ما ان أدت حكومة نتنياهو اليمينية المتشددة اليمين الدستورية امام الكنيست حتى بدأ زعمائها بالكشف عن نواياهم العنصرية , تحدث نتنياهو عن مهام هذه الحكومة امام الجميع وأول مهمة هي الاهتمام بمسار السلام الإقليمي" السلام المعكوس" وتجاهل تماما الحديث عن السلام مع الفلسطينيين وكأنهم ليسوا قلب الصراع , والمهمة الثانية العمل بكل ما يمتلك من قوة وعلاقات سياسية على منع ايران من امتلاك السلاح النووي الذي يدعي انها قد تهدد به دولة الاحتلال وبعض دول الخليج ,والثالثة هي إعادة بناء البني التحتية لدولة الاحتلال بما فيها المستوطنات المقامة على الأرض الفلسطينية بالضفة الغربية . علينا ان ندرك ان هناك المزيد من المهمات غير المعلنة تركت للمتطرفين لينفذوها بهدوء متدرج. المتطرف بن غفير أعلن قبل يومين فقط انه يستعد لاقتحام للمسجد الأقصى مع حاشيته وقد نفذ مخططة بعد اقل من أسبوع من تولية وزارة الامن القومي بالرغم من ادعائه تأجيلها وهذا يكشف نواياه الخطيرة لتجسيد المساواة في العبادة بالأقصى بين اليهود والمسلمين كما يدعي وانه سيقضي على العنصرية الدينية هناك باعتبار ان المسلمين هم من يحتكرون الصلاة في الأقصى لوحدهم ولا يسمحوا لغير المسلمين بأداء صلواتهم وهنا يقصد اليهود, ليس هذا فقط وانما يخطط بن غفير لاقامة كنيس يهودي داخل باحات الأقصى لتقسيم الأقصى زمانيا ومكانيا بسياسة الامر الواقع.
اما (سموترتش )فهو يعد الخطط في وزارة الجيش لتشريع الاستيطان بالضفة الغربية وفرض القانون الإسرائيلي على المستوطنات بعد ضم مناطق (ج) وبعض مناطق غور الأردن للقضاء كلياً على حل الدولتين الذي يحلم به الفلسطينيون ومازالوا يعلقون الآمال على إمكانية تحققه مع ان كافة المؤشرات تقول ان ما تبقى من إمكانية لتطبيق حل الدولتين هي إمكانيات محدودة جدا ستنتهي مع تطبيق مخططات (سموتريتش و بن غفير ) وبالتالي فانه من الاستحالة تحقيق الحل المبني علي مبدا حل الدولتين وهنا يصعب على الفلسطينيين القبول باي حل تفرضه دولة الاحتلال من طرف واحد او حتى كما يتصور نتنياهو بانه سوف يستعين بالعرب الذين طبع معهم ضمن الاتفاق الابراهيمي لتحقيق سلام مع الفلسطينيين مبني على حكم ذاتي بصلاحيات إدارية وليست سياسية او امنية لأنه يشترط ان يبقى الامن بيد دولة الاحتلال في أي مرحلة من المراحل. البرنامج السياسي لحكومة (نتنياهو بن غفير سموترتيش ) بات واضحا قبل ان تُعلن الحكومة بالرغم من تحذيرات إدارة بايدن لمحاولات القضاء على حل الدولتين وتأكيد (انتوني بلينكن) وزير الخارجية الأمريكي بمواصلة الإدارة الامريكية دعم حل الدولتين ومعارضة السياسات الإسرائيلية التي تعرضه "للخطر" ,وبالرغم من كثافة الاتصالات الامريكية الاسرائيلية وخاصة الزيارة المتوقعة لكل من وزير الخارجية الأمريكي (انتوني بلينكن ) ومستشار الامن القومي الأمريكي للمنطقة (جيك سوليفيان ) كل على حده للقاء نتنياهو لحثه على لجم كل من( بن غفير وسموترتيش) ومنعهما من أي إجراءات أحادية قد تفجر المنطقة وإبلاغه رسميا برسالة الرئيس بايدن الذي يعتبر أي محاولات لتغير الوضع التاريخي في الأقصى وأي عملية فرض للقانون الإسرائيلي على مناطق (ج) هي تجاوز للخطوط الحمر التي رسمتها الإدارة لحكومة نتنياهو.
