النظام السياسى والسلطة في أوسع معانيها يقصد به المؤسسات الرسمية المسؤولة عن إدارة الدولة وصنع السياسات العامة وتنفيذها.ويتسع المعنى ليشمل جميع الجهات والكيانات الفاعلة والمؤثرة في الواقع السياسى سواء كانت رسميه أو غير رسمسة.وبالمعنى الضيق يعنى السلطة التي تمارس من خلال مؤسسات وأجهزة والمسؤولة عن توزيع موارد الدولة بصورة إلزامية، ولذا يعرف النظام السياسى بالتوزيع السلطوى للقيم، وبمواجهة الحلول للمعضلات والمشاكل القائمة. والسلطة تتلخص في كلمتين وظيفة وقدرة على أدائها. وهذه الوظيفة تتراوح في صياغة الأهداف العامة وتنفيذها والمشاركة وتحقيق التعايش وضمان تنفيذ القانون وتوفير الحماية والتجنيد السياسى وتوفير فرص العمل ، وهذه الأهداف ما يمكن أن تتحقق بدون توفير القدرة . وقدرات النظام السياسى تتراوح بين القدرة الإستخرجية أو قدرة السلطة على إستخراج الموارد الطبيعية والإقتصادية والسيادة لإمتلاك الموارد الطبيعة الكامنة تحت الأرض أو فوقها وفرض الرسوم والضرائب وعقد الإتفاقات لتلقى المنح والقروض ، والقدرة التوزيعية اى توزيع الموارد على أقسام الإنفاق المختلفة من مدنية أو أمنية وعسكرية والتى تترجم بالموازنة العامة . والقدرة الثالثة الإستجابية أي قدرة السلطة على الإستجابة للحاجات والطلبات المتنامية والمتزايدة، ودائما سلم الإحتياجات في ارتفاع نحو الأعلى بحكم زيادة عدد السكان وبطبيعة الحاجات. والقدرة الرابعة القدرة على التكيف للتغيرات التي تلحق ببيئة النظام السياسى. وأخيرا القدرة الرمزية المتمثلة في الشعارات والخطاب الوطنى بهدف تعميق الإنتماء والولاء والدافاع عن السلطة والتضحية من اجل بقاء النظام السياسى من قبل المواطن ومن صورها ألإحتفالات الوطنية والمواكب العسكرية . هذه المقدمة الموجزه مهمه لفهم النظام السياسى السياسى الفلسطينى والذى قد تجسده السلطة القائمة. وهنا قبل مناقشة هذه القدرات والتداعيات المختلفة في ضوء تحكم إسرائيل في الموارد المالية لا بد من إيراد بعض الملاحظات:الملاحظة الأولى حالة الاحتلال الإسرائيلي الكامل للأرض والتحكم في الموارد الطبيعية كاملة . والملاحظة الثانية حالة الإنقسام السياسى ما بين حكومتين وسلطتين في الضفة وأخرى في غزه مما يعنى عدم قدرة السلطة على التحكم فى الموارد التى تقوم بها السلطة الأخرى في غزة مما يعنى تشتت للموارد وضعف القدرة المالية للسلطة. الملاحظة الثالثة الإزدواجية بين مؤسسات النظام السياسى التابعة لمنظمة التحرير والتابعة للسلطة وإنعكاس ذلك ان كل منها له ماليته ولخاصة وهو يعنى أيضا التشتت والتفتت في الموارد المالية وعدم خضوعها للرقابة المالية والتشريعية . والملاحظة الرابعة ان سلطة الإحتلال لا تمنع السلطة من ان تفرض رسومها وضرائبها على الإقليم المباشر تحت سيطرتها مما يجعل من الرسوم والضرائب مصدرا رئيسا للقدرات المالية.والملاحظة الأخرى تضخم الجهاز الإدارى وألأمنى والديبلوماسى والذى يشكل عبئا مالية ضخما يضعف من قدرات السلطة وهذا الجهاز يستقطع 300 مليون دولار في السنى لتلبية رواتب حوالى 250 ألف موظف. وبتطبيق قدرات النظام السياسى الخمسة المشار إليها أعلاه يمكن القول أولا،ضعف القدرات الإستخراجية للسلطة بشكل ملحوظ وهذا سببه الاحتلال من ناحية وعدم قدرتها على ممارسة كل سلطاتها على مواردها وإعتمادها على الرسوم والضرائب والقروض والمساعدات الخارجية .وأما القدرة التوزيعية فيلاحظ من قراءة أبواب الموازنة التخضم الوظيفى والإنفاق الأمني والديلوماسى والذى قد يأتى على حساب المشاريع التنموية الكبيرة . واما القدرة اللإستجابية فهى أيضا في حالة من التراجع لضعف القدرات الإستخراجية ومن صورها عدم القدرة على دفع الرواتب بشكل كامل ومنتظم. والتغاضى عن كثير من الإحتياجات الأخرى كالصحية وألإجتماعية والإستجابة لدفع رواتب الأسرى والشهداء المتزايده. أما القدرة التكيفية فهة أبعد ما تكون لتعقيدات البيئة السياسية الفلسطينية وكثرة متغيراتها الداخلية والخارجية، وألأخطر في هذه القدرات القدرة التنظيمية وعدم قدرة السلطة في فرض القانون أولا في قطاع غزه وتراجعه في الضفة الغربية كما في العلاقات مع جماعات المقاومة مما قد يدفع السلطة لإتخاذ مزيد من الإجراءات الأمنية المتشددة وأخيرا تبقى القدرة الرمزية وهى أيضا تعانى من حالة من عدم المصداقية والثقة بالسلطة وإنقسام الولاء والإنتماء وسيادة روح الإغتراب والروح الفضائلية . في سياق هذه الأوضاع الصعبة تأتى العقوبات الأخيرة التي فرضتها الحكومة الإسرائيلية الجديده بخصم 139 مليون شيكل ولأول مرة لتعويض المتضررين من الإسرائيليين بسبب عمليات فلسطينية وقبلها خصم 600 مليون شيكل مقابل لرواتب تدفعها السلطة للأسرى والشهداء. ولعل اكثر الإجراءات كارثية على أداء السلطة وقدراتها تحكم إسرائيل في المنطقة أ ومنطقة ألأغوار وحرمان السلطة من مواردها.والسؤال عن تداعيات هذه العقوبات. والتداعيات قد تتمثل في السيناريوهات التالية إنهيار كامل للسلطة لعدم قدرتها على أداء وظائفها وضعف قدراتها ومن ثم الذهاب نحو فكرة الوطن البديل الذى تريده إسرائيل، والسيناريو الثانى زيادة الرسوم والضرائب مما قد يدفع نحو الإنتفاضة الشعبية الداخلية مما قد يدفع السلطة إلى مزيد من الإجراءات الأمنية وهذا السيناريو يسير في نفس السيناريو ألأول والثالث التعويض بالدعم والمساعدات الخارجية حفظا على السلطة وأجهزتها وقدرتها على أداء وظيفتها ألأمنية بشقيها الداخلى وألإسرائيلى . ويبقى ان هناك تلاقى ومصلحة بين كل الفاعلين الإقليميين والدوليين على بقاء السلطة والقيام بوظائفها لقدرتها على ملء الفراغ بعد الرئيس، لذلك تبقى العقوبات المالية مقننة بهدف التحكم في السلطة والقيام بوظيفتها ألأمنية ،الحل لهذه المشكلة بإنهاء الإنقسام توحيد المصادر المالية وهذا امر مستبعد.ويبقى أمام السلطة خيار الإصلاح المالى وتقنيين وترشيد الإنفاق بكل أشكاله.