شعور غامر لا يمكن وصفه بالكلمات، يُضفي على الحياة لوناً ومعنًى آخر، يصعد بنا إلى أعالي السماء، ويحط بنا إلى أدنى مستويات الأمان.. نوجه أصابع الاتهام إلى القلب، بأنه أعمى، غير قادر على إبصار ورؤية عيوب المحبوب والتفكر فيها بحيادية واتزان، ولكنّ للعلم رأياً آخر.
المتعارف عليه أن القلب هو المسؤول عن الحب، ولكن من الناحية العلمية؛ فإن العقل مسؤول عن الحب.. ولكن أين يوجد الحب في العقل؟ وماذا يفعل الحب في العقل والجسد؟
الحب ليس أعمى بل يرى أكثر
“الحب ليس أعمى، إنه يرى أكثر وليس أقل، ولكن لأنه يرى المزيد؛ فهو على استعداد لرؤية أقل، بمعنى أنه عندما نقع في الحب، نرى ذلك الشخص الآخر بطريقة لم نقم بها من قبلُ، نحن نعتز به ونعتني به بما يتجاوز المعايير العادية؛ لذلك على الرغم من أننا في حالة حب ونراهم بشكل أوضح؛ فإننا نميل أيضاً إلى تجاهل بعض السلوكيات والأفعال التي قد تزعجنا في وقت من الأوقات.
عندما نقع في الحب، يتغير مفهومنا عن هذا الشخص، ويبدو أن الأشياء السلبية التي نشهدها تتلاشى، نتيجة لذلك، نميل إلى إنشاء صورة مثالية لمن نحبهم، ونجعلهم يحظَون باحترام أكبر من أيّ شخص آخر، كما لو أنهم لا يستطيعون ارتكاب أيّ خطأ؛ مما يسمح لنا بالوقوع في حب الصورة المثالية لذلك الشخص أكثر من حب الإنسان الحقيقي المعيب وغير الكامل.
أن مَن يعيشون بقصص حب كبيرة وعنيفة “أضاءت” بعض مناطق محددة في الدماغ، كانت تلك هي الجذع الإنسي والقشرة الحزامية الأمامية وأجزاء من المخطط الظهري.. وهناك أيضاً بعض مناطق الدماغ قد بدت معطلة، وشملت هذه أجزاء من قشرة الفص الجبهي الأيمن والقشرة الجدارية الثنائية والقشرة الصدغية؛ حيث ترتفع لديهم نسبة تدفق الدم في المخ أثناء النظر إلى صور أحبائهم في نفس المناطق الأربع، التي يحفزها تعاطي المخدرات، وشبّهت دراسةٌ تأثيرَ الحب على المناطق المسئولة عن الذاكرة والتركيز في المخ، بحالات الكسل والخمول التي تصيب تلك المناطق في حالة تعاطي المخدرات.
الوقوع في الحب يؤثر على دوائر في المخ
وأكد الخبراء أن الوقوع فى الحب يؤثر بالفعل على دوائر رئيسية في المخ، وأن الدوائر العصبية التي ترتبط بشكل طبيعي بالتقييم الاجتماعي للأشخاص، تتوقف عن العمل عندما يقع الإنسان في الحب، وذلك يؤكد أسباب تغاضي بعض الأشخاص عن أخطاء مَن يحبون، وأن الحب له تأثير غريب على الجسم.
وأوضح أن الحب الرومانسي ينشّط مناطق الدماغ التي تحتوي على تركيزات عالية من مادة الدوبامين، وهي عبارة عن مادة كيميائية تعمل كهرمون وناقل عصبي، وترتبط بالمكافأة والرغبة.
وأضاف، أنه عندما ترتفع مستويات الدوبامين، تنخفض مستويات مادة كيميائية أخرى بالدماغ، تُدعى السيروتونين، المؤثرة على الشهية والمزاج.
وكشف عن حقيقة علمية أخرى، أن الشعور الجارف بالحب، يؤدي إلى تعطيل منطقة صغيرة في الدماغ، تسمى اللوزة، والمسؤولة عن تنسيق استجابات الخوف، وإبقاء البشر آمنين في المواقف الخطرة.
وبالفعل، أثبتت الدراسات الحديثة، أن مرآة الحب عمياء، وهذا الأمر أشارت إليه دراسة بريطانية حديثة لجامعة يونيفرستي كولدج بلندن، وتوصلوا إلى أن هناك مناطق من المخ، تتوقف عن العمل عند التطلع إلى المحبين؛ موضحين أن هذه الأجزاء من المخ، تمثل النظام المسئول عن التقديرات السلبية وإبراز العيوب وتوجيه النقد لمن نحب من الأشخاص.