بينما ينشغل الفلسطينيون في اعداد البيانات الاستنكارية وتحميل حكومة نتنياهو والمؤسسة العسكرية والامنية الاسرائيلية المسؤلية عن عمليات الاعدام الميداني بحق الفلسطينيين والتغول في استخدام القوة ومناشدة المجتمع الدولي بالتدخل والضغط على اسرائيل وطلبا بالحماية الدولية وعدم تضييع فرص ما وصفوه بفرص السلام .. ينشغل الاعلام الفلسطيني بنقل تصريحات هذا وذاك من مسؤلي الفصائل وقادتها .. ليتبين في المشهد حالة العجز والجمود والاخفاق في اتخاذ خيارات اخرى تكسر الجمود والترنح في الموقف .
اما المشهد الاخر فهو داخل دولة الاحتلال وفوز كتلة الائتلاف المتطرف الفاشية الجديدة بالاغلبية بقيادة نتنياهو زعيم الليكود بالاغلبية البرلمانية في الكنيست الاسرائيلي وحالة الانقسام الداخلي التي تضيف للانقسام العرقي فيما يسمي المجتمع الاسرائيلي انقساما اخر بين العلمانيين والمتطرفين التوراتيين واهدافهم في تحويل ما يسمي اسرائيل الي دولة دينية عقيدتها شعب الله المختار لدولة من النيل للفرات وهذا المنطق يتعارض مع النظرة العلمانية لكون اسرائيل في اعتقادهم وفي تحليلهم دولة ديموقراطية تلتزم بالقانون الدولي ومبادئ جينيف عام 1947 و 1949 وعدم التمييز في صفة المواطنة علما بان سكان يا يسمي اسرائيل ينتمون لاكثر من عرق وقومية ودولة وهناك التمايز الاقتصادي والثقافي والاجتماعي بين سكانها
الخلاف الان في اسرائيل حول خطة يقدمها وزير العدل الاسرائيلي تسمي (اصلاحات القضاء) مما يعتبره العلمانيين انقلاب علي ماهية الحكم في اسرائيل
برر المعارضين لفكرة الاصلاح القضائي , هي محاولة نتنياهو السيطرة علي المحكمة الدستورية العليا باضافة 7 افراد و 7 قضاة للثلاثة القائمين في مجلس المحمكة الدستورية العليا واخرين اتهمو نتنياهو بتقديم تلك الاصلاحات بتقويض النظام القضائي بتغيير التركيبة القضائية والسيطرة علي القضاء وانتهاء حقبة الفصل بين السلطات مما يعتبر تغيرا في جوهر نظام الحكم
نتنياهو ووزير العدل ياريف ليفن متهمان سابقا بالفساد وخيانة الامانة والتعديل المطلوب يعني حذف جملة الفساد (خيانة الامانة) وبالتالي ترفع جميع القضايا والتحقيقات الخاصة بهم ويضيف المعارضين بان هذا القانون يسيئ دوليا وانسانيا لاسرائيل
ولكن الابرز في هذا الموضوع تصريح رئيس المحكمة العليا السابق القاضي اهارون بارك بأن تقويض المحكمة العليا بداية نهاية (الهيكل الثالث) وهو مصطلح توراتي لوصف زوال اسرائيل الذي نوه عنه سابقا نتنياهو عندما قال ربما نستطيع من الوجود لاكتر من 70 عام وهنا في هذا المقال نستطيع ان نقدم تصريحات بعض النخب الاسرائيلية حول قانون الاصلاح
لقد صرحت القاضية استر حيوت في مؤتمر جمعية القانون بان قانون الاصلاح هو سلب الجهاز القضائي للادوات الرقابية علي السلطتين التشريعية والتنفيذية والدفاع عن الحريات وحقوق الانسان .
واهم تلك القوانين :
- اعتماد من خلال اغلبية (61)عضو "فقرة التغلب" السلطتين التشريعية والتنفيذية من تشريع قوانين تمس حقوق الانسان مثل الملكية والتظاهر والتعبير عن الرائ وحقوق الاقليات ومنظومة الملكية .
- تمنع "فقرة التغلب" المحكمة العليا من صلاحياتها في استخدام "امتحان المعقولية" لمراقبة التشريعات البرلمانية والقرارات والاوامر العسكرية والامنية ويسلب صلاحياتها من منع او حجب قرارات حكومية وبرلمانية .
- قانون الاصلاح بشكلة المعروض يمس قضية اختيار القضاة ومنحها للحزب الحاكم .
- تهدف الاصلاحات الي تغيير قانون الحصانة البرلمانية والوزراء بحيث يكونوا فوق القانون والغاء بند الاحتيال وخيانة الامانه في القانون الجنائي
- الاصلاحات قد تثبت رئيس حزب شاي اريه درعي كوزير للداخلية وهو مدان بملفات فساد
- سن قوانين بتوسيع الاستيطان وشرعنة البؤر الاستطانية وضم المنطقة c التي تمثل 60% من اراضي الضفة الغربية
- تخدم تلك الاصلاحات الاحزاب والتحالف الصهيوني الديني
- تهدف تلك الاصلاحات الي زيادة صلاحيات المحاكم الدينية اليهودية وتشريعات دينية توراتية ومحاصرة الاحزاب العلمانية .
اما علي الجانب الفلسطيني : ينتضر الفلسطينيون من تلك الحكومة التي وصفوها بالفصل العنصري كسياسة وبرنامج للنظام السياسي الاسرائيلي وبالتالي ستزداد حدة الانتهاكات وعمليات القتل والاعدام والقتصل للفلسطينيين وحصارهم وهو ما يتعارض مع سياسة الاتحاد الاوروبي وامريكا والمجتمع الدولي وبالتالي قد يتعرض فلسطينيو 43 الي خطر الترحيل الجغرافي الي مناطق السلطة وسحب الجنسية الاسرائيلة وزيادة عملية التهويد .
الفلسطينيون في موقف صعب بعدما انقشع الشك باليقين بان حكومة نتنياهو قد تكون اكثر حدة وعدم اعتراض ببقايا النظام السياسي الذي افرزته اتفاقية اوسلو علي الجانب الفلسطيني وقد تتوسع حكومة نتنياهو في مفهوم روابط المدن والحل الاقتصادي الامني ضمن مقاطعات جغرافية امنية ترتبط بوزارة الدفاع الاسرائيلية وليس بالمنسق لشؤون الضفة وغزة
الفلسطينيون منشغلون رغم قتل ابناؤهم في التحليلات والتهويلات والسيناريوهات المحتملة لخلافة الرئيس عباس الطاعن في السن ومتغيرات تحدث في المنظومة السياسية والادارية لمنظمة التحرير الفلسطينية بتعين حسين الشيخ امين سر للجنة التنفيذية وفي ظل ملاطشات ايضا وتسريبات وتسجيلات تطعن في محمود عباس تراة وفي حسين الشيخ تارة اخري في خريطة الصراع المحتملة بين الشيخ ورجوب والعالول والطيراوي وفرج مسؤل المخابرات وتقديم حسين الشيخ كرجل دولة اول في التحاور وفي استقبال الوفود الامريكية والاوروبية بينما الاسرائيليون منشغلون في صراعهم البيني علي منظومة الحكم وامهية النظام السياسي الاسرائيلي .
والسؤال هنا : هل يستطيع الفلسطينيون تعديل انفسهم وبرنامجهم وتجاوز صراعاتهم وفشلهم وجمودهم نحو برنامج يتناغم مع المطالب الوطنية للشعب الفلسطيني ومستفيدا من الانقسام الاسرائيلي ؟! (لا اعتقد) .