على الرغم من انشغال الإدارة الأمريكية بالحرب في أوكرانيا، إلا أنَّ الخشية قائمة من انفجار الأوضاع في الشرق الأوسط مع تصاعد الهجمة "الإسرائيلية" ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية حيث تضعف السيطرة الأمنية للسلطة الفلسطينية؛ نتيجة الاقتحامات المتكررة هناك. الأمر الذي تسبب في تصاعد المقاومة المسلحة للرد على مجازر إسرائيل؛ خاصةً في مدن شمال الضفة الغربية.
جولة وزير الخارجية الأمريكية إلى المنطقة، تبدأ اليوم الأحد، حيث ستشمل مصر و"إسرائيل" والضفة الغربية، في الوقت الذي يواصل مدير الاستخبارات المركزية "سي آي إيه" (CIA) وليام بيرنز، محادثاته لوقف التصعيد بين "الإسرائيليين" والفلسطينيين.
جويل روبن، نائب المساعد الأسبق لوزير الخارجية الأميركي، أوضح أنَّ مسألة وقف تصاعد العنف ستكون على رأس مباحثات بلينكن خلال زيارته التي تشمل تل أبيب ورام الله والقاهرة.
وأشار إلى أنَّ الزيارة تهدف -في الأصل- هدفها بحث تطوير العلاقات الأميركية مع "إسرائيل" ورؤية حكومة نتنياهو بشأن التعاطي مع الفلسطينيين ومع المنطقة.
زيارة بلينكن.. ستُحدد مناطق الحرائق في الأراضي الفلسطينية
بدوره، رأى المختص في الشأن الإسرائيلي، عليان الهندي، أنَّ "زيارة بلينكن إلى الأراضي الفلسطينية وإسرائيل، لن تختلف عن سابقاتها؛ لأنّها تأتي في سياق الإسرائيلي أكثر منه في السياق الفلسطيني، حيث هناك تصعيد إسرائيلي كبير مُنذ بداية الشهر أدى إلى سقوط حوالي 30 شهيداً في الضفة الغربية. الأمر الذي أجبر الإدارة الأمريكية على التحرك لإعادة الأمور إلى نصابها قبل الشهر الحالي".
وقال الهندي، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ الإدارة الأمريكية لم تأت من أجل إطفاء الحرائق؛ وإنّما لتحديد المناطق التي سيتم فيها الحرائق؛ وبالتالي التعويل على الزيارة ليست كبيراً، لأنّ الهدف منها محاولة فهم ماذا تريد "إسرائيل الجديدة" من الفلسطينيين ومن المجتمع الدولي".
وتوقع مع انتهاء زيارة بلينكن خلال الأيام القادمة،اتخاذ الحكومة الإسرائيلية مجموعة من القرارات المتعلقة بالضفة الغربية وغزّة، مُشيراً إلى أنَّ هذه القرارات سيكون لها أثر كبير في مجال الاستيطان وقمع تطلعات وجود الفلسطينيين في كثير من المناطق الفلسطينية.
لا اختراق في مسار المفاوضات
واستبعد أنَّ تؤدي زيارة بلينكن إلى اختراق في المسار الإسرائيلي - الفلسطيني؛ لأنّه لا توجد جدية ولا رغبة أمريكية بفرض منطق على إسرائيل يدفعها ليس للحل وإنّما للمفاوضات، وبالتالي الزيارة ليست مهمة ولا تاريخية، وإنّما لتهدئة الأمور وعدم اشتعالها وتحولها إلى انتفاضة شعبية في الضفة الغربية وقطاع غزّة.
وبيّن أنَّ القيادة الفلسطينية ليس لديها توقعات عالية بشأن الزيارة؛ لأنَّ الإدارة الأمريكية لديها رؤية أحادية الجانب في الضفة الغربية فهم يريدون توفير الأمن والتنسيق الأمني وفي ذات الوقت لا يُعيرون اهتماماً للأمن الفلسطيني، حيث يمكن قراءة ذلك من خلال ردود الفعل الأمريكية على عملية مستوطنة "النبي يعقوب" في القدس، عندما اتصل بايدن بنتنياهو وشجب العملية، في حين دوائر وزارة الخارجية الأمريكية لم تقم سوى بمطالبة الطرفين بضبط النفس والعودة للهدوء وما شابه ذلك.
وبالحديث عن ضغط الإدارة الأمريكية على حكومة نتنياهو اليمنية المتطرفة لوقف جنونها وجرائم الحرب التي ترتكبها ضد الفلسطينيين، قال: "إنَّ مشكلة الفلسطينيين هي مع دولة مجنونة وليس حكومة مجنونة، فهي تُحاول فرض ما تُريده بالقوة المسلحة، حيث تضع حوالي عشرة ألاف شرطي في القدس"، مُنوّهاً إلى عدم وجود عاصمة في العالم ينتشر عشرة آلاف شرطي في شوارعها.
وحذَّر من محاولات "إسرائيلية" لتطويع وتركيع الفلسطيين من خمسة إلى عشر سنوات على الأقل، من أجل أنّ تُمرر سياسات مختلفة هدفها الأساسي فرض الكنتونات على الفلسطينيين وتطبيق أحادي الجانب لحل نهائي للقضية الفلسطينية كمقدمة لخلق ظروف تؤهل الفلسطينيين للرحيل.
انهيار السلطة وضعفها سيؤدي لإضعاف حماس
وحول مستقبل السلطة في الحكومة اليمينية للاحتلال والضوء الأخضر الأمريكي لها، رأى الهندي، أنَّ "السياسة الإسرائيلية تدفع بشكل متسارع باتجاه إضعاف السلطة الفلسطينية، فالحكومة الإسرائيلية الحالية أكثر من نصفها يؤيد إزالة السلطة وخلق كنتونات والتعامل مع سياسيين في الكنتونات وليس سلطة تُمثل الكل الفلسطيني".
واعتقد أنَّ السلطة منذ العام 2005 حتى اليوم، تُعاني من ضعف وتراجع في مكانتها ليس فقط في صفوف الفلسطينيين، وإنّما حتى في المجتمع الدولي الذي بدأ يُدرك أنَّ "إسرائيل" لا تُريد حل ويجب البحث عن سياسيات أخرى لا يتجرأ بالحديث عنها في الوقت الحاضر؛ وبالتالي إذا ضعفت السلطة ووصلت لنوع من الحل أو الجمود، سيكون هناك فترة انتقالية بروز شيء جديد يتعلق بالفلسطينيين.
وأردف: "ضعف السلطة أو انهيارها في الضفة لا يعني أنَّ السلطة في غزّة ستزداد قوة، فقطاع غزّة سيبحث بعيداً عن الكهرباء والماء والدواء أكثر من القضايا السياسية والوطنية".
وختم الهندي حديثه، بالقول: "إنَّ سياسية الكوبانة أو دولة الكوبانة في غزّة ستتوسع وستشمل فئات أكثر من الحاضر وربما ستزداد الأمور صعوبة ستؤدي في نهاية المطاف إلى "انهيار حماس"، لأنّها لا تستطيع أنّ تُلبي احتياجات 2 مليون و300 ألف، من دون أنّ تُقدم لهم الخدمات، لأنَّ الأمن لا يكفى لحكم الناس، وبالتالي انهيار وإضعاف السلطة سيؤدي إلى إضعاف حماس".