في ظل تحالف الخصوم... هل سيقدم الرئيس عباس استقالته؟!

فى ظل تحالف الخصوم
حجم الخط

 

كثرت الخصومات بشكل كبير في النظام السياسي والحالة الفلسطينية، فقد أصبح لرئيس دولة فلسطين محمود عباس خصومات متعددة مع الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس بالإضافة إلى الخصومة داخل حركة فتح نفسها، هذا ما يضعف الموقف الفلسطيني ويقضي على توجهات وطموحات الشعب الفلسطيني. 

وفي ظل تحالف الخصوم على الرئيس عباس، يواجه في الفترة الحالية خياراً صعباً قد يدفع إلى تقديم استقالته.

وقال أحد قيادات فتح خضر المجدلاوي لوكالة "خبر" إن الرئيس عباس لن يقدم استقالته تحت أي ظرف من الظروف، حيث قام بإقصاء كل القيادات المتوقع أن تكون مؤهلة لقيادة الشعب الفلسطيني.

وأضاف القيادي في حركة فتح محمد اربيع، أن الوضع معقد في الفترة الحالية ونتمنى أن لا يقدم الرئيس عباس استقالته لأن ذلك لن يخدم القضية وحركة فتح.

ومن جهته عبر الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني لوكالة "خبر"، أن تقديم الرئيس عباس استقالته يعد تحدٍ كبير للسلطة الفلسطينية ولحركة فتح، مضيفاً أن عباس لن يقدم استقالته، بل سيستند على إقامة تعديل للقانون الأساسي الفلسطيني من قبل منظمة التحرير الفلسطينية والمجلس الوطني الذي بات يطلق عليه مصطلح "[برلمان الدولة"، والتعديل "استحداث منصب نائب رئيس" يرتبط بالناحية الدستورية من خلال عقد جلسة في المجلس التشريعي وتصويت أغلبية الثلثين عليه، وهذا غير محقق لأن حركة حماس تمثل الكتلة الأكبر.

 

في حال تكاثفت جهود الخصوم.. هل ستستطيع إقصاء عباس عن منصبه؟

أوضح عضو المجلس الثوري لحركة فتح عبد الحميد المصري لوكالة "خبر"، أن نظام حركة فتح الداخلي لا يبحث عن إقصاء عباس عن الحكم، بل ما زال هو الرئيس المنتخب للشعب الفلسطيني، فهم يبحثون عن لم شمل الشعب الفلسطيني من خلال تحقيق المصالحة الفلسطينية والمصالحة الفتحاوية.

ومن جهته قال المجدلاوي إن الوضع الفلسطيني معقد، حيث يمتلك عباس أجهزة تقمع كل المبادرات التي تطالبه بالاستحقاقات الانتخابية في حال كان هناك انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني، كما يمنع المواطنين من التظاهر ضد العدو الأول "إسرائيل"، ويمنع المجتمع الفلسطيني بالضفة الغربية من التظاهر ضده هذا من جانب، أما  الجانب الآخر فالضفة الغربية خاضعة تحت سيطرة الاحتلال الاسرائيلي ولن يسمح الاحتلال بانهيار السلطة أو سقوط عباس على أقل تقدير في هذه الفترة.

 

كيف وصل عباس إلى هذه الحالة من التخبط وافتقاد ثقة الأجيال الفلسطينية به؟

رد المصري قائلاً إن المشكلة ليست في عباس وحده، بل في من يحيط به من مستشارين، حيث قاموا بتضليله وتزيين الواقع المرير الذي يعيشه الشعب الفلسطيني من ذل وإهانات وفقر وبطالة وحصار، هذا ما جعل قرارات عباس بعيدة عن نبض الشارع الفتحاوي والفلسطيني، نظراً لأن مستشارينه غير مخلصين له وللقضية الفلسطينية.

في حين قال المجدلاوي إن عباس لم يحقق أي شيء في فترة قيادته للشعب الفلسطيني، ولا يمتلك مشروعاً سياسياً قادراً على تحقيقه سوى المفاوضات، التي باتت فاشلة من وجهة نظر المجتمع الفلسطيني، بالإضافة إلى المستوى السياسي فهو لم يحقق شيئاً على المستوى الداخلي والوطني وعلى مستوى المؤسسة والديمقراطية والشفافية والحرية، حيث كان هناك العديد من المشكلات التي تعصف بالقطاع فلم يهتم بها على المدى القريب أو على الأقل لم يكن لديه برنامج لحلها.

