امتلأت البلاد في الآونة الاخيرة بالمُزعزعين. هؤلاء مزعزعون من الغاء كتاب فيه قصة حب بين يهودية وفلسطيني، واولئك مُزعزعون لأن عضو كنيست قال إن الدولة لن تكون يهودية، بل ستكون، لا سمح الله، ديمقراطية. وهنا وهناك مُزعزعون بلا نهاية.   لكن، أيها الاصدقاء المُزعزعون والمُزعزعات، ما الذي يزعجكم؟.
هل أنتم، على عكس السكرتاريا التربوية المهمة لوزارة التربية والتعليم، مع الاندماج؟ المقصود في الحياة وليس في الكتب. هل أنتم مستعدون بالفعل أن تتزوج ابنتكم أو أختكم اليهودية من عربي مسلم فلسطيني مراوغ؟ أم أن هذا الموضوع لو نزل عليكم ستقولون إن الحب هو شيء مهم ونحن مع المساواة، لكن هذا ليس جيدا بسبب الوضع والعنصرية، ليس عندنا بل في محيطنا. ولا تنسوا التفكير في موضوع الاولاد.
  وماذا عن الدولة اليهودية؟ أنتم لستم مع دولة يهودية؟ أنتم ضد دولة يهودية؟ صحيح، أنتم على حق. فأنتم مع دولة يهودية ديمقراطية. مع واو العطف. جيد جدا، ممتاز. نحن على الأقل نعرف ما هي الدولة الديمقراطية، لكن ماذا تعني دولة يهودية؟.  دمج الكلمات «دولة يهودية» هو سخرية. فلا يمكن ولن يكون شيء كهذا. دولة يهودية يمكن أن تكون بالضبط مثلما يمكن أن يكون باص يهودي أو مثلث يهودي أو فريق كرة قدم يهودي.
   ماذا يعني باص يهودي؟ هل هو باص مع الوصايا العشر؟ مع كوابح لا تصطك في الاعياد؟ هل يتخفى في عيد المساخر على شاكلة حافلة القمامة؟ أم أن الباص اليهودي هو في ملكية يهودي أو سائقه يهودي أو على الأقل ثلثي المسافرين فيه هم يهود؟.
  ماذا يعني مثلث يهودي؟ مثلث مع سوالف في أضلاعه؟ وفي كل زاوية فيه يمكن رؤية الهيكل؟.
    ما هو فريق كرة القدم اليهودي؟ هل توجد مازوزة على الباب؟ هل لا يلعب في أيام السبت؟ هل أصحابه يهود؟ هل لا يوجد فيه عرب؟ واذا لم يكن فيه عرب وهو يلعب في ايام السبت؟.
  ماذا تعني دولة يهودية؟ تلك التي رئيس حكومتها يهودي؟ ولا يوجد في حكومتها عرب؟ وفي صوت الجيش التابع لها تُسمع اغان شرقية؟ هل يلعبون فيها في يوم السبت كرة القدم لكن مع المازوزة على الابواب وبدون العرب؟ هل توجد الوصايا العشر في السترة الواقية التي يلبسها جنود هذه الدولة اليهود؟ هل مسموح المشاهدة ايام السبت ايضا وليس فقط في الايام العادية؟ هل في عيد المساخر تتخفى الدولة بالديمقراطية؟ هل رؤساء الاجهزة الامنية في هذه الدولة اليهودية يلتزمون بتغطية الرأس طول الوقت أم فقط عند القيام بالمهمة؟.   لا يوجد ولا يمكن أن يكون شيء كهذا، «دولة يهودية». لأن «اليهودية» هي تعريف ديني والدولة اليهودية معناها دولة القانون الديني وليس شيئا آخر.
 بغض النظر كم أنتم علمانيين وديمقراطيين وتريدون السلام، في كل مرة تقولون فيها إنكم تريدون أن تصبح اسرائيل «دولة يهودية» فانكم تقولون عمليا إنكم تريدون هنا «دولة القانون الديني اليهودي» مع كل ما يعنيه ذلك. وهذا ما ستحصلون عليه. لماذا إذا تتباكون وتولولون؟.
   لأنه كما يقول الشاعر في نهاية كل جملة لكم تبدأ بـ «دولة يهودية» يقف يهودي مع قبعة وزجاجة حارقة.

عن «هآرتس»