الخارجية الفلسطينية أصدرت بيانا الأسبوع الماضي قالت فيه "ان دولة فلسطين ترفض المبادئ السياسية للحكومة الإسرائيلية الجديدة التي أساسها الضم والعنف والعنصرية والتحريض على التطهير العرقي, واعتبرت اجندة حكومة نتنياهو واليمين المتطرف تشكل تهديدا وجوديا للفلسطينيين كما ودعت الخارجية الفلسطينية الى مقاطعة دولية لهذه الحكومة المتطرفة, وحثت الخارجية الفلسطينية المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته ورفض التعامل مع حكومة تسعى لارتكاب الجرائم الدولية ممثلة بفرض القانون الإسرائيلي على المناطق المحتلة والتي يعرفها القانون الدولي بانها مناطق محتلة بفعل القوة العسكرية وبالتالي لا يجوز ضمها ولا يجوز استمرار اضطهاد سكانها سياسيا وحرمانهم من حق تقرير مصيرهم السياسي.
على هذا الأساس لا يعقل ان تدعو الخارجية دول العالم لمقاطعة حكومة نتنياهو وتبقى هي تتعامل معها بحكم بعض الاتفاقيات او التفاهمات التي تضر بالفلسطينيين في هذه المرحلة ,فلا يمكن التعامل مع حكومة احتلال عنصري يقتحم وزراؤها المسجد الأقصى ولا تعترف بالسلام ولا تعترف بالسلطة الفلسطينية التي باتت هدفا لمخطط (بن غفير وسموترتيس ) اللذان يسعيا لتفكيكها واستبدالها بنظام اداري فلسطيني إسرائيلي مشترك يقدم خدمات مدنية للسكان ليس أكثر تحت الوصاية الأمنية الإسرائيلية وبعض الدول المطبعة ، يصعب التصور كيف سيتعامل الفلسطينيون مع حكومة تري في السلام امراً معكوسا نتيجة مخطط بناه نتنياهو ليوهم الإسرائيليين ويوهم نفسه انه استطاع ان يخرج العرب من دائرة الصراع ما يتيح له فكفكة قضايا الصراع مع الفلسطينيين واحدة بعد الأخرى . الخطير ان يصدق الفلسطينيون ان الأمريكان يمكن ان يقفوا الى جانبهم ضد نتنياهو وحكومته ويتلقوا منهم ابر انسولين ليبقوا في غرفة الانتظار حتى تفعل الإدارة الامريكية شيء يحقق للفلسطينيين بعضا من طموحهم السياسي، لن يحدث هذا ولن يناصر الامريكان الفلسطينيين على حساب حليفتهم إسرائيل حتى في ظل حكومة يمينة متطرفة ، لذا على القيادة الفلسطينية الان وليس غداً تطبيق كافة قرارات المركزي الفلسطيني التي حان وقتها واهمها فك العلاقة مع حكومة نتنياهو وعدم التعامل معها باي شكل من الاشكال الا بوسيط اممي وعلى القيادة الاستمرار في برنامج وطني مع كل الفصائل الفلسطينية لتعزيز النضال الوطني وتقوية كافة الجبهات على الأرض لمواجهة كافة إجراءات هذه الحكومة المتطرفة وفي ذات الوقت تكثيف مسار النضال الدبلوماسي من خلال البناء على ما ستقرره محكمة العدل الدولية بشان تعريف الاحتلال والاستيطان باعتبارهما غير شرعيين والعمل مع المنظومتين العربية والصديقة لتطبيق قرار 2334 والطلب من الأمم المتحدة ومجلس الامن فتح ملف قرارات 181 و194 و242 ما يتيح اتخاذ مجموعة تدابير دولية تجبر الاحتلال على تنفيذ ما جاء في هذه القرارات واهمها انهاء الاحتلال ومنح الفلسطينيين حق تقرير مصيرهم دون وصاية سياسية او امنية.