استضافت العاصمة المصرية القاهرة، الثلاثاء، قمة ثلاثية تضم الرئيس عبد الفتاح السيسى، العاهل الأردنى الملك عبد الله الثانى، الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبو مازن، وذلك لبحث آخر التطورات الراهنة فى الأراضى الفلسطينية المحتلة خاصة بعد تولى حكومة اليمين المتطرف برئاسة بنيامين نتنياهو لمهامها بشكل رسمى خلال الأسابيع الماضية.
تعد القمة الثلاثية بين قادة مصر والأردن وفلسطين هى الأولى خلال العام الجارى وتأتى فى توقيت هام للغاية مع تصاعد الجرائم التى يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلى فى الأراضى المحتلة، ما يتطلب دور عربى فاعل داعم لصمود أبناء الشعب الفلسطيني ضد الهجمة الصهيونية الشرسة التى يقودها وزراء فى حكومة نتنياهو.
ومن المتوقع أن يكون للقمة الثلاثية مخرجات هامة تدعم سبل دعم السلطة الفلسطينية للتصدى لجرائم الاحتلال الإسرائيلى، والتطرق لعدد من الملفات الهامة أبرزها سبل تحقيق اختراق فى عملية السلام وتفعيل المفاوضات بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، بالإضافة لسبل مواجهة الحصار المالى الإسرائيلى للسلطة الفلسطينية، فضلا عن ملف الحفاظ على الهدوء الراهن فى قطاع غزة.
واستشهد خلال الأسبوعين الماضيين 15 فلسطينيا بينهم 4 أطفال برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلى، وهو ما يشير إلى أن حكومة اليمين المتطرف برئاسة بنيامين نتنياهو تستخدم العنف والقتل المباشر لإرهاب أبناء الشعب الفلسطينى، والإحياء للداخل الإسرائيلى بأن حكومة نتنياهو قادرة على وقف العمليات الفدائية التى ينفذها الفلسطينيين خاصة فى الضفة الغربية والقدس.
حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية
أدت حكومة بنيامين نتنياهو اليمين القانونية نهاية ديسمبر الماضى كأكثر الحكومات الإسرائيلية تطرفا وتشددا خلال العقود الأخيرة، وتركز الحكومة الجديدة على توسيع المستوطنات فى الضفة الغربية المحتلة وسن قوانين وتشريعات تمكن الاحتلال من مصادر المزيد من الأراضى والمنازل الفلسطينية فى الضفة والقدس.
ويضم تحالف نتنياهو حزبى الصهيونية الدينية والقوة اليهودية اللذين يعارضان قيام دولة فلسطينية، وسبق أن حرض زعيما الحزبين، وكلاهما من المستوطنين بالضفة الغربية، ضد النظام القضائى الإسرائيلى والأقلية العربية.
حكومة نتانياهو تواصل عدوانها على الشعب الفلسطينى وتمعن فى جرائم الإعدام الميدانى والقتل المباشر وإصدار قرارات لجنود الاحتلال بإطلاق النار على الفلسطينى لقتله على الفور، وتعد هذه السياسة القديمة الحديثة التى تستخدمها حكومة نتنياهو أحد الأدوات التى تعتمد عليها لترهيب الفلسطينيين.
حصار السلطة الفلسطينية
تعانى القيادة الفلسطينية بشكل كبير فى ظل الحصار الذى تفرضه الحكومة الإسرائيلية المتطرفة التى تتبع سياسات متشددة وحاقدة على الوجود العربى بشكل عام، ما ينذر بتصعيد سياسى من قبل القيادة الفلسطينية فى ظل القطيعة التى يتبعها بنيامين نتنياهو مع الفلسطينيين حيث تركز هذه الحكومة على إضعاف السلطة الفلسطينية وإنهاء أى أمل للفلسطينيين بإقامة دولة لهم خلال الفترة المقبلة عبر سياسات تشمل ضم الضفة الغربية، سيطرة الاحتلال على مساحات جديدة وتنشيط الاستيطان، وضم العديد من المستوطنات غير الشرعية فى الضفة، ما يقوض فرص تفعيل عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين لأن هذا التحرك سيقضى على أى آمال لإقامة دولة فلسطينية فى المستقبل.
