ازدادت وتيرة الرحلات والهجرات غير الشرعية التي يقوم بها شبان قطاع غزة عبر القوارب والسفن التي تقص شريط البحر الابيض المتوسط الى دول شرق اوروبا ومنها الى معظم انحاء القارة الاوروبية بحثا عن حياة كريمة وأفضل من الحياة الخانقة والصعبة في قطاع غزة لكن عددا كبيرا من شبان غزة يواجهون الموت في رحلاتهم جراء غرق القوارب والسفن في عرض البحر خلال السفر ويعودون الى القطاع بجثامين وتوابيت الموت بدلا من تحقيق الاحلام التي سافروا من أجلها …
هربا من الظروف الاقتصادية الخانقة التي يعيشها القطاع بسبب الحصار الاسرائيلي المتواصل منذ العام ٢٠٠٦ على قطاع غزة يسافر عدد كبير من شبان غزة للبحث عن فرص عمل بسبب ارتفاع نسبة البطالة في غزة وصعوبة الدخول الى اسرائيل للعمل في الداخل الفلسطيني نظرا للشروط المعقدة التي تفرضها اسرائيل امام العمال للحصول على التصاريح التي حصل عليها حوالي ٢٠ الف عامل فقط في مجالات البناء والزراعة تحديدا وهو عدد لا يلبي حاجة حوالي مليوني مواطن يعيشون في غزة تحت خط الفقر …
يسافر الفلسطينيون بقوارب غير مؤهلة لعبور امواج البحر وسط الضباب والرياح والامواج العاتية فيقضون ساعات طويلة وهم يواجهون مصيرهم المجهول فتنجح قلة منهم بالوصول بسلام الى شواطئ تركيا واليونان بينما تقذف امواج البحر بالعشرات ممن يعتبرون في عداد المفقودين وعدد قليل منهم يتم انتشاله واعادته الى القطاع ليضع البحر حدا لحياتهم فيعودوا بتوابيت بدلا من حوافز ورواتب ومغريات تعيد الامل وتحقق السعادة على وجوه والداتهم المكلومات الحزينات …
ويحاول الشبان من خلال الهجرة البحث عن أي بارقة أمل في حصولهم على عمل وتغيير مستقبلهم في ظل غموض سياسي واقتصادي فلسطيني حيث يؤثر الحصار الاسرائيلي والانقسام الفلسطيني على القطاع الذي ترتفع فيه نسبة البطالة الى ٥٠ بالمئة …
ومن الحالات المؤثرة التي تم رصدها الشهر الماضي قصة سفر الشاب الغزاوي يحيى بربخ البالغ من العمر ٢٦ عاما حيث آثر ترك زوجته واولاده ووالدته وخوض مغامرة السفر مع عشرة فلسطينيين الى اليونان فغرق القارب الذي يقلهم واضطر لارسال رسالة صوتية بعد ساعتين من مصارعة الامواج الى والدته قال فيها : يا أمي، معك يحيى، نحن ميتون في البحر. أنا والشباب نغرق ونموت منذ ساعتين. أخذتنا الشرطة، ومن كانوا معي ماتوا".
عثر خفر السواحل التركي على ثمانية شبان وانقذهم وفقد ثلاثة واعلن لاحقا عن وفاتهم …
وصلت هذه الرسالة إلى والدة يحيى وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، ولاقت حالة من التعاطف الشعبي مع ضحايا الحادثة، بخاصة أنهم هربوا من الوضع الصعب داخل قطاع غزة.
وقالت محاسن بربخ والدة يحيى إنها استقبلت التسجيل الصوتي الذي وصل إليها من نجلها، "بصدمة كبيرة".
واضافت : لو كان نجلي سعيدا لمًا ترك القطاع وهاجر بحثا عن لقمة العيش …
ترك بربخ زوجته واولاده وهو يجيد عدة مهن بحثا عن فرصة عمل في اوروبا ومعه ابن عمه محمود بربخ الذي تزوج قبل خمسة اشهر من الحادثة وترك زوجته وهي حامل …
تعكس هذه القصة المأساوية وغيرها واقع الحال في قطاع غزة المحاصر وتؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان استمرار الحصار وعدم وجود أفق لحل سياسي فلسطيني بدعم عربي ودولي يأخذ في عين الاعتبار حاجة قطاع غزة للاستقرار في كل مناحي الحياة واهمها ايجاد فرص عمل لشبان القطاع سيدفع المزيد منهم لمواصلة الهجرات الاوروبية والعودة برحلات موت اضافية الى اهاليهم بسبب انسداد الافق امامهم ووصولهم الى مرحلة اليأس من تدني وتردي مستوى المعيشة في القطاع والسؤال الذي يطرحه نفسه بقوة على هذا المشهد القاتم هو …الى متى ؟