعزز يديه ويسمح له بالإيفاء بوعوده.
يديعوت أحرونوت
