كانت وما زالت الثورة الفلسطينية تُمثل أحد أهم حركات التحرر الوطني في العصور الحديثة التي تُعبر عن إرادة الشعوب الحُرة في الدفاع عن حريتها واستقلالها في مواجهة الاحتلال، وتُعتبر فكرة المقاومة والكفاح ضد الاحتلال قديمة قدم البشر، فقد سجل التاريخ البشري العديد من حالات اعتداء شعوب على أُخرى احتلالاً لأرضها وقهراً لسكانها، فما كان من هذه الشعوب إلا أنها تمترست حول حقها في الدفاع عن نفسها والذود عن أرضها فكانت المقاومة هي النتيجة المنطقية لذلك وإن تعددت صورها وأشكالها وتنوعت طرقها وأساليبها ووسائلها وأدواتها، ويُعد الدافع الوطني من أبرز الخصائص التي تتسم بها حركات التحرر الوطني عبر التجارب التاريخية للأمم والشعوب الواقعة تحت الاحتلال، فالمقاومة ضد الأعداء من أبرز ظواهر تاريخ الشعوب والأمم التي كُتب لها البقاء فالمقاومة تُمثل إرادة شعوبها التواقة للحرية والاستقلال وتُعبر عن قضاياها العادلة ورغبتها في التحرر.
وتمتلك الثورة الفلسطينية المعاصرة تجربة هامة في النضال والصمود جمعت فيها الفصائل الفلسطينية والشعب الفلسطيني كافة أشكال التحرر فقد خاض النضال ضد الاحتلال حيث أن الزاوية الفلسطينية الوطنية أن الأرض والشعب تحت الاحتلال في فلسطين مما يعطي الشرعية الوطنية للمقاومة، إذ من حق الشعب الذي يتعرض للاحتلال أن يُقاوم ويُحرر وطنه من قوات الاحتلال وأن يتمتع بحق تقرير مصيره كما أكدت عليه قرارات الأمم المتحدة، فالمصلحة الوطنية العُليا للشعب الفلسطيني تقتضي أن يقاوم الاحتلال الاسرائيلي ويصمد على أرضه بكافة أشكال الصمود والثبات.
وقد نالت القضية الفلسطينية ومقاومة الشعب الفلسطيني عبر تاريخها الطويل اهتمام العديد من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لما لها أثر في إيصال الصوت العالي للدفاع عن القضية الفلسطينية ودور في رفع القضية ليس على المستوى المحلي بل الإقليمي والدولي، فهي القضية الأساس وجوهر الصراع العربي_الاسرائيلي، وصاحبة التواجد الدائم في قلوب الشعوب وهي قضية شعب يناضل من أجل تقرير مصيره في إقامة دولته المستقلة.
وفي هذا الإطار فإن استخدام المحور الإعلامي ومواقع التواصل الاجتماعي يُساهم في تعزيز ممارسات الصمود في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للشعب الفلسطيني من خلال توفير رؤية إعلامية يُستخدم فيها كل أدوات التكنولوجيا الحديثة لنشر الوعي التثقيفي والوطني حول القضية الفلسطينية وآليات المقاومة التي تساعد الشعب في تقرير مصيره.
فوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ليست بمنأى عن رؤيتها في نشر الوعي حول تعزيز ممارسات الصمود في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بل هي ضرورة ومطلباً فالمؤسسات الإعلامية منصة هامة مضمونة النتائج حيث أن توظيف المؤسسات الإعلامية عبر التقنيات الحديثة في مجال الصوت الرقمي والفيديو الرقمي والأفلام الوطنية والأخبار والمقالات هامة للتعريف عن كيفية تعزيز ممارسات الصمود.
ويُعتبر الإعلام عنصراً من عناصر النضال في تعريف الصمود بكافة أشكاله وتوثيقه والذي يشكل الهوية الوطنية، فالصمود بشكل عام يتعرض للتشويه، فترسيخ الصمود والثبات على الأرض يتحقق بتكاتف الجهود الإعلامية الرسمية وغير الرسمية مع المجتمع المحلي والإقليمي والدولي.
