وجه السفير الأمريكي لدى إسرائيل "دان شابيرو"، انتقادات لاذعة لسياسة الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية وخاصة سياسة الاستيطان.
وأشار شابيرو خلال مؤتمر معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب أمس، إلى أن الإدارة الأمريكية قلقة من استمرار أعمال البناء في المستوطنات، وانتقد التحقيقات التي تقوم بها السلطات الإسرائيلية بموضوع الإرهاب اليهودي في الضفة الغربية.
وعبر خبير الشؤون الاستيطانية عبد الله أبو رحمة لوكالة "خبر"، أن هذا الموقف أذهل إسرائيل، لكنه بحاجة إلى خطوات عملية أكبر لردع الاسرائيليين، وأن يكون هناك موقف صارم وجدي من أجل الضغط على اسرائيل.
ورحب خبير الشؤون الاستيطانية صلاح الخواجا بهذا الموقف، ولكن يجب أن يترجم إلى موقف عملي، كما يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تقتنع بأنها جزءاً من السياسة الإجرامية في ظل دعمها المتواصل لإسرائيل التي تمارس الإجرام ضد الشعب الفلسطيني.
وأشار أبو رحمة إلى أنه لا يجب أن نعول على هذه التصريحات كثيراً، وعلينا أن نستمر في خطواتنا نحو الضغط على المجتمع الدولي والتوجه للمحاكم الدولية لعقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة.
وأوضح الخواجا أن هذه التصريحات لها تأثير غير مباشر على اسرائيل من خلال العلاقات الدولية، بمعنى أن الاتحاد الأوروبي الذي كان مرتبطاً بمواقف الولايات المتحدة الأمريكية سيتحرر تدريجياً حينما يشعر بتغير موقف بعض المسؤولين، لافتاً إلى أنه لا يجب علينا أن نعول كثيراً على المواقف الرسمية دون أن يكون هناك أفعالاً ضاغطة على سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، وتخليها عن الدعم الاستراتيجي لدولة الارهاب.
ومن جانبه قال أبو رحمة إن هذه التصريحات تحفز الجانب الأوروبي وخصوصاً في قراراته الأخيرة التي شاهدناها يوم أمس، نظراً لكونها مؤشراً لدول أخرى لأن تخطو خطوات عملية.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في معرض رده على تصريحات السفير الأمريكي في إسرائيل: "إن إسرائيل تطبق القانون على الإسرائيليين والفلسطينيين بنفس الطريقة، والمسؤول عن الجمود في العملية السياسية هو السلطة الفلسطينية التي تواصل التحريض وترفض التفاوض معنا".
فأوضح الخواجا أن اسرائيل دائما تحاول إلقاء الاحمال على غيرها خصوصاً السلطة الفلسطينية، وكأنها تريد أن تكون السلطة عبداً لها، مشيراً إلى أن اسرائيل عندما فقدت ضبط أمنها في تل أبيب وأصبحت غير قادرة على إنهاء الانتفاضة والأحداث في المناطق الفلسطينية، أرادت أن تحمل المسؤولية للسلطة الفلسطينية أمام المجتمع الدولي.
وأضاف أبو رحمة أن اسرائيل دائما تلقي الأسباب على الشعب الفلسطيني، في حين أنهم من يقومون بالسياسة الإجرامية من خلال تماديهم في الاستيطان واعتداءهم على المقدسات خصوصا المجسد الأقصى والإعدامات المتكررة التي يتعرض لها أبناء الشعب بصورة واضحة.
وطالب الخواجا القيادة السياسية الفلسطينية أن تقوم بحراك واسع في المؤسسات الدولية لتقديم ملفات حقيقية عن ممارسات دولة الإجرام، وتحميل المسؤولية كاملة لدولة الاحتلال عما يجري في المناطق الفلسطينية من إجرام يومي.
