انعطافة صعبة في حرب روسيا وأوكرانيا

WSv8G.jpeg
حجم الخط

بقلم هاني عوكل

 

 

 

تدخل الحرب الروسية- الأوكرانية منعطفاً صعباً في ضوء زيادة وتيرة الدعم العسكري الأميركي والغربي لكييف، ومواظبة الإدارة الأميركية على دفع أوكرانيا للصمود في وجه روسيا وإرهاقها سياسياً واقتصادياً وعسكرياً إلى أكبر قدر ممكن.
الرئيس الأوكراني زيلينسكي الذي زار واشنطن أواخر العام الماضي والتقى نظيره الأميركي بايدن في البيت الأبيض، تمكن من الحصول على أسلحة ومعدات عسكرية جديدة ونوعية من الولايات المتحدة، وأنظمة رادار متقدمة وخبراء أميركيين لتدريب الجنود الأوكرانيين.
بسبب الدعم العسكري الغربي السخي لأوكرانيا، استطاعت بالفعل منع روسيا من تحقيق كامل أهدافها وإعلان الانتصار، حيث أدى دخول خمسة أسلحة غربية إلى أرض المعركة  لإعاقة احتلال روسيا العاصمة الأوكرانية.
الطائرات المسيّرة التركية التي حصلت أوكرانيا عليها، بالإضافة إلى كل من صواريخ "جافلين" الموجهة والمضادة للدروع وكذلك راجمة الصواريخ الأميركية من طراز "هيمارس" ومدافع "هاوتزر" المتنقلة، جميعها أحدثت فرقاً في مسار الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
هذه الأسلحة مكنّت الرئيس الأوكراني من التغزل بقدرة جيشه على إحداث فروق عسكرية في أرض المعركة، إلى درجة أنه رفض صراحةً هدنة مؤقتة اقترحها نظيره الروسي فلاديمير بوتين لمدة 36 ساعة من أجل الاحتفال بعيد الميلاد.
زيلينسكي يرى في هذه الاستراحة الروسية مبرراً لوقف ما يصفه بالتقدم العسكري الأوكراني في إقليم الدونباس، وأنها -الهدنة- تصب في صالح موسكو بهدف استدعاء قوات وآليات عسكرية على خلفية مقتل حوالى 89 جندياً روسياً في منطقة ماكييفكا في مقاطعة دونيتسك شرقي أوكرانيا.
كييف استخدمت راجمة الصواريخ الأميركية "هيمارس" في استهداف الجنود الروس، وتزامن مع هذه المتغيرات العسكرية إعلان كل من الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا تزويد أوكرانيا مركبات عسكرية مدرعة من طراز "برادلي" و"ماردير".
الأهم من كل ذلك، إعلان الولايات المتحدة في وقت سابق تزويد أوكرانيا منظومة الدفاع الجوي "باتريوت" بهدف اعتراض الصواريخ الروسية لمنع قصف البنية التحتية الأوكرانية التي تأثرت كثيراً في أعقاب هذه الحرب.
حصول أوكرانيا أخيراً على أهم الأسلحة التي طلبتها من الولايات المتحدة الأميركية وحلف "الناتو"، يضع الحرب في مستوى آخر من القتال، خصوصاً وأن روسيا سبقت وأن لوّحت بالسلاح النووي في حال واصل الغرب تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا.
بالتأكيد سيشكل هذا العتاد العسكري الغربي إضافة مهمة للجيش الأوكراني، ومن المحتمل أن يربك ويستنزف القدرات العسكرية الروسية، لكن موسكو لن تتوقف عن إنهاء هذه الحرب على طريقتها، لأنها ترى فيها مسألة حياة أو موت.
موسكو التي استهدفت البنى التحتية الأوكرانية ودمرت مراكز الطاقة في العاصمة كييف، تحاول كسب هذه المعركة بأكثر من أداة، الأولى عسكرية تهدف إلى الزج بالمزيد من العناصر والخبرات المدربة وكذلك أسلحة متطورة ونوعية تحقق إنجازاً ملموساً على أرض المعركة.
الأداة الثانية متعلقة بدرجة صمود أوكرانيا في فصل الشتاء تحديداً ومع مواصلة استهداف بناها التحتية، وفي ظل غلاء أسعار الطاقة، إذ تحاول موسكو دفع الرأي العام الأوكراني للقبول بوقف الحرب والتفاوض على وقع الشروط الروسية، أو الدفع بحدوث انقلاب عسكري يطيح بالرئيس زيلينسكي.
ثالثاً: تحاول موسكو تخويف الغرب بالسلاح النووي، وجرى أكثر من مرة اختبار صواريخ فرط صوتية واستعراض أخرى باليستية وقادرة على حمل رؤوس نووية، بهدف جعل الدول الأوروبية تضغط باتجاه وقف الدعم العسكري والمادي لأوكرانيا وحثها على إنهاء الحرب.
رابعاً: تحت ضغط ارتفاع أسعار الطاقة وندرتها بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي، ومع موسم الشتاء البارد، قد لا يتحمل المواطن الأوروبي دفع هذا النوع من الثمن بسبب حرب لا تفيده في شيء سوى أنها تضره اقتصادياً، وبالتالي من الممكن أن تضغط الشعوب الأوروبية على زعمائها للدفع باتجاه إنهاء هذه الحرب.
حتى هذه اللحظة لا يلوح في الأفق سوى صوت المعركة، ومن المرجح أن تتصاعد حدة القتال بين الطرفين الروسي والأوكراني في الأيام المقبلة، ومن المحتمل أيضاً أن تستعجل واشنطن والدول الأوروبية إرسال المعدات العسكرية المطلوبة لمنع أي تقدم روسي في الحرب.
أما كل هذه المساعدات الأميركية والغربية المقدمة لأوكرانيا، فهي ليست من أجل "سواد عيونها"، وإنما هي مصلحة أميركية في الأساس، حتى تُحوّل روسيا الدولة القوية المنافسة في سلّم النظام الدولي من دب حقيقي إلى دب من ورق.