ودور الإعلام بارز في مواجهة الانتهاكات الاحتلالية على الأرض من خلال تسليط الضوء عليها من خلال برامج إعلامية تسعى إلى تأكيد وترسيخ وحماية الصمود الوطني، فتعزيز المحتوى النضالي في وسائل الإعلام المختلفة وإعطائه المزيد من الأهمية لما للصمود دور كبير في تعزيز النشاط الوطني والفكري والتوعوي والثقافي وتوثيق العلاقة الصمودية بين ماضي الأجيال وحاضرها وفي ترسيخ الثقافة والهوية، كما ان المؤتمرات والندوات المنادية للصمود والثبات والمقاومة هامة للتاكيد على عمق وأهمية العلاقة الفاعلة بين الإعلام والتحرر والتي تُتيح لكل منهما الاستفادة وتحقيق الأهداف المنشودة عن طريق توعية المجتمع بالقضايا الوطنية، كما ان وسائل الإعلام تُمثل أداة مهمة جداً في نشر اليات المقاومة بكافة اشكالها، لكنها حتى الآن لم تقم بالدور المطلوب أمام التكنولوجيا التي سعت إلى تغريبنا عن ثقافتنا وتراثنا وهويتنا النضالية.
ويُعد الإعلام بكافة أشكاله قوة اجتماعية يلعب دوراً فعالاً في تعزيز الصمود من خلال إيجاد قنوات لنشر قصص الصمود وترويجها وتقريبها في آذان الجيل الجديد إضافة إلى أن وسائل الاتصال الجماهيري ليست فقط قنوات نقل صماء وإنما أدوات فاعلة ساعدت كثيراً على "عصرنة" الإبداع الوطني وعرضه في حلة جديدة تتلاءم مع العصر الجديد، ناهيك عن دور الوسائط الجماهيرية في تزويد قاعدة عريضة من الجمهور بالأخبار والروايات النضالية سواء من داخل السجون الاحتلالية او ثبات اهالي الشهداء او ثبات وصمود من تشرد وتهجر قسرا من ارضه التي يرويها الناس ليتم التعديل عليها لتصبح مادة شعبية يتداولها الأجيال القادمة، كما أن الوسائط الجماهيرية تعمل على إيجاد تواصل غير مباشر بين النص المذاع والجمهور المتلقي يتم من خلال وسائل بث الكترونية وأدوات تقنية حديثة تنقل المادة للجمهور، حيث أثرت وسائل الإعلام في حياتنا المعاصرة في صياغة نمط حياة الإنسان في المجتمع المعاصر وظهر هذا التأثير واضحاً في طبيعة صياغة ادوات جديدة نحو الصمود والمقاومة والنضال والكفاح.
والإعلام لعب بمستوياته المختلفة في ما تعرضت له الارض الفلسطينية في عدة مدن من سرقة وتهجير السكان منها على توثيق الانتهاكات وحشد الدعم الاقليمي الدولي للاهتمام بها وتدويلها وتسليط الضوء على أهميتها وجعلها منارة دفاعية وشهادة دولية ضد ما يفعله الاحتلال بالفلسطينيين، كما لعبت وسائل الإعلام دوراً في تعزيز الرؤية النضالية على المستوى الاجتماعي من خلال الحفاظ على السلم الاهلي داخل المجتمع الاهلي والوصول الى تعليم فلسطيني وطني وكما التركيز على محاولة النهوض الوطني من خلال الحفاظ على هوية الفلسطيني من خلال الحفاظ على تراثه الفلسطيني بكافة اشكاله، وكما ان للاعلام دورا في النهوض الاقتصادي ومحاولة الانعتاق من اقتصاد الاحتلال الذي كبله اتفاقية باريس الاقتصادية واتفاق اوسلو الذي اضاع القضية الفلسطينية وسرق الارض والشجر والحجر، إلى جانب دور وسائل الإعلام العلمية والعملية في تعزيز العلاقة بين المعالم والهوية والقيم الإنسانية المشتركة بين شعوب العالم في الاشتراك برؤية التحرر الفعلي، ولا ننسى ان للاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لهما دورا في التركيز على ايجاد افقا سياسيا للشعب الفلسطيني لنيل الاستقلال وتحقيق السيادة الوطنية.
خلاصة: وسائل الإعلام لها دوراً مهماً في التصدي للممارسات التي قد تودي إلى تدمير الهوية الوطنية من خلال التوثيق والنشر والتعريف في الصحف والمجلات والكتب التي تُعنى بالوطنية والوطن وللتوثيق دوراً مهماً في حفظ الصمود الحقيقي.