منذ ان اجتاحت قوات الاحتلال جنين اوقفت السلطة التنسيق الامني و اعلنت الحداد وتنكيس الاعلام لمدة ثلاثة ايام في حين ان قناعة الاحتلال بأن السلطة وضعت نفسها في اضيق الطرق واضيق الحسابات ومستقبل مجهول ان لم تبحث في اعتقادي عن بديل عن وضع السلطة الوظيفي وواقعها وبرامجها .
تصاعدت الاحداث وتعدت المواجهات بين الاحتلال و المقاومة في جنين و نابلس وطول كرم والمخيمات الفلسطينية فامتدت الى ساحة الاشتباكات المباشرة من نقطة الصفر تقريبا في شوارع القدس وضواحيها ، يذكرنا بالعمليات التي تمت في شارع زيدنكوف في تل ابيب و عمليات اخرى ولكن في هذه المرة كان الرد سريعا وبعمليات فردية غير محسوبة على فصيل ما و في اعتقادي ايضا ان الوضع في الضفة الغربية لن يعود الى وضعه السابق وان امكانيات السلطة على السيطرة على ما يسمونه الفوضى والفلتان والخروج عن اتفاقيات مبرمة امنيا مع الاحتلال ليس بالسهل حيث تسعى جميع الاطراف بعدم الاشتباك بين المقاومة واجهزة السلطة في حين ان اجهزة السلطة تقوم باعتقالات بما يستوجبه دورها الوظيفي وما هو مطلوب منها من حالة استقرار تنفيذا للاتفاقيات الامنية ونبذ الارهاب ، اما البعد الاخر فهو المحافظة على وجودها امام الدول الاقليمية كمتحدثة باسم الشعب الفلسطيني وسلطات تنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والحيد للشعب الفلسطيني كما يريدونها في تسمياتهم بدون الرجوع الى تنشيط تلك المنظمة واعادة شرعية قيادتها كما هو حال السلطة ايضا .
عمليتان تمتا مباشرة بعد عدة ساعات من مذبحة جنين و اقتحامها قلبت الاوضاع الامنية في داخل الارض المحتلة واشغلت حكومة الفاشية الجديدة ووضعتها في موقف صعب امام القوى المعتدلة في اسرائيل كما يحلو تسميتهم و من ناحية اخرى امام المتطرفين الدينيين الذين طالبوا بالانتقام ووصف تلك الحكومة بالتراجع عن اهدافها في حين كانت قرارات الكابينيت لم تلبي طموحات المستوطنين عسكريا و امنيا بل اتخذت قرارات مثل اغلاق المنازل والهدم وتسليح المستوطنين وكان تصريح ناتنياهو هو استجابة للضغط الامريكي والاوروبي بعدم التصعيد وبالمقابل التزمت غزة بالتهدئة وعدم الرد وفضلت ان يتم التعامل مع تلك الحكومة الفاشية من داخل الضفة الغربية والقدس ومنعا لحملة عسكرية كبرى قد تقوم بها اسرائيل لتبييض وجهها امام المستوطنين بهجوم واسع على غزة رغم ان هذا الاحتمال مازال واردا .
المهم هنا العمليتين اللتين تمتا في القدس لاقت استنكارا من امريكا واوروبا وبعض دول عربية اما موقف السلطة فقد حمل الاحتلال مسؤولية التصعيد وهذا ماجاء في خطاب عباس امام بلينكن و ان لا يمكن ان يقبل الشعب الفلسطيني بأن يسستمر الاحتلال على اراضي 67 اي الدولة الواحدة اما وزير خارجية امريكا الذي سبقه في الزيارة مدير السي اي ايه و مدراء الامن في الاردن ومصر و اجتماعهما مع قيادة السلطة الامنية والسياسية قد مارسا الضغط على السلطة لتخفيف اللهجة مع وزير الخارجية والتراجع التدريجي عن قرار السلطة بوقف التنسيق الامني حيث ان وهذا للعلم اوقفت التنسيق الامني 63 مرة ثم تراجعت وبشكل سريع فالسلطة ليست قادرة على وقف هذا التنسيق وفيما كان في السابق اعتبرته مقدسا فاسرائيل لديها ايضا قدرة التنسيق المدني والعمال والعمل وبالتالي السلطة باستعجالها بوقف التنسيق الامني وبدون وضع بدائل سريعة وجادة في وضع او تغيير للدور الوظيفي للسلطة وظيفيا وشعبيا وتعبويا فإن السلطة قد تقع في شر اعمالها كما تصفه اسرائيل بأنها حكمت عليها بالفناء ووضع بدائل لها ولقيادتها ولان اسرائيل تمتلك اكثر من 90% من اوراق التغيير في السلطة كدولة محتلة بالاضافة الى مؤيديها في اوروبا وامريكا .
المهم هنا ان لقاء بلينكن في زيارته الثلاثية القاهرة تل ابيب رام الله ابتعدت عن الحوار فيا لقضايا السياسية بل عكست زيارته موقف امريكا واوروبا كما صرحت وزارات خارجيتهم بإعادة التهدئة بين الضفة واسرائيل واعادة الامل في "الحوار" وليس التفاوض سياسيا على مستقبل حل الدولتين في حين وعد بلينكن بإعادة دراسة فتح القنصلية في القدس بل في اعتقادي كان من الاهم لمدير الامن الامريكي والخارجية الامريكية هو ما يرتب بين اسرائيل وامريكا بخصوص ايران والبرنامج النووي الايراني والمطلوب التهدئة على الساحة الفلسطينية والاسرائيلية اي ساحة الصراع ،على المستوى السياسي لم تثمر زيارة بلينكن للمنطقة عن اي امل جديد في التفاوض من اجل احياء حل الدولتين في حين ركزت ادارة بايدن على برنامج اوباما الداعم لحل الدولتين وهوالانسب لامن اسرائيل بدون اتخاذ خطوات عملية في الضغط على اسرائيل لوقف التوسع الاستيطاني او تفكيك المستوطنات في الضفة بل ركز على "البؤر الاستيطانية" ، اما العائد المادى فلم تحظى السلطة منه بشء فأمريكا قد زادت منحتها لوكالة الاونروا ب 50 مليون وهي ادارة دولية بعيدة عن دوائر السلطة .
اذا زيارة بلينكن التي كانت مقررة سابقا قبل الاحداث ومدير المخابرات للسي اي ايه كانت بخصوص الحوار والتفاهمات ووضع الخطط لمواجهة البرنامج النووي الايراني وزيارة قادة العسكرية الاسرائيلية لامريكا لوضع ترتيبان ما للحد من توجهات ايران ولم تكن القضية الفلسطينية في الحسبان الا انه المطلوب التهدئة الان للتفرغ لمواجهة ايران حيث ان الموقف الامريكي حدث به تراجعات تخدم السياسة الاسرائيلية برفضها العودة التفاوض مع ايرام لاحياء الاتفاقيات السابقة .
اذا على الفلسطينيين ان لا يشغلوا انفسهم بالضغط الامريكي والاقليمي فالامور في الضفة لن تعود لسابقتها وتخطئ السلطة ان وضعت نفسها اجرائيا وعمليا في مواجهة المقاومة في داخل الضفة الغربية وهذا ماتريده اسرائيل وامريكا .