يصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم الاثنين إلى إسرائيل، لإجراء محادثات مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وأخرى مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. لكن محادثاته وزيارته لن تسفران عن نتائج فعلية حقيقية لجهة لجم حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بقدر ما ستكون قادرة على ضبط إيقاع الرد الفلسطيني على مجزرة جنين.
لا تأتي الزيارة ردا على المجزرة، أو على مواصلة العدوان الإسرائيلي المتواصل على جنين ونابلس منذ آذار/ مارس من العام الماضي. فقد كانت الزيارة محددة منذ وقت طويل، وسبقتها كما بات معلوما زيارتان لكل من مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، الأسبوع الماضي، ورئيس وكالة المخابرات المركزية الأميركية، وليام بيرنز، الذي وصل إلى إسرائيل، الخميس، بعد ساعات من المجزرة، لكن الزيارة كانت مقررة هي الأخرى ضمن جولة إلى المنطقة التقى خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ويبدو أن الهدف الرئيسي لزيارة بلينكن، وإن جاءت بعد المجزرة، هو محاولة أميركية لضبط سياسات رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، المتعلقة أولا بملف الحرب الأوكرانية، والملف الإيراني، ثم التغييرات القانونية والقضائية المقترحة في النظام الإسرائيلي، من جهة، وضبط النشاط الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما لا يحرج الولايات المتحدة أمام أصدقائها العرب، من جهة أخرى.
ومن الواضح أن هذه الزيارة لا تحمل أي بوادر أو "بشائر" لضغط أميركي حقيقي وفاعل على إسرائيل، لجهة إطلاق مبادرة تمنح صدقية للتصريحات الأميركية المتكررة بشأن خيار "حل الدولتين". ويمكننا أن نتوقع من اليوم، التصريحات القادمة لبلينكن سواء في تل أبيب أو في رام الله، وهي لن تتعدى إبداء التعاطف مع الفلسطينيين الرازحين تحت الاحتلال، ومعسول الكلام حول حقهم بالعيش بحرية، مقابل التزام راسخ وفعلي بأمن إسرائيل ووجودها باعتباره ترجمة لما تتغنى به دولة الاحتلال والإدارات الأميركية المتعاقبة من "قيم ليبرالية وإنسانية مشتركة".
من الواضح أن بلينكن، لن يتردد في الضغط بشكل مكثف على السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، للتراجع عن قرار وقف التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال. وقد يحذر بلينكن السلطة الفلسطينية ورئيسها من تبعات "خطيرة" و"وخيمة" جراء تطبيق هذا القرار على أرض الواقع. في المقابل، قد يكرر بلينكن التلويح بإعادة فتح قنصلية أميركية مستقلة للفلسطينيين في القدس المحتلة، وضخ مساعدات مالية تخفف من ضائقتها المالية وتحول دون انهيارها. عن "عرب ٤٨"