بقلم : د. رائد العبادلة
شهدت المحادثات بين إيران حول البرنامج النووي ودول ال5+1 إلي أتفاق ينهي أزمة النووي الإيراني المعقدة ،والتي أستمرت لأكثر من عقد من الزمان .الأتفاق يشير إلي تخلي إيران عن 98%من مخزون اليورانيوم ،وتفكيك أكثر من ثلثي أجهزة الطرد المركزي مع رفع العقوبات الدولية عن إيران بعد أطمئنان الوكالة الدولية للطاقة الذرية من ألتزامها بالأتفاق ،وأن تعود العقوبات خلال 65يوما إن عادت إيران إلي الأنشطة النووية غير السلمية .
فور إعلان فريديريكا مورغيريني مسئولة السياسة الخارجية في الأتحاد الأوروبي برفقة محمد جواد ظريف ،وزير الخارجية الإيراني عن وصول ماراثون المفاوضات إلي النهاية ظهرت موجة جديدة من التداعيات ،ولعل التداعيات ليست ماحدثت في يوليو العام الماضي ،وأنما ما سيحدث بعد رفع الحظر عليها وبعد أرسال وفد إلي إيران لتأكد من أن مختبر "أراك" تم أقفاله بالكامل ،وبموجب ذلك أعلنت الوكالة الدولية للطاقة مساء السبت إن إيران اتخذت كل الإجراءات النووية المطلوبة منها بموجب الأتفاق النووي الذي أبرمته مع القوي الغربية في تموز يوليو الماضي مما يمهد الطريق أمام رفع أو تخفيض العقوبات علي طهران .
تداعيات الأتفاق النووي علي الأراضي الفلسطينية :_
بمجرد الوصول إلي أتفاق إيراني مع الدول الكبري تلتزم موجب ذلك الدول الكبري من رفع العقوبات الأقتصادية عن إيران ،وهذا بدوره يدفع إيران للعب أدوار أكثر فاعلية في المنطقة ،ومع دخول المحادثات حول الاتفاق بدأت القوي الأقليمية في حجز أدوار لها ولعل القضية الفلسطينية هي من القضايا الهامة التي تحاول هذه القوي كسبها وتماثل الموقف الفلسطيني بأعلان حركة حماس ممثلة برئيس مكتبها السياسي خالد مشعل عن الوقوف بجانب السعودية وفي سياق أخر أعلنت الرئاسة الفلسطينية موقفها بجانب السعودية في الخلاف الدبلوماسي مع إيران وأنها ضد الأرهاب .
هذا الأصطفاف العربي الخليجي ضد إيران يضع العرب في تقارب مع إسرائيل والتي لم تعد العدو الأول للعرب ,و هذا ما يتناقض مع اولويات هذه الدول والتي سوف تحدد مستقبل الشراكة الفلسطينية القادمة في التشكيل لقوي الشرق الأوسط الجديد .
وجاء موقف حركة حماس بمقاطعة إيران بعد الاختلاف علي دعم إيران لنظام الأسد في الثورة السورية 2011 , وفي سياق أخر بدي في موقف السلطة الفلسطينية ممثلة بالرئيس الفلسطيني محمود عباس بعض اللين وترك الباب موارباً تجاه العلاقات مع إيران وهذا الموقف سيتشكل بناءاً علي الأولويات القادمة والمصالح للقوي الأقليمية علي الأجل القريب
،ومع نجاح الدول الكبري في كبح إيران بالتخلي عن حلمها بأمتلاك السلاح النووي هناك من يري أن هذا سيدفع المنطقة لمزيد من الأستقرار ،وعلي النقيض هناك طرف أخر يري أن التسابق علي امتلاك السلاح النووي قد انطلق بالفعل لكل من السعودية وتركيا وأن التسابق الحقيقي قائم علي أمتلاك السلاح التقليدي من صواريخ باليستية والغواصات وصواريخ بعيدة المدي . كذلك هناك تسابق علي لعب أدوار في قضايا المنطقة ،واللافت في الأمر أن الموقف العربي غير موحد ،وليس هناك أجماع علي الألتفاف حول السعودية فهناك تفوق إيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن كما وترتبط سلطنة عُمان وقطر بعلاقات جيدة مع إيران أضافة ألي أن الموقف المصري يتسم بالحيادية ،وذلك للمساعي الطموحة من قبل القيادة لشراكة قوي دولية واعدة مثل روسيا والصين .وبالتالي السعودية بحاجة ماسة الي تعزيز علاقاتها وأعادة صياغة لدورها العربي والأقليمي والاهتمام بقضايا عربية أضافة ألي الاهتمام بالقضية الفلسطينية ورعاية أنهاء الأنقسام ومساندة توجهاتها الدولية .
ختاما :_
كل التغيرات التي تحدث في المنطقة بداية من الثورات العربية وأنتهاءاً بالاتفاق النووي تصب في مصلحة إسرائيل ،ومع أن هذا الاتفاق سيأجل أمتلاك قوة أقليمية تتبني فكر الثورة الأسلامية ألا أنه عفّي أسرائيل ،وأمريكا من القيام بحرب قد لا تتحمل تبعاتها المنطقة ،وكذلك أضفْي هذا الأتفاق علي تحسين العلاقات العربية بإسرائيل ،وكذلك عودة الدفء للعلاقات الأسرائيلية التركية بعد أتفاق جينيف ،وعلي مستوي الملف المصري هناك خرق واضح لزيادة القوات المتواجدة للجيش المصري في شبة جزيرة سيناء وهذا ما يخالف اتفاق كامب ديفيد ولولا أن الدولتين لديهم تنسيق وأتصال وعلاقات طيبة لما سمحت إسرائيل بهذه الزيادة للقوات والعتاد في سيناء . التساءل المهم ؛ بعد أن يسكن هذا الغبار ما هو شكل إسرائيل الذي سوف تكون علية بالطبع سيختلف عن وضع إسرائيل 2010 . كل هذه التغيرات تضع النخب السياسية والقوي الفصائلية أمام فرصة تاريخية في ظل التغير الذي يشهده النسق الأقليمي والحاجة أصبحت ماسة للأصتفاف وأنهاء هذا الأنقسام وتبني رؤية فلسطينية موحدة قائمة علي البرغماتية مع التماشي مع القضايا العربية .