ليست محبة للأوكرانيين، تدفق المساعدات المالية والعسكرية الأميركية لهم، بل تستهدف بقاء الحرب مشتعلة في أوكرانيا، ومن خلالها استنزاف روسيا وإضعافها، ودفعها نحو التراجع والهزيمة، وإخفاق توجهاتها نحو إلغاء نتائج هزيمتها في الحرب الباردة، وعدم استعادة مكانتها كدولة عظمى، شريك للولايات المتحدة في إدارة السياسة الدولية.
منذ نهاية الحرب الباردة عام 1990، والولايات المتحدة تستفرد كقطب واحد في الهيمنة والتسلط على السياسة الدولية، بما يتعارض مع مصالح الدول الكبرى وخاصة روسيا والصين، بغياب قطب أوروبي له دور وحضور واحترام، حيث تنحني أوروبا وتذعن إجمالاً أمام رغبات واشنطن وسياساتها.
سخية مساعدات الولايات المتحدة المالية والعسكرية لأوكرانيا، حتى تستطيع الصمود، وإطالة أمد الحرب، وتتمكن من استنزاف روسيا لأطول مدى زمني مُتاح.
زيارة الرئيس الأوكراني زيلنسكي لواشنطن أثمرت عن مساعدات سخية، والهدف بقاء الولايات المتحدة وحدها تستفرد بالسياسة الدولية، وتفرض مصالحها، وبرنامج واشنطن الذي أعلنه الرئيس بايدن حول الاستراتيجية الأميركية واضح أنه يجعل من روسيا والصين هما الخصم المعيق لاستمرارية التفرد، وللمصالح الأميركية.
لا أحد يقبل الاحتلال الروسي لأوكرانيا، والأصدقاء يطالبون بحل الخلافات الروسية الأوكرانية عبر الحوار والتفاوض، ولكن الولايات المتحدة وحدها مع بريطانيا لها مصلحة في التورط الروسي، وتأمل هزيمة روسيا في أوكرانيا، كما حصل للاتحاد السوفيتي في أفغانستان، ولهذا لا تتردد في تقديم المساعدات لأوكرانيا حتى تستطيع مواصلة التورط الروسي واستنزافها.
الولايات المتحدة لا تبخل على أوكرانيا، ولكنها تقف حامية للمستعمرة الإسرائيلية، ولا تبخل عليها وتزودها بكل مقومات استمرار الاحتلال لفلسطين، والتغطية على جرائم المستعمرة بحق الفلسطينيين، وعدم تعريضها للمساءلة القانونية من قبل المؤسسات الدولية: محكمة العدل الدولية، محكمة الجنايات الدولية، عدم فرض قرارات مجلس الأمن واجبة الاحترام والتنفيذ.
المستعمرة احتلت أراضي من مصر وسوريا ولبنان وكامل فلسطين، ومع ذلك لم تتحرك الولايات المتحدة لردع تل أبيب عن مواصلة احتلالها لجنوب لبنان والجولان السوري، وكامل أرض فلسطين، فماذا يمكن وصف موقفي الولايات المتحدة من روسيا ومن المستعمرة ؟؟ لماذا تقف ضد الأولى وتقف حامية للثانية؟؟
تناقض واضح، وازدواجية في المعايير والسياسات والمواقف، تفقد الولايات المتحدة لمصداقيتها بسبب هذه الازدواجية غير المتطابقة.