بأجندة لم تفاجئ أحداً أعلن نتنياهو عن أولويات حكومته المتطرفة التي تضمّنت : وقف برنامج ايران النووي، تعزيز الاستيطان وتطويره في الضفة الغربية والجولان والنقب ضمن خطة تدعي تطوير البنية التحتية للكيان، وتوسيع دائرة السلام لانهاء الصراع العربي الاسرائيلي حسب قوله.
وكما من المستحيل توقّع أنّ طالبان ستقود حملة لتحرير المرأة في أفغانستان، كذلك لا يمكن أن نحلم أن يقوم نتنياهو وتلاميذ كهانا بطرح مبادرات للسلام العادل مع الفلسطينيين . بل من البديهي عند نتنياهو صاحب مقولة "السلام الذي يدوم هو السلام الذي يمكننا( يقصد الاحتلال) الدفاع عنه" أن يكون تفسير السلام في نظره هو الاحتلال الدائم لكل فلسطين ...
في مجال الأعمال الناجحة والمبتكرة كل تهديد هو فرصة .. والمشاكل من شأنها أن تفتح آفاقاً جديدة /لا اقول للحل حتى لا اكون حالمة/ وإنما على الأقل لتعزيز الصمود وبثّ الامل وتحسين الوضع.
والحسنة الوحيدة لحكومة نتنياهو بالنسبة إلينا كفلسطينيين أنّها تهديد يمكن تحويله الى فرصة. لكن يتطلب الامر لبلوغ الحد الأدني من النجاح خطة شديدة التماسك تنطلق من ايمان راسخ بقناعات أساسية :
1. القناعة بأن طريقتنا القديمة والمتبعة حاليا في التعامل مع أجندات الشأن الفلسطيني هي نفسها أكبر تهديد لنا في مواجهة نتنياهو الذي يستطيع أن يضع السلام والاحتلال في جملة واحدة مقبولة اقليميا ودوليا..
2. القناعة بأنّه لا يمكن للعالم التعامل مع رؤيتين فلسطينيتين حتى ولو كان لكلّ منهما أسبابه ودوافعه. وعليه فإن الانقسام الفلسطيني هو نقطة ضعف قاتلة يجب التخلص منها فوراً من خلال إرادة سياسية واعية ونابعة من مصلحة وطنية خالصة تبتعد عن أية نوازع للمحاصصة الفئوية. حيث يتم الاتفاق على ترحيل جميع القضايا الفئوية والمصلحية لما بعد وتقديم مصلحة فلسطين العليا ووضع رؤية واحدة. وأعتقد أنه بعد سنوات من الانقسام والتجارب فإنّه من الهزلي الاعتقاد أن أيديولوجيات الطرفين ستقف عائقاً، فكليهما جرّبا المواجهة والمهادنة وحان وقت سيادة مقولة المصالح تتصالح والمصالح هنا هي مصلحة فلسطين !
3. القناعة بأنّ الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي لن يقوموا بفعل شيء بالإنابة عنا. حيث من المستبعد جدًّا اتخاذهما خطوات عملية ضد الحكومة الاسرائيلية ولو حتى على صعيد إعادة فتح القنصلية الامريكية في القدس وهو ما لم ولن يتحقق. في المقابل، وجود حكومة نتنياهو المتطرفة يعطي فرصة لكشف الوجه الحقيقي لاسرائيل وإحراج حكومات الاتحاد الاوروبي التي تسعى حاليا الى توطيد علاقتها بإسرائيل سياسيًّا واقتصاديًّا وأمنيًّا رغم تنكر هذه الاخيرة لحل الدولتين. أيضاً يمكن أن تفتح سياسة الحكومة الاسرائيلية العدائية نافذة تهز استراتيجية إدارة بايدن تجاه القضية الفلسطينية والقائمة على "عدم فعل شيء هو أفضل شيء" إلّا من خطاب مطّاط لا ينتج عنه شيئا على ارض الواقع. وعليه وجب التركيز على نشطاء المجتمع المدني من منظمات وكيانات وأعضاء البرلمانات وتماهي المطالبات الفلسطينية مع مطالبات حقوق الانسان والأقليات وحرية التعبير في كل من أوروبا وأمريكا لبناء قوى ضاغطة داخلية في تلك الدول.
4. القناعة بأنّ الظهير العربي أيًّا كان شكله ونوعه ومواقفه هو الاساس وليس إيران أو تركيا، والبدء في حملة لتنشيط علاقات فلسطين الخارجية العربية مع إغلاق وتجاوز جميع منافذ الخلافات مع الاشقاء العرب واستباق نتنياهو للسعودية هو اغتنام الفرصة وقلب التهديد.
ليطلق نتنياهو وبن غفير وسموتريتش العنان لتهديداتهم.. لا نريد ان نمنعهم لكن دعونا نقلبها عليهم ..