على المجتمع الاسرائيلي بنخبه الفكرية والسياسية الآنية منها والاستراتيجية، الاعتراف ان اسرائيلهم لم تستطع القضاء على الشعب الفلسطيني او حتى الالتفاف عليه عبر مئة عام رغم التباين الهائل بين قوتها وضعفه، فيأتي مأفون آخر اسمه بن غفير معتقدا ان بإمكانه القضاء على الشعب الفلسطيني، بعد المأفونة غولدا مائير التي نفت ان يكون هناك شعب فلسطيني، والمأفون مناحيم بيغن الذي تساءل امام صحفي اميركي: اين هو هذا الشعب الفلسطيني الذي تتحدثون عنه؟، فأجابه الصحفي يوم ذاك : انظر من شباك مكتبك فتراه .
صحيح ان العلاقة بين طرفي صراع قوي وضعيف تنتهي بأن يفتك الاول بالثاني ، و لكن هذا يحدث في الغابة او باستخدام القنبلة الذرية او النووية ، كتلك التي استخدمتها اميركا على مدن اليابان في الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك لم ينته الشعب الياباني وتطلعاته القومية والانسانية في العيش حرا كريما . ولا حتى في الغابة استطاعت الاسود انهاء الظباء وبقية الحيوانات الضعيفة من آكلة العشب .
الالتفاف على الشعب الفلسطيني من خلال قيادته، هي الوسيلة الوحيدة التي تبقت امامكم، ولقد استخدمتموها عبر ما سمي باعلان المباديء في اوسلو ، واستنفذتموها بالكامل بعد انتخاب احزاب كهنوتية بالكاد تستطيع ايجاد موطيء قدم لها تحت شمس الكوكب، وعندما قتل مؤسسها وأبوها الروحي مائير كهانا قبل ما يزيد على ثلاثين سنة في أميركا، قال شمعون بيرس متشفيا: مات بالنيران التي أشعلها.
وبغض النظر عن قرار القيادة الاخير وقف التنسيق الامني من عدمه، فهي صحوة الشعب من سلام الوهم بين الذئب والخروف، الانفلات من عقال الالتفاف والتحايل التي طالت واستطالت حتى بلغت ثلاثين سنة، ولا تستطيع القيادة، اي قيادة ان تخادع نفسها أكثر من ذلك، حينها ستكون قيادة نفسها فقط، وستنظر حولها فلا تجد شعبها يلتف حولها، وهذا ما جعلها اليوم تقدم على قرارها الاخير وقف هذا التنسيق، والذي بلا شك سيتبعه قرارات استحقاقية أخرى، بغض النظر عن انه دخل حيز التنفيذ ام بقي مع وقف التنفيذ .
إن الشعب الفلسطيني بكل فئاته وطبقاته وأطيافه ، يذهب اليوم قصرا ودفعا نحو شفير الانتفاضة العارمة والشاملة،حيث لم يستطع هذا من الفصائل تفجيرها، ولا ذاك من لجمها او منعها ، بل بقيت ارهاصات وموجات وبعض من مخاضات لم تنجح في اشعال الفتيل بعد لأسباب تتعلق بالهشيم في شتاء سرعان ما تبدده المجزرة الجنينية او اي مجزرة قادمة .
عندما يحفر الصناديد نفق حريتهم بالملعقة ، فاعلم ان كل فلسطيني وفلسطينية ، بغض النظر عن موقعه ومكانته، مستعد لحفر نفقه بملعقته. وعندما يحمل فتية مراهقون في عمر الورد وصايا استشهادهم في جيوبهم بدلا من رسائل الحب و قصائد العشق ، فاعلم اننا على الشفير.