وأضاف المجدلاوي أن عباس يمارس دكتاتورية منقطعة النظير فكان يقضى على حرية الفكر لأي شخص يختلف معه، كما أنه في عصره كان هناك انقسام داخلي (فلسطيني فلسطيني) وانقسام (فتحاوي فتحاوي)، وخسرنا البلديات والمجلس التشريعي.

ومن جهته اعتقد الدجني أن عباس حمل برامج تخالف الكل الوطني والبعد الثوري لحركة فتح، وعدم تقديم إسرائيل له أي شيء، وتوليه ثلاثة مناصب "رئاسة المنظمة" و"رئاسة السلطة" و"رئاسة حركة فتح"، هذا ما انعكس سلباً على حركة فتح وجماهيريتها وبرنامجها التحرري وبعدها وعنفوانها الثوري، وزاد من حجم الهوّة في طبيعة العلاقة بين قاعدة حركة فتح والرئيس عباس.

 

ما الذي يمنع عباس من أخذ زمام المبادرة وتنفيذ كل الاتفاقيات المبرومة؟

عبر الدجني أن عباس كان يعيب على الرئيس ياسر عرفات في وضع كل الصلاحيات بيده، لكن تكررت هذه التجربة بعد فوز الرئيس عباس في الرئاسة عام 2005،  ووصول إسماعيل هنية لرئاسة الحكومة في قطاع غزة، فهو لم يمنح الصلاحيات كما كان يطالبها سابقاً، وبذلك بدأت تتطور دكتاتورية شخصية وعقلية عباس فبات لم ير إلا نفسه، مشيراً إلى أنه عندما يصل شخص مثل الدكتور محمود الهباش إلى أن يصنع قراراً، ويصل الدكتور رياض المالكي لأن يحدد معالم السياسة الخارجية بعيدا عن حركة فتح والفصائل فبالتأكيد هذا ما يغضب الحركة.

وأضاف الدجني أن عباس قام بقطع رواتب أبناء حركة فتح خصوصاً من أنصار القيادي في حركة فتح محمد دحلان، كما قطع رواتب أبناء حركة حماس، وهذا لا ينسجم مع شخصية الأب الحنون الذي كان يتمتع بها الرئيس ياسر عرفات، فشخص عباس لم يعد مرغوباً به داخل حركة فتح وخارجها.

وانتقد المصري أفعال عباس وقراراته المتسرعة الغير عادلة، ويطالبه بجمع شتات حركة فتح والحركة الوطنية والإسلامية بأكملها، وإصلاح البيت الفتحاوي والفلسطيني ولم شملهم، وتقييم الأمور من 4 سنوات سابقة إلى الآن وإعادتها إلى نصابها والاستمرار قدماً في الخطة المصرية من ألفها إلى يائها.

وقال اربيع لوكالة "خبر" إن هناك ضغوط عربية وخصوصا من مصر والسعودية لإنهاء الأزمة في غزة وإتمام المصالحة الوطنية، مضيفاً أن هناك أمل للمصالحة الفتحاوية الفتحاوية والفرصة لا زالت مواتية لإنهاء الأزمة وقبول المبادرة المصرية دفعة واحدة وهي (المصالحة الفتحاوية، والمصالحة الوطنية، وإجراء الانتخابات التشريعية و الرئاسية ورفع الحصار عن غزة).

وأوضح الدجني أنه كان بيد عباس فرصة تاريخية بعد توقيع إعلان الشاطئ وهي محاولة توحيد الوطن وإعادة وحدة المؤسسات واستثمار ورقة المقاومة التي باتت واضحة وقوية في حرب العصف المأكول، كما بيده أن يستثمر انتفاضة القدس ويوظفها من أجل الحصول على الحقوق الفلسطينية، مؤكداً على أن القضية الفلسطينية ليست فقط جلب بعض الأموال من أجل صرف الرواتب، لذلك تساءل (لماذا لم يستثمر الرئيس عباس هذه الأوراق؟ ويدر ظهره لحركة حماس وقطاع غزة؟!).

وطالب الدجني عباس أن يتجاوز مرحلة الانقسام الأسود وأن يكون لديه برنامجاً واستراتيجية ورؤية واضحة يقودها وإعادة ترتيب الأوضاع، حينها سيتوحد خلفه كل الشعب الفلسطيني، وإما أن يقدم استقالته وتقديم رئيس جديد للبلاد بعقد انتخابات للمجلس الوطني والتشريعي.

