هارتس : حكومة بن غفير وسموتريتش تسعى لإعادة احتلال الضفة

تسفي-برئيل.jpeg
حجم الخط

بقلم: تسفي برئيل

 


تسعى حكومة إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش للعودة إلى أيام الاحتلال الأولى، ومحو بقايا اتفاقات أوسلو، وإلغاء وجود السلطة الفلسطينية، وتقسيم الضفة إلى مناطق أ وب وج، وإدارة منظومة التعليم والصرف الصحي والمياه والكهرباء للفلسطينيين، من خلال بلديات تقوم بتعيينها، وإعادة الخليل كله إلى تحت السيطرة الإسرائيلية المباشرة - ولاحقاً، ربما تعيين حكام عسكريين يُصدرون أذونات عبور وعمل ودراسة ورخص سيارات.
    بدأت الخطوط العريضة لهذه الخطة تتضح. العقوبات التي فرضتها الحكومة على السلطة، والتي تضمنت، من بين أمور أُخرى، تجميد تحويل 139 مليون شيكل تعود إلى السلطة، وتوجيهها إلى عائلات يهودية من ضحايا «الإرهاب»، بالإضافة إلى خصم المبالغ التي تحولها السلطة إلى عائلات الأسرى الفلسطينيين والمقاتلين الذين قُتلوا، هي فقط الخطوة الأولى. الهدف هو إيصال السلطة إلى حد العجز عن دفع الرواتب لموظفيها.
ويأمل سموتريتش وبن غفير بألا يبقى للسلطة خيار غير الاستقالة. من المفيد أن نتذكر أن أزمة دفع الرواتب في غزة كانت من بين الأسباب المركزية التي دفعت إلى المواجهات على طول السياج الحدودي في القطاع، والتي جرى حلّها جزئياً، بعد موافقة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على تحويل أموال المساعدة من قطر إلى «حماس».
سموتريتش وبن غفير، اللذان حصلا على حقوق إدارة «المناطق»، يقودان بسرعة إلى خلق واقع غزّي في الضفة. تسير الضفة اليوم على خيط رفيع مربوط بساحة من العبوات البشرية. هناك قرابة 100 ألف عامل فلسطيني من الضفة يعملون في إسرائيل، بالإضافة إلى آلاف من الذين يعملون من دون تراخيص. نحو 22% من الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر، البالغ 500 شيكل في الشهر، في مقابل 2811 شيكلاً في إسرائيل.
تُشغّل السلطة نحو 136 ألف موظف وشرطي، نصفهم في الضفة ونصفهم الآخر في غزة، وهؤلاء لم يقبضوا رواتب كاملة منذ أشهر طويلة، أو يقبضونها متأخرة. لقد فهمت حكومة بينت - لابيد جيداً الخطر الناجم عن أزمة اقتصادية في مناطق السلطة، وفي الماضي عقد لابيد جلسة خاصة للبحث في سبل مساعدة السلطة، من خلال زيادة تصاريح العمل، وجمع مساعدات من الخارج.
زاد وزير الدفاع السابق، بني غانتس، عدد تصاريح العمل، وقدم «قرضاً» بحوالي نصف مليار شيقل من أجل تمويل النفقات الجارية، ووافق على خطط محدودة للبناء. وبسبب ذلك، تعرّض لانتقادات اليمين، وخصوصاً من جانب بن غفير الذي قال: «اليساري بني غانتس يُلحق الضرر بأمن إسرائيل، من أجل إرضاء بايدن. وبدلاً من الحرص على مصلحة إسرائيل، يتصرف غانتس بضعف وعدم مسؤولية، ويسمي ذلك علاقات بانية للثقة. لا يمكن الوثوق بمن يدعو إلى تدمير إسرائيل، وعلى رأسهم أبو مازن الذي استضافه غانتس في منزله».
بن غفير، الذي يترأس ميليشيات خاصة مسؤولة عن الأمن في الضفة، وسموتريتش المسؤول عن الإدارة المدنية، لديهما خطة لاحتلال الضفة من جديد، لكن لا يوجد لديهما حلول للانتفاضة التي قد تندلع جرّاء عملية الكماشة التي يستخدمانها للضغط على السلطة. والحصيلة المباشرة لذلك وقف التنسيق الأمني مع السلطة. يسلّم محمود عباس مفاتيح السلطة، وسيضطر المواطنون الإسرائيليون إلى تمويل الخدمات المدنية للفلسطينيين.
وسيضطر الجيش إلى تحويل الجزء الأكبر من قواته للسيطرة على الضفة والقدس الشرقية، وستصبح عمليات الإغلاق المؤقتة جزءاً لا يتجزأ من الواقع، حتى يفرض في النهاية إغلاقاً كاملاً ودائماً، مثل الحصار المفروض على غزة. وسيكون هذا الجزء البسيط والسهل. الجزء الأقل سهولة، سيحدث عندما يكتشف المواطنون الإسرائيليون أنهم غير قادرين على السفر إلى أوروبا، وربما إلى أميركا، وأن البضائع الإسرائيلية لم يعد مرغوباً فيها في العالم، وأنهم يعيشون في قفص.

عن «هآرتس»