انتهاكات جيش الاحتلال فى الضفة الغربية والقدس
يصعد جيش الاحتلال الإسرائيلى ضد أبناء الشعب الفلسطينى سواء فى الضفة الغربية والقدس، وفى أول تحرك رسمى له بعد توليه منصب وزارة الأمن الإسرائيلى، قاد ايتمار بن غفير عملية اقتحام المسجد الأقصى المبارك فى الثالث من يناير الجارى.
تشكل الأوضاع فى الضفة الغربية أهم الملفات التى يعمل عليها بنيامين نتنياهو نتيجة حالة التوتر بمحاولة إظهار القوة والقدرة على السيطرة وتنفيذ عملية عسكرية فى جنين ونابلس، وذلك بعد انتقاده لسياسات الحكومة السابقة التى لجأت لسياسة فتح قنوات اتصال مع السلطة الفلسطينية.
وتسعى حكومة نتنياهو لسن قانون تنفيذ أحكام الإعدام ضد الفلسطينيين المنفذين للعمليات الفدائية، إخلاء خان الأحمر، تهويد الشيخ جراح، وتغيير الوضع القانونى فى القدس والاقصى وهو ما سيشكل توتر كبير، ومن أبرز الانتهاكات التى تمارسه سلطات الاحتلال حول الاستمرار فى الاستيطان وتعزيزه فى الضفة الغربية المحتلة كأحد التعهدات التى قدمتها حكومة اليمين المتطرفة خلال الحملات الانتخابية.
كان العاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى قد حذر من تجاوز الخطوط الحمراء فى القدس، من قبل متطرفين من كافة الجهات لإذكاء الصراع والعنف، مؤكدًا أن استغلال القدس لأغراض سياسية يمكن أن يخرج الأمور عن نطاق السيطرة بسرعة كبيرة، معربًا عن القلق من وجود تحديات تواجه الكنائس؛ إثر السياسات المفروضة على الأرض.
تفعيل عملية السلام
السياسات التى تعهدت به الصهيونية الدينية وتولى "بن غفير" وزارة الأمن القومى ووجود شخصيات يمنية متطرفة فى هذه الحكومة المتطرفة تعرقل أى جهد لتفعيل عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ما يدفع لتجاوز الخطوط الحمراء لدى الفلسطينيين وخاصة ما يتعلق بالقدس أو الأقصى، أو التضييق على الأسرى، مما يمكن أن يؤدى لتفجر الوضع وصدام بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال.
وتسعى القاهرة وعمان إلى تفعيل عملية السلام بالدعوة للجلوس على طاولة المفاوضات لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وهو ما يتطلب أن تتحمل الإدارة الأمريكية المسؤولية التاريخية للضغط على الاحتلال الإسرائيلى للقبول بالجلوس على طاولة المفاوضات وفق جدول زمنى محدد.
الحفاظ على الهدوء فى غزة
يمثل ملف الهدوء فى غزة أحد أبرز الملفات التى يتم التشاور حولها فى ظل استراتيجية العنف والقتل التى وضعتها حكومة بنيامين نتنياهو للتعاطى مع الفلسطينيين، وهو ما يهدد بإمكانية حدوث تصعيد عسكرى فى قطاع غزة حال معاناة حكومة اليمين المتطرف من أى ضغوطات داخلية تدفعها لاتخاذ قرارات هوجاء باللجوء للحرب فى غزة.
ونجحت الوساطة المصرية فى وقف إطلاق النار داخل قطاع غزة والحفاظ على حالة الهدوء وعدم اللجوء إلى خيار الحرب فى ظل المعاناة الإنسانية التى يعانى منها الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة خلال السنوات الماضية، فضلا عن الدور المصرى الكبير فى ملف المصالحة الوطنية وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني.