نقل المراسل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هارئيل، عن ضابط رفيع المستوى في الجيش الإسرائيلي اعتقاده بأنَّ "حزب الله" سيحسنّ قدراته العسكرية، خصوصاً في الجانب الهجومي، جراء التدخل الروسي المتزايد في الحرب السوريّة. وكتب أنّه نادراً ما يتمّ التطرق في إسرائيل لهذه الزاوية بسبب الجهود التي تُبذل من أجل منع التوتّر مع موسكو بشأن سوريا.
وبحسب هارئيل، فإنَّ أقوال هذا الضابط جاءت ضمن تقرير، نشر في 24 كانون الأول الماضي، في "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى"، بتوقيع باحثَين إسرائيليَّين هما نداف بولاك والعميد موني كاتس الذي تولّى في الماضي سلسلة من المناصب العليا في الجيش الإسرائيلي، كان آخرها في الصيف الأخير، عندما عُيّن قائداً لفرقة الجليل المعروفة بالـ "فرقة 91"، والمسؤولة عن الحدود مع لبنان.
ووفق ما جاء في تقرير كاتس وبولاك، فإنّها المرة الأولى التي يخوض فيها "حزب الله" مناورات هجوميّة ذات مغزى في إطار قتاله في سوريا. واعتبرا أنَّ التواجد العسكري الروسي المتعاظم، والذي بدأ بنشر طائرات حربيّة في شمال سوريا في نهاية العام الماضي، واتسع لاحقاً من خلال إرسال عددٍ كبير من المستشارين العسكريين لمساندة القوات السورية، سيوفّر لـ "حزب الله" دروساً قيّمة للمواجهات في المستقبل.
ويرى بولاك وكاتس، أنَّ استراتيجيّة "حزب الله" العسكريّة قامت، لغاية اليوم، على أساس الدفاع والاستنزاف في حالات الاحتكاك مع إسرائيل، لدرجة أن ضباطاً كباراً في الجيش الإسرائيلي كانوا يميلون إلى تعريف هدفه الأساس بأنّه "منع الخسارة". ومع مراعاة مزايا إسرائيل المتفوّقة تكنولوجيّاً، ومن حيث القوى البشريّة، فقد استندت هذه الاستراتيجيّة إلى إطالة مدّة المواجهة العسكريّة قدر الإمكان، واستنزاف الجبهة الداخليّة الإسرائيليّة بالصواريخ والقذائف، وتعزيز منظومات الدفاع لـ "حزب الله" بشكل يجبي من إسرائيل ثمناً باهظاً على المناورة الهجوميّة في جنوب لبنان.
وكتبا أنَّ "حزب الله" اعتقد أنّه طالما لم ينهر تحت ضغط الجيش الاسرائيلي، فإنّ بوسعه الادعاء بأنه نجا، وبحسب هذه الرواية، فإنّه انتصر أيضاً. ولكن الحرب في سوريا، غيّرت المنهج الدفاعي للحزب. ففي سوريا، اضطرّ إلى تغيير أهدافه باتّجاه السيطرة على الأرض والاحتفاظ بها لزمن طويل، في القتال ضدّ منظمات إرهابية وأخرى منافسة. والآن، يستخدم وحدات تتضمّن مئات المقاتلين في هجمات مركّبة في أراضٍ لا يعرفها جيداً، وتستعين الوحدات بجملة متنوّعة من الوسائل القتاليّة.
وكتب كاتس وبولاك: "بالنسبة إلى قادة حزب الله، يمكن لمثل هذه التجربة أن تغيّر رأيهم في الطريقة الناجعة للانتصار في المعركة، والتدخّل الروسي معناه أنّهم يتعلمون هذه الدروس من أحد الجيوش الأفضل في العالم".
ويشير الكاتبان إلى تقارير تقول إنّه تمّ تشكيل غرف عمليّات مشتركة بين روسيا و "حزب الله" في دمشق وفي اللاذقية، وإنَّ قوّة من الحزب شاركت في إنقاذ الطيار الروسي الذي أسقطت تركيا طائرته "سوخوي 24" في تشرين الثاني الماضي. ويضيفان أنَّ "حزب الله" سيتعرّف على شكل التفكير والتجربة العسكرية للضباط الروس، كما تحقّقت ضمن أمور أخرى في الحرب في الشيشان، ويمكنه أن يتعلّم منهم كيف يستخدم القوّات بشكل ناجع في الهجوم الجاري في مناطق مدينية مكتظة. وإضافة إلى ذلك، سيزيد الحزب خبرته في استخدام وسائل قتالية لم تكن في حوزته في الماضي: "هذه ستكون الفرصة الأولى لحزب الله ليشاهد كيف تخطّط قوّة عسكرية من الدرجة الأولى، لحملةٍ ما".
ويذكر الكاتبان أنَّ مشاركة سوريا في التحالف الذي قادته الولايات المتحدة في حرب الخليج الأولى ضدّ العراق في العام 1991، أدَّت إلى تغيير بعيد الأثر في الفهم الاستراتيجيّ لدمشق وبلورة فكرة قتالية مختلفة ضدّ إسرائيل. إضافة إلى ذلك، سيتلقّى "حزب الله" معلومات استخباريّة من روسيا، ويتعلّم من الطريقة التي يتلقّى فيها الروس ويحلّلون المعلومات من مصادر الجمع المختلفة والمتنوعة.
ويبدو، بحسب الكاتبين، أنَّ "حزب الله" لم يعد ملتزماً بفكرة "منع الخسارة" التي وجّهت خطاه على مدى السنين الماضية بالنسبة إلى المواجهات المحتملة مع اسرائيل.
وبرأيهما، فإنَّ القدرات الجديدة التي اكتسبها "حزب الله" جراء مشاركته في الحرب السوريّة، والتي ستتعاظم في ضوء القتال المشترك إلى جانب الروس، ستخدمه أيضاً في ميزان القوى في داخل لبنان.