يعتبر حق تقرير المصير للشعوب الخاضعة للاحتلال، حقا مكفولا لكافة الأمم التي ابتليت بوجودها تحت الاستعمار. وهذا الحق لن يأتي إلا بالاستمرار في المقاومة حتى نيل الاستقلال أمام أبرز توتر خلال القرن الحالي وهو (الصراع الفلسطيني_ الاسرائيلي)، ومشروعية المقاومة موجودة في المنظمات والمواثيق الدولية مثل القانون الدولي وميثاق الأمم المُتحدة.
فمن حق الشعب الفلسطيني الدفاع الطبيعي عن نفسه، كما أكدته الجمعية العمومية للأمم المُتحدة في العديد من قراراتها بشأن شرعية نضال الشعوب الواقعة تحت الاحتلال من أجل تقرير مصيرها. وأدانت الحكومات التي لا تعترف بحق تقرير المصير ووجوب تطبيق الاتفاقيات الدولية لا سيما اتفاقيات جنيف الرابعة، ولعل أبرز هذه القرارات، القرار رقم "2852" الصادر عن الجمعية العمومية بتاريخ 1971 الذي دعا إلى" ضرورة وضع مبادئ تهدف إلى تعزيز حماية الأفراد الذين يناضلون ضد السيطرة الاستعمارية والاجنبية وضد الانظمة العنصرية" وضرورة تطوير القواعد المتعلقة بوضع المناضلين وحمايتهم ومعاملتهم معاملة انسانية إبان الصراعات المسلحة الدولية وغير الدولية". وقد أكدت الأمم المتحدة على شرعية كفاح الشعوب للحصول على استقلالها والتخلص من الاحتلال بكل الوسائل الممكنة بما فيها الكفاح المسلح.
وفي المؤتمر الدولي بشأن تطوير قواعد القانون الانساني المنعقد في جنيف عام 1976 والذي ترتب عليه الملحقين الاضافيين باتفاقيات جنيف الرابعة لعام 1977 حيث اعتبرت حروب التحرير بمثابة حروب دولية اذ جاء بالبروتوكول الاول ان حروب التحرير الوطني هي حروب مشروعة وعادلة، وهي حروب دولية تطبق بشأنها كافة القواعد التي اقرها القانون الدولي بشأن قوانين الحرب، كما ان حركات التحرر الوطني هي كيانات تُحارب لأجل حق تقرير المصير.
ومن حق الشعب الفلسطيني الدفاع الشرعي عن نفسه، كأهم مظاهر حق البقاء الذي تتمتع به الشعوب بالذات امام وجود حكومة يمينية متطرفة تريد الغاء الوجود الفلسطيني للسيطرة الكلية على الارض وشرعنة القوانين الاسرائيلية على مناطق الضفة بدءاً من المستوطنات الكبرى حتى اخذ الضفة بأكملها واقرار قانون الضم وهذا المشروع ساري في أجندة الاحتلال طالما ان مواجهة المشروع غير موجودة وطالما ان الدفاع الفلسطيني لا يوازي المشروع اليهودي الديني المغلف بروح الصيهونية.
لقد اعترف المجتمع الدولي بشرعية المقاومة من خلال إقرار مبدأ حق الدفاع الشرعي الذي نفذ الى دوائر القانون الدولي بعد النص عليه في ميثاق الامم المتحدة وان المقاومة الشعبية المسلحة هي عمليات يقوم بها عناصر وطنية من غير عناصر القوات المسلحة النظامية دفاعاً عن المصالح الوطنية ضد الاستعمار، سواء اكانت تلك العناصر تعمل في اطار تنظيم يخضع لاشراف سلطات القانون او كانت تعمل بناء على مبادرات فردية خاصة وفي ضوء الاعتراف بشرعية المقاومة. ويمكن اثبات شرعية هذه المقاومة من خلال ارتباطها بحق الدفاع الشرعي عن النفس وتأكيد شرعيتها كأداة لضمان احترام حقوق الانسان.
ان حق الدفاع الشرعي عن النفس في القانون المحلي هو الحق الذي يجيز لكل فرد يدافع عن نفسه وهذا مكفول في القانون الدولي، وكما ان شرعية المقاومة كأداة لضمان احترام حقوق الانسان حيث جاء القرار رقم "3070 " عام 1971 عن الجمعية العمومية للامم المتحدة، مؤكداً على شرعية اللجوء الى الكفاح بكافة الاشكال ضد الاستعمار. واكدت شرعية كفاح الشعوب من اجل التحرر من الاحتلال بالاضافة الى تقديم العون المادي والمعنوي ضمن المصلحة العامة واجندة التحرر وليس تقديم العون ضمن اجندات خارجية تعمل لصالح تلك الدول حين ما تقتضيه المصلحة الذاتية لهم.
ان مبدأ حق تقرير المصير هو حق كل امة في اختيار النظام السياسي والحضاري الذي تراه مناسبا لاحتياجاتها ولها الحق في الانفصال عن الدولة المحتلة المضطهدة لحقها الشرعي في التحرر.
ويعتبر حق تقرير المصير من المبادئ الحديثة وهو احد التدابير المناسبة لتعزيز السلم المحلي والاقليمي والدولي وهو حق قانوني مُلزم عند حرمان شعب من ممارسة حرياته وحقوقه الوطنية ولهذا الشعب حق المقاومة ضد الاحتلال بكل الوسائل. واكد القرار" 2625" من قبل الجمعية العامة للامم المتحدة، ان النضال مشروع ويتفق مع مبادئ القانون الدولي. كما اكد القرار ان اي محاولة للقضاء على النضال الوطني يتعارض مع احكام القانون الدولي ويشكل تهديدا للامن القومي.
وحق تقرير المصير من الحقوق المقررة في ميثاق الامم المتحدة ومن المبادئ المعترف بها في القانون الدولي المعاصر. وقد نص ميثاق الامم المتحدة على هذا الحق ضمن مقاصد المنظمة الدولية كما نصت المادة (55) والتي اكدت احترام المبدأ الذي يقضي بالمساواة بين الشعوب المضطهدة.
ولكن من المهم التفرقة بين المقاومة الوطنية وبين الارهاب، فالاخير اسلوب اجرامي من اقدم اساليب العنف واشدها قساوة حيث هدفه بث الرعب في نفوس الشعب والدولة المحتلة دون تحقيق الهدف الاسمى وهو تحرير الاوطان، فالارهاب ليس له سند قانوني او سياسي بعكس المقاومة الشرعية لها اسس قانونية وسياسية ووطنية.
من هنا فان مقاومة الشعب الفلسطيني مكفولة في القانون الدولي ضد الاستعمار في سبيل الحرية والاستقلال وهي تستهدف تحرير الارض من الاضطهاد والتمييز العنصري الذي يستنزف الموارد الطبيعية والبشرية، فتفعيل المقاومة بالطرق المشروعة بكافة اشكالها مكفولة في القانون الدولي والمواثيق والاعراف الدولية والسماوية.