كيف تسهم الأعمال التجارية بالمستوطنات في انتهاك حقوق الفلسطينيين؟!
أكد أبو رحمة على أن الاستيطان والمستوطنات ومن يدعمهم بحسب القانون الدولي هو غير قانوني، نظراً لأنه يؤثر على القضية الفلسطينية، فهناك شركات خاصة لها نشاطات عديدة في المستوطنات تشجع الاستيطان والمستوطنين وتؤثر على البنية التحتية للفلسطينيين، مضيفاً أن هناك العديد من المستوطنات تقوم بسرقة الثروات الطبيعية الفلسطينية، ما يؤثر على الوضع الاقتصادي الفلسطيني الذي هو جزء مهم من التأثير على الوضع السياسي و الفلسطيني.
ومن جانبه أوضح الخواجا أن اسرائيل تصادر كل مقدرات ومصادر قوة الشعب الفلسطيني، والتي قدرت حسب تقرير البنك الدولي عام 2014 بأنها تزيد عن 3 مليار دولار، وذلك لمحاولة تجويع الفلسطينيين والضغط عليهم وحبسهم في معازل وتحويلهم كعمال في المستوطنات لنقل البضائع، هذه السياسة التي تحاول إسرائيل تنفيذها والوصول إليها من خلال المنظومة الأمنية التي تمارس في الضفة الغربية من أجل مصادرة الأراضي.
وأشار أبو رحمة إلى أن الانتهاكات التي تتضمن الاعتداء على الأراضي الفلسطينية والتضييق على المواطن الفلسطيني، تساهم في تحفيز الاحتلال وتقويته من خلال النيل من مقدرات وثروات الفلسطينيين، وتشجع الاستيطان من خلال مصادرة الأراضي وزيادة بناء الوحدات الاستيطانية.
وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته اليوم، إن على الشركات أن تكف عن العمل في المستوطنات الإسرائيلية، وعن تمويلها، من أجل الالتزام بما عليها من مسؤوليات بمجال حقوق الإنسان.
وأعرب أبو رحمة أن اسرائيل لم تمتثل للعديد من القرارات الدولية من الأمم المتحدة ومجلس الأمن، فبالتأكيد كالمعتاد لن يؤثر عليها مثل هذا القرار، فالتقرير صدر أمس ونشاهد اليوم استمرار الاعتداءات وعمليات الهدم والاستهداف والقتل خلال 24 ساعة في أكثر من موقع، لافتاً إلى أن الفلسطينيين يحتاجون إلى قرارات دولية صارمة للضغط على الاحتلال وفرض عقوبات عليها ومقاطعتها على المستوى السياسي والدولي وليس فقط على المستوى الشعبي، بالإضافة إلى إجبارها على الالتزام بالقرارات الدولية.
وأشار الخواجا إلى أن الخيار الأمثل أمام الفلسطينيين هو الوحدة، كما يجب الاستفادة من التجارب السابقة خلال العقود الماضية من النضال، وتنبي استراتيجية جديدة أساسها الكفاح، كما يجب البدء بعملية حراك دبلوماسي على كل المستويات وتفعيل الدور الفلسطيني في المنظمات الدولية وتقديم ملف الاستيطان إلى محكمة الجنايات.
وأضاف أبو رحمة أن الوضع الداخلي الفلسطيني بحاجة إلى تكاثف وتوحد وتركيز لأن الشعب الفلسطيني أمام عدو متغطرس يستغل كل هذه النقاط ويستمر في التضييق عليه، وبالتالي يجب توحيد الجهود وتبني استراتيجية واضحة للنضال، كما يجب توسيع الهبة الجماهيرية لتصبح انتفاضة مؤثرة وضاغطة تكبد الاحتلال خسائر على الصعيد المحلي، وأيضا تنسيق الجهود الدولية على الجانب الخارجي للضغط على الاحتلال والوصول إلى الأهداف المرجوة أهمها زوال الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.