 

في حال تمت استقالة الرئيس عباس هل ستحدث انقسامات جديدة؟

عبر عضو اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب في وقت سابق، أن هناك أزمة قيادة في حركة فتح، واختلاف على من سيخلف الرئيس عباس، واعتقد الدجني أن هذه المسألة لن تحسم إلا بديمقراطية حقيقية داخل حركة فتح تتم من خلال عقد المؤتمر التابع للحركة، وأن يشارك فيه كل القاعدة الفتحاوية من أجل حسم الخلاف، وذلك لأن هذا لن يخدم حركة فتح في حال كان هناك انشقاقات داخلية، كما سيضعف بشكل كامل النظام السياسي الفلسطيني وبهذا لن يخدم حركتي فتح وحماس لأن قوة حركة فتح هي قوة للنظام السياسي وللمشروع الوطني.

وأضاف اربيع أنه لو تم استقالة عباس في المرحلة الحالية من المؤكد أن يكون هناك انقسامات، حيث رأينا خلال الأيام الماضية وسمعنا أصواتاً لم نكن نسمعها سابقاً منهم "جبريل الرجوب وآمال حمد"، ويطالب عباس في هذه الفترة الحساسة أن يقوم بخطوات عملية لإنهاء الأزمة الفتحاوية والأزمة الوطنية  بشكل عام.

في حين نفى المصري أن يكون هناك انقسامات جديدة حول المرشح الأفضل، مشيراً إلى وجود مؤسسات ديمقراطية في حركة فتح والذي يعيق عملها هو عباس شخصياً، ففي حال تمت استقالته فالمؤسسات ستأخذ دورها الأساسي وستنتخب رئيسها دون مشاكل.

و من جانبه أشار المجدلاوي إلى أن عباس لم يتبع سياسة الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي عندما رفضت اسرائيل تلبية مطالبه قام بانتفاضة، فهو دفع حياته ثمن هذا القرار، أما عباس غير مستعد أن يدفع حياته ثمناً لهذا القرار وأن يقف وقفة رجولة وشموخ أمام المحتل، لأنه يعلم جيداً أن أي وقفة ليست بالنهج السياسي سوف تكلفه حياته، كما يدرك أنه في حال تولي أي سلطة جديدة في ظل وجوده فسوف يتم ملاحقته سياسياَ واقتصاديا وماليا، وإقصاء كل الشخصيات المتوقعة التي ستخلفه.

وعبر الدجني أنه في حال تمت المصالحة بين خصوم الرئيس عباس وحركة حماس، من الممكن أن يكون هناك رئيس توافقي بينهم، نظراً لأن حركة حماس في إعلان الشاطئ غلبت التوافق على القانون من خلال تشكيل حكومة التوافق دون عرضها على المجلس التشريعي، وهذا بالتأكيد قد يتكرر من خلال البحث عن رئيس توافقي في حال استمر أبو مازن في مساره الذي لم يقدم على المستوى السياسي شيئاً، بالإضافة إلى تهميش قطاع غزة الذي يغضب الفصائل الفلسطينية والكل الوطني والإسلامي.

 

آراء الشارع في معاناة قطاع غزة

وعبر الشاب "محمود" الذي أغلقت جميع الأبواب في وجهه بعد أن أنهى دراسته الجامعية قائلاً: "أنهيت دراستي الجامعية ولم أجد عملاً سوى أن أكون بائعاً في محل ملابس، الوضع الحالي في قطاع غزة صعباً للغاية حيث ينهي الطالب دراسته وتكون جميع الأبواب مغلقة في وجهه، هذا كله بفعل الإهمال الذي يعانيه قطاع غزة من قبل جميع الأطراف، وعلى وجه الخصوص رئيس الشعب الفلسطيني محمود عباس، فنحن لا نختلف على شخص الرئيس لكننا نختلف على نهجه في ظل القمع الاسرائيلي للشعب الفلسطيني والحصار والعدوان المتكرر على قطاع غزة، فنطالب الرئيس أن يصحح الوضع السيء وأن يعمل جاهداً من أجل ضح الدماء الشابة في كافة المؤسسات الفلسطينية وإعطاء غزة حقها".

أما السيد أبو أحمد "الرجل الأربعيني" فكانت له وجهة نظر مخالفة حيث قال "سنوات مضت على إهمال قطاع غزة من قبل الرئيس فلا عمل ولا مخرج، هذا الاهمال أوجد للرئيس العديد من الخصوم، فغالبية سكان قطاع غزة يرفضون شرعية الرئيس ويطالبون بالانتخابات، فوضع غزة المأساوي لم يسبق أن مرت به، فنحن بحاجة للإصلاح والحل الجذري لمعاناة الشعب الفلسطيني من قبل الرئيس أو إما أن يرحل".