توافق اليوم الثلاثاء 27 ديسمبر 2022، الذكرى الرابعة عشر لمعركة "الفرقان"، والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي شنه أواخر العام 2008، واستمر على مدار 23 يومًا، وأسفر عن استشهاد حوالي 1400 مواطنًا وآلاف الجرحى، وهدم آلاف المنازل في القطاع.
وكان من ضمن الشهداء، ما يزيد عن 300 من ضباط ومنتسبي وزارة الداخلية، وعلى رأسهم وزير الداخلية سعيد صيام، ومدير عام الشرطة اللواء توفيق جبر، ومدير عام الأمن والحماية العقيد إسماعيل الجعبري.
وفي صباح يوم السبت 27/12/2008 وبينما كان المواطنون في أعمالهم، وطلاب المدارس في طريق عودتهم إلى منازلهم، بدأت مقاتلات الاحتلال الإسرائيلي حملة قصف جوي مكثفة بعد عامين من الحصار الخانق.
وفي تمام الساعة 11:27 دقيقة، أطلقت نحو 80 مقاتلة إسرائيلية صواريخها على عشرات الأماكن المدنية والأمنية في مختلف مناطق قطاع غزة، موقعة خلال الضربة الأولى أكثر من مائتي شهيد.
توافد في تلك اللحظات عشرات الشهداء ومئات الجرحى دفعة واحدة إلى المستشفيات، وكانت جثثهم تملأ ممرات المراكز الصحية، ونُقلت المجزرة بالصوت والصورة إلى العالم، فكانت صدمة كبيرة للجميع دون استثناء.
ولم تكتف قريحة الإجرام الإسرائيلية بالجريمة الأولى أو ما سميت بالضربة الجوية، فواصلت وعلى مدار 8 أيام القصف المكثف وغير المسبوق على مختلف مناطق قطاع غزة، فيما ردّت المقاومة الفلسطينية بقصف المستوطنات والمدن الإسرائيلية بالقذائف الصاروخية المختلفة.
واستهدف الطيران الحربي الإسرائيلي مئات المنازل والمساجد والمدارس، ما أدى لتدميرها، واستخدم الاحتلال خلال العدوان عدداً من الأسلحة المحرمة كالفسفور الأبيض.
عملت " إسرائيل" من خلال هذا العدوان والحرب المسعورة على تحقيق عدة أهداف منها المعلن وأخرى لم تفصح عنها، ولعل أبرزها كما قال قادتها التخلص من حركة "حماس" وإنهاء حكمها في قطاع غزة، ووقف إطلاق الصواريخ، واستعادة الجندي الأسير آنذاك لدى المقاومة "جلعاد شاليط".
وفي الثالث من شهر يناير عام 2008، بعد 8 أيام من بدء الحرب، شرعت قوات الاحتلال بعملية برية، حيث توغلت آليات الاحتلال على تخوم قطاع غزة في محاولة لفصل القطاع لعدة أجزاء، الأمر الذي لم ينجح بشكل كامل بسبب المقاومة العنيفة التي كانت تدور على جبهات القتال المختلفة.
مرت 23 يوماً بعد بدء العدوان، صمد خلالها الشعب الفلسطيني، وبقي خلف مقاومته يأبى الاستسلام رغم هول المجازر وفجور الإجرام الإسرائيلي، فاندحر الاحتلال من أمامه مهزوما رغم الفرق الهائل في موازين القوى.
أعلن الاحتلال عن إيقاف إطلاق النار من جانب واحد، ولاحقته الصواريخ أثناء انسحابه، وقبل لحظات من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، سقط هدف الحرب الأول بإيقاف إطلاق الصواريخ، وبقيت المقاومة رغم قسوة الهجمات الإسرائيلية تمسك بزمام الأمور في غزة، فسقط الهدف الثاني، وبقيت المقاومة محتفظة بالجندي الأسير "جلعاد شاليط" فسقط الهدف الثالث لحرب الاحتلال.
كانت "حرب الفرقان" محطة مؤلمة في تاريخ فلسطين المعاصر، لكن الشعب الفلسطيني حولها إلى محطة انطلاق نحو مزيد من القوة والصلابة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، فبدأ الشعب من يومها مساراً جديداً وصولا لتحقيق أحلامه بالتحرير والعودة.