تغول ألأنا الشخصانية و الفصائلية!

تنزيل (4).jpg
حجم الخط

بقلم ناجى صادق شراب

 

 

 تشهد الحالة السياسية الفلسطينية ظاهرة غير مسبوقة تاريخيا وتتناقض ووحدانية الشخصية الفلسطينية وهويتها الواحدةوتغول الأنا الشخصانية والروح الفصائلية التي باتت متغلغلة
في كل مكونات الشخصية على مستواها المجتمعى والسيايى البنيوى وعلى المستوى الأيدولوجى والثقافى ، وعلى حساب المجتمع والشعب والقضية رغم أنها تتغطى بها.فأصبحت هذه الروح الفصائلية هي القيمة العليا للسلوك والناظمة له والحاكمة لسياساتها وقراراتها. وهى الهدف والغاية . وللآسف الشديد ومن أخطر تداعيات الأنا السياسية أنها إنتقلت إلى إنتماءات وولاءات المواطنة، وكما لنا تعددية فصائلية صار لنا لدينا تعددية مواطنية . وذلك بالولاء وألإنتماء والإحتماء بروح ألأنا الفصائلية . ولو سئل المواطن من أنت أولا لأجاب باسم الفصيل الذى ينتمى له.وتغول هذه الروح أصبح سمة غالبة ومسيطرة على النقاشات والحوارات والثقافة السياسية المعاصرة وهى التي تفسر لنا كيف تفكر هذه الفصائلية وما يصدر عنها من قرارات ومواقف سياسية.والتساؤلات هنا كثيرة لماذا ألأنا؟وهل هى ظاهرة متأصلة فى الشخصية والهوية والتاريخ الفلسطيني؟ وهل هي نتاج الحكم والسلطة؟ والسؤال الأهم تداعياتها على مستقبل القضية الفلسطينية ومقاربات التسوية؟بإستقراء التاريخ يمكن ان نجد جذور هذه الأنا السياسية في العائلية والعشائرية التي حكمت العمل الفلسطيني منذ عشرينات القرن الماضى ، وأرتبط النضال بالعائلة ولنا أسماء كثيرة .وبدات مع الستيناتن من القرن الماضى تظهر الفصائلية والإنقسامات الفلسطينية، ولعب هنا العامل الخارجي دورا مباشرا في تبنى ودعم الفصائل الفلسطينية والتي تحولت وتوقفت قوتها على تبنى ودعم دولة عربية لها، وبتنا نربط بين الفصيل والدولة العربية التي ينتمى لها.ومع بروز مظمة التحرير وبدلا من إنصهار هذه الروح الفصائلية تحولت المنظمة لكينونة سياسية حاضنة لها وبقدر الإنتماء والمشاركة فيها بقدر الحصول على الدعم والنصيب المالى اللازم لإستمرار هذه الفصائلية ، وساد نموذج الفصائلية بسيطرة وهيمنة الفصيل المسيطر ممثلا في فتح. وأستمرت هذه المرحلة وصولا لمرحلة التسوية السياسية وأوسلو وإنتقال العمل الفلسطيني إلى الداخل ولتبرز الفصائلية بشكل أقوى من خلال تفاعلها المباشر مع الشعب. وأخذت هذه الروح الفصائلية بعدا جديدا مع مرحلة مشاركة حماس وفوزها في الانتخابات وبداية الروح ،الفصائلية الدينية وإنقسام وتراوح العمل الفصائلى وتناثره ما بين فتح وحماس ، ولتزداد قوة التيار الدينى مع تنامى حركة الجهاد وزادت قوتها ببروز التيار الأخوانى وحاجته لقاعدة فصائلية فلسطينية قوية ،وحاجة إيران وتركيا أولا على هذا التيار . وهكذا إنتشرت وتمددت الفصائلية الفلسطينية لما بعد الحدود. والتطور الأخر الملموس ظهور هذه الروح في فصائل جديدة بالإنقسامات الداخلية ومثال ذلك الواضح الخلافات داخل حركة فتح.ولعل هذه الأنا تذكرنا بالتفكير والمبدأ الديكارتى أنا أفكر إذن أنا موجود مع الفارق في الغاية والهدف ،فالهدف الديكارتى كان القصد منه الإنتقال من التفكير الحيوانى إلى الإنسانى ، لكن على المستوى السياسى الفلسطيني انا الفصيل أنا موجود. ولا شك أن لهذه الأنانية تداعيات سياسية خطيرة على مستوى ومستقبل القضية ،وأبرز هذه التداعيات الخطيرة التحول والإنتقال من التفكيك السياسى للقضية الفلسطينية والذى تجسده اليوم حالة الإنقسام السياسي الذى لم يعد قاصرا على حماس وفتح بل هو الضابط لكل السلوك السياسى وإلى مرحلة تفكيك الشعب الفلسطيني وهى أعلى مراحل التخلص من القضية الفلسطينية. ومن التداعيات أيضا رهن القرار السياسي الفلسطينى لتأثير العامل الخارجي وتحوله لآداة ودور الوكالة في تحقيق سياسات الدول الأخرى ولو كان ذلك على حساب المصلحة الوطنية الفلسطينية ، وهذا قد يفسر لنا في جانب منه فشل كل حوارات المصالحة الفلسطينية لأن منطلقاتها فصائلية.وهذه الأنانية تذكرنا بقول فرعون: ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبل الرشاد.. هذا رغم أن موسي عليه السلام قدم كل الأدلة والبراهين التي تدحض هذه الأنانية . وهذا ما نراه اليوم كل متمسك بموقفه ورؤيته السياسية التي يريد أن يفرضها ولا يقبل بغيرها.ويبقى السؤال ما العلاج لهذه الروح ألأنانية ؟العلاج بتفعيل وتنمية روح نحن. من خلال إعادة بناء النظام السياسى عبر الانتخابات وتشكيل المؤسسات السياسية الشرعية ومن خلال التوافق على المرجعية الوطنية الواحده الملزمة وتبدل قاعدة الولاء الكل يحب الأدنى ، فلا ضرر في الولاء الأدنى طالما الحاكم والمنظم الولاء للقضية والشعب والرؤية الوطنية ، بذلك يكون لدينا ركيزتان للتخلص من ألأنا البناء المؤسساتى الناظم وليس البناء الشخصانى الفصائلى ، والركيزة الثانية المرجعية الوطنية العليا الملزمة للجميع. ومن خلال عمليات الإنصهار والإندماج بين الفصائل المختلفة.وبعملية تربية وتنشئة وطنية من خلال مناهج تعليمية وإعلامية وطنية.وبتحرر القرار الفصائلى من التأثيرات